الرئيسيةيوميات مواطن

“محمد وفائي” هَرب من ويلات الحرب فوَقع بمزاجية تطبيق القانون

سيارة الأجرة الحلبية تعتدي على المظهر العام في “طرطوس”، وتسيء لسمعة السياحة فيها

سناك سوري- نورس علي

بعد ست سنوات في خدمة الزبائن، والعمل بكرامة، تحولت سيارة المواطن النازح “محمد مروان وفائي” إلى آلية مخالفة للقانون، ويجب الحجر عليها، وعدم السماح لها بالحركة، لأنها مجرثمة، ودخلت بطريقة غير نظامية، ولا تستطيع العمل في شوارع “طرطوس” السياحية، حتى لا يقشعر من رؤيتها جسم السائح، ومن منظرها المعيب، فلا تستفيد من جيوبه خزائن الدوائر الحكومية، والمنتجعات الجميلة.

ولم يكن “وفائي” يعلم قبل ذلك أن ويلات الحرب ستلاحقه وتقض مضاجع حياته البسيطة مع أولاده الخمسة حتى في أكثر محافظة سورية أماناً، فهو يبحث عن كفاف يومه بنشاط الشباب رغم سنواته الخمسين، لأنه لا يريد أن يكون جزءاً من عبثية مخيمات اللجوء الحدودية.

فهو يخرج لعمله كسائق تكسي عمومي منذ ساعات الصباح الأولى، لأن أكوام اللحم خلفه ستنهش لحمه أو تجد لله سبيلا، إن لم تجد ما تأكله كل يوم، فهو مدرك تماماً أن مصيرهم التسول في حال قصّر بحقهم.

اقرأ أيضاً طرطوس.. لجنة من 3 وزراء للتحقيق في تهرب ضريبي لمستثمر “إنترادوس”

قصته المحزنة جعلت سناك سوري يحاول مرات عدة التواصل معه عبر جواله الصغير، الذي هشم الفقر شاشته، إلا أن الأمر تعثر لعدم قدرته على الرد من خلاله، فكانت الصدفة خير لقاء، ليبوح لنا ظلم أدمع عيونه، فغص قلبه بحرقة تشبه غصة الموت، لأن مصدر رزقه الوحيد ذات النمرة الحلبية تحجز كلما تجول بها باحثاً عن لقمة عيشه في مدينة “طرطوس”، بحجة عدم صحة دخولها للمدينة قانونياً.

فمن حوالي الشهر حجزت سيارته لأول مرة من قبل “شرطة المرور”، ونظم بحقه ضبط بقيمة ثلاثة آلاف ليرة، ودفع عدة آلاف أيضاً رسوم منامة السيارة في كراج الحجز لعدة أيام، (خمس نجوم تبارك الله)، وبعد عدة أسابيع حجزت للمرة الثانية بذات الحجة، وكتب بحقه ذات الضبط، وكأن الدنيا مصرة على تحطيم رأسه الأشيب، الذي تورم نتيجة الضرب المبرح خلال عملية سرقة تعرض لها عند عودته لمنزله في “بصيرة”.

في حّيه بمدينة حلب “قاضي عسكر”، كان يعمل كقصاب، فعاش حياة رغيدة، منزل وسيارة ومال وفير، تركها خلفه وحمل معه ذكريات جميلة للعيش في “طرطوس” رافضاً أن يترك وطناً يسند ظهره إليه إن تعب أو أصابه العجز. (محكوم بالأمل، رغم قلة الحيلة).

حاول الوصول إلى حل للعمل بسيارته ضمن المدينة، إلا أن الأنظمة والقوانين وقفت ضده، وهنا تساءل: «ألا يوجد استثناءات وأنا الهارب من ويلات الحرب، والفاقد لأحد أبنائي بسببها. ألا يحق لي ما يحق لغيري العمل بروح القانون، والعيش بكرامة».

سنوات ست وهو يجول حارات المدينة بسيارته، مقدماً خدماته المأجورة، علها تكفيه وأولاده التسول، علماً أن الأمر يتوقف على مزاج الشرطي، فيوم يسمح له بالعمل ويوم لا، وهنا عليه أن يدرك هذا المزاج ويقدر تصرفاته، لكنه دائماً يقع بقله خبرته لتقدير المزاج.

تريد الحكومة من أهالي “حلب” العودة إليها لكنها لاتوفر لهم أدنى ظروف العودة يقول النازحون، الذين يطالبون الحكومة أن تقوم بواجبها تجاههم من خدمات ومقومات معيشة في “حلب” ويعدونها بأنهم لن يعيشوا بعيداً عن مدينتهم يوما ًواحداً.

اقرأ أيضاً إخلاء قسري وتهديد بالهدم لسكان العقار “12030” في طرطوس

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى