سأقطف تفاحة من على شجرة في الجولان المحتل يوماً

مستر “ترامب”.. توقيعك لن يسقط حقنا في جولاننا
سناك سوري – سناء علي
لا أزال أذكر كيف كنت أرسم في مخيلتي مسار رحلة، طالما رادوتني كطالبة في المدرسة وبعدها في المرحلة الجامعية، على غرار الرحلات التي كانت تثير في أنفسنا نحن الذين كنا مقبلين على الحياة آنذاك، شلالاً لا ينتهي من الطاقة والحيوية.
كنت أتخيل الرحلة بنفس تفاصيل رحلاتنا السابقة، بنفس باصاتها “القديمة”، وضجيجها الجميل، ومواعيدها الربيعية، مع اختلاف في مسارها، فلم أكن أتخيلها باتجاه سد الفرات، أو قلعة “الحصن”، أو معلولا، أو “رأس البسيط” أو “تدمر” أو غيرها من الأماكن الكثيرة التي تستحق الزيارة، والتي انتابني الندم كثيراً فيما بعد على عدم زيارتها قبل أن تسبقني الحرب إليها، كانت مخيلتي تقودني إلى هناك إلى “الجولان”.
لطالما اعتقدت أني سأشهد ذلك اليوم الذي أقفز فيه مع زملائي بين جنبات الحقول، لنقطف تفاحة جولانية من على شجرة هناك، كما كنا نفعل في أيام مراهقتنا، وأننا سنذهب في عيد الأم لنرى الأولاد يعانقون أمهاتهم وجهاً لوجه، بعيداً عن مكبرات الصوت، لم يفارقني ذلك اليقين يوماً، وأنا أشاهد تلك الجموع على جانبي الشريط الشائك يمنع الأجساد من اللقاء، ولكنه لم يستطع منع قوانين الفيزياء من الجريان، حيث تنقل ذرات الهواء موجات الصوت بين الولد وأمه، فيما تجتاحنا نحن الجالسون على شاشات التلفزة موجات متضاربة من الغضب والحب والكرامة واليقين بأننا عائدون، بقوة قانون الحق.
ليس الجولان مرتفعات من الناحية الجغرافية وحسب، لطالما كانت قضية الجولان المحتل مرتفعة في عيون السوريين وقلوبهم، في منسوب كرامتهم، ليس من باب السياسة فقط على أهميتها، بل من باب الحق، الذي دفع بجولاني للاحتفاظ بمفتاح داره بعد 50 سنة، ودفع بآلاف من أهل الجولان إلى رفض المشاركة بانتخابات الاحتلال المفروضة عليهم، وكثيرون منهم ربما خلق وهذا الاحتلال جاثم على صدره، لم يغير تقادم الزمن في هويتهم، حتى يأتي أحد ما يقرر في لحظة ما من سيسود تلك الأرض.
حتى لو لم نستطع الذهاب برحلة ربيعية إلى تلك القطعة من أرضنا، لكننا لن نتخلى عن هذا الحق لأولادنا، كما لم يتخلَ أسلافنا عن أمتار قليلة من أرض الجولان.
اقرأ أيضاً: “سوري من الجولان” يحتفظ بمفتاح منزله منذ نصف قرن…”أنا عائد”