محمد صادق حديد واسماعيل زينو.. الموهبة الموروثة شعراً وغناءً في سلمية
حديد ورث عزف الربابة والغناء عن والده.. وزينو نظم الشعر كحال أبيه
ورث الشيخ “اسماعيل زينو” كتابة الشعر عن والده الراحل “علي”، كما فعل “محمد حديد” الذي ورث الغناء وعشق الربابة عن والده “صادق”. واستمرّا بنشر تراث غنائي دائم الالتصاق بمسقط رأسهم مدينة “سلمية”.
سناك سوري _ ناديا المير محمود
لم يكن مفهوم الوراثة في عقليتهم مادياً، فأنين الربابة كان أحب إلى قلب “محمد”، والتلاعب بمفردات اللغة العربية أكثر جمالاً في تفكير “اسماعيل”. حيث لم تفلح الظروف بمرور السنين على محو أثرهما حتى بعد رحيلهم.
محمد صادق حديد.. ورث حب الربابة والغناء عن أبيه
شهدت قرية “بري الشرقي” بمدينة “سلمية” ولادة “محمد حديد” عام 1938، الذي كبُرَ على صوت أبيه. وورث عنه بحة الصوت وحسن عزف الربابة. وعندما تبحّر بالمجال أطربَ محبي اللون الشعبي والعتابا بباقة من الأغاني، إلى حين وفاته عام 2007.
عمل “محمد صادق حديد” ابن مدينة “سلمية”، كشرطي في “دمشق”، وخلال خدمته نهاية ستينات القرن الفائت غنّى في إذاعة دمشق” ببرنامج “أرض الفلاحين”.كتجربة أولى بعيدة عن حفلات السكر والأعراس.
انتقل بعدها إلى منطقة الرحيبة في ريف دمشق، وأحيا العديد من المناسبات فيها، ووصل صداه إلى جبال القلمون. وتعرّف الناس عليه بشكل أوسع. فلم يعد حكراً على قريته “بري الشرقي” ومدينته بقراها. ونقل معه ربابته التي شكّلت توأماً مع صوته صعُبَ التفريق بينهما.
قدّم “أبو صادق” المشهور بلقب “ملك العتابا” أو “شاعر العتابا” العديد من الأغاني الخاصة به، سبقها الكثير من أبيات العتابا. التي أدهشت مستميعه لما فيها من مفردات جزلة، تحتاج تركيزاً عالياً لفهمها، مايجعلهم يطلبون المزيد منها بنهم، ودون شبع نظراً لحلاوتها ومعانيها وسلطنت عليها عقولهم وقلوبهم معاً.
الشيخ اسماعيل زينو.. وراثة الشعر أكثر قيمة من المال
رغم تعاون “حديد” مع العديد من شعراء منطقته وباقي المدن. إلا أنه غنى عدداً ليس بقليل مما ألفه الشيخ الراحل “اسماعيل زينو” ووالده “علي” الذي كتب الكثير من أبيات العتابا والموليا والشعر الصوفي. فعشقُ الجمال والفن متوارث عندهم، والأبناء ورثوا عن أبائهم ماهو أهم من المال والأملاك.
حفظ “زينو” القرآن على يد أحد شيوخ مدينته “سلمية”، وأتقن قواعد اللغة العربية والنحو والإعراب، حتى أصبح معلماً جيداً. حسب ماذكر حفيده الذي حمل اسمه “اسماعيل زينو” لسناك سوري.
ومن شدة تعلقه باللغة العربية، أجاد “زينو” المولود عام 1901 في “سلمية”، حفظ العديد من قصائد الشعر الجاهلي. وانتهل من والده “علي” ما أمكنه لفن الإلقاء وبث الحياة فيما يردده ويكتبه. ولكن لم يحصد شهرة الأخير، صاحب الصيت الأوسع بالمنطقة وغنى له الكثير من مطربيها.
وبذلك شكّلا “محمد صادق حديد” والشاعر “اسماعيل زينو” من مدينتهم “سلمية”، نماذج حية حريصة على صون مايقدمه الأهالي من فنون. وساعدهم موقع مدينتهم التي تتوسط البلاد، على التنوع والتميّز بما قدماه من أنماط غنائية. مع غيرهم من مبدعي المنطقة كالنايل، “السويحلي”، “اللالا” و”الميجانا” وبلهجتهم المحكية المطعمة بما ورثاه من مفردات.