محمد جمال.. يبيع الآلات الموسيقية والمحارم على بسطة في حمص
أبو رائد ثمانيني غنّى في الأعراس بلبنان وسوريا يعلّم من يريد مقامات الغناء والعزف
يختلطُ صوت ربابة محمد جمال مع أصواتِ ضجيج السيارات في شارع الحضارة بمدينة حمص ليُكسبَ المشهدَ قليلاً من الخيال والفن. وهو يغنّي «قالولي كن وأنا رايح جن.. حبابي يمّا يا يمّا نار بروس الجبال».
سناك سوري – حلا منصور
عشرُ سنواتٍ مرّت منذُ أن اختار الرجل الثمانيني زاويته الخاصة في بداية شارع الحضارة، ليكسبَ ما يُعينه على مواصلة حياة كريمة بالحد الأدنى. لا يضطر فيها لطلب يد العون من أحد.
كما يعرفُ روّاد هذا الشارع أبو رائد جيّداً، الذي يأتي من التاسعة صباحاً ليفرد أدواته الموسيقية من نايات وربابات، إضافةً للافتة كرتون. كُتبَ عليها “تعليم الغناء والمقامات الشرقية والغربية مع محمد جمال أبو رائد”. يحبّونه ويبادلهم هو الحب بدوره، يقفون لينصتوا لأغنيةٍ ما ومن ثم يكملون طريقهم.
ويستذكرُ العم “جمال” شريطَ حياته بكثير من الحنين للماضي قائلاً: «منذُ كنت شاباً في العشرين من عمري مشيتُ بطريق الفن. غنيّت على مسارح سوريا ولبنان وفي أعراس البلدين.. من طرابلس وعكار وضواحيها إلى حمص وطرطوس وريفها».
لم يطمع محمد جمال الذي ينحدر من حمص. ويشابه اسمه اسم الفنان اللبناني الشهير. بتكوين ثروة من فنّه حسبما يقول لسناك سوري. ويضيف «كنت في حال جاءني أحد طالباً أن أغنّي له بمناسبة ما وهو لا يملك سوى عشر ليرات ليدفعها لي. لا أتردد في الذهاب معه.. وطلعت فقير والحمدلله».
يبيع الرجل إضافة للآلات الموسيقية التي يصنعها بنفسه. بكرات من اللزيق إضافة لخواتم و مشارب دخان وقدّاحات ومحارم علّها تسنده في حال لم يحالفه الحظ لبيع آلة ما. «كرمال اقدر عيش يعني» يقول لسناك سوري.
ويبلغ سعر الربابة حالياً 200 ألف ليرة، يبيعها بنسبة ربح لا تتجاوز العشرة آلاف ليرة حسب قوله. فيما لم تسعفه الأسعار المرتفعة لأجارات المحلات من فتح محلّه الخاص عوضاً عن الجلوس في الشارع. «فأي محل لا يقل أجاره عن مليونين أو ثلاثة ملايين وما في».
من ينظر إلى وجه العم أبو رائد الذي تعلوهُ ابتسامة حانية مشرقة ومبهجة يستشعر أنّ خلفَ هذه الابتسامة رضاً عميقاً بما قسمته له الحياة وإن كانت ببعض الأحيان قاسية على رجل بعمره.