
مهندسون تخرجوا وجدوا أنفسهم بعيدين عن اختصاصهم وآخرون رسبوا في الجامعة ونجحوا في العمل
سناك سوري – سها كامل
يعيش مهندسو المعلوماتية في “سوريا” واقعاً مريراً بالبحث عن فرصة عمل، كباقي الخريجين في مختلف المجالات، إلا أن مشكلتهم تبدو أكثر تعقيداً، لأن مجال دراسة الحاسوب ليس من صنع دول العالم الثالث، ما زاد من صعوبة الحصول على المعلومة وتطبيقها وإتقانها من جهة، بالمقابل من جهة أخرى حرص بعض الخريجين على التعلم بجهد ذاتي ومثلوا تجارب ناجحة لطلبة اعتمدوا على أنفسهم.
محتوى تعليمي لايُعلم
يُجمع معظم من التقيناهم من طلاب وخريجين على عدم وجود محتوى تعليمي في كلية الهندسة المعلوماتية في جامعة تشرين يساعد في دخولهم إلى سوق العمل، ويقولون إن الأمر ينسحب على كل جامعات القطر وليس فقط تشرين.
“عدنان” لم يعمل في اختصاصه بعد التخرج لأنه وجد نفسه غير متعلم ولم يكن لديه الوقت لاكتساب الخبرة العملية فهو يبحث عن مردود مادي، يقول لـ سناك سوري : «كل ماحصلت عليه من الجامعة معلومات نظرية، لا تأخذها الشركات بعين الاعتبار، وليس لدي أي خبرة في إدارة الشبكات، كل ما أملكه بعض المعلومات النظرية وشهادة تخرجي من الجامعة».
الشركات الخاصة لا تبني القدرات
لا تساهم الشركات الخاصة في بناء القدرات وفقاً لـ “فاطمة” وهي مهندسة تقول : «لا يوجد شركات تقدم فرص تدريب لخريجي الهندسة المعلوماتية، بل على العكس تماماً تطالبهم بالخبرة، ولكي لا نشمل جميع الشركات أجزم أن عدد الشركات التي تقدم فرص تدريبية للخريجين لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة و بشروط بالغة الصعوبة، لذلك معظم زملائي وزميلاتي، لا يعملون في مجال هندسة المعلوماتية، الفتيات أغلبهن تزوجن أو يتنظرن فرصة توظيف حكومية، أما الشبان غالبيتهم إما اتجه للعمل في المقاهي أو للدروس الخصوصية كاللغة الانكليزية والرياضيات».
تجارب ناجحة بجهود فردية
يقول “حيّان”، طالب في “الكلية التطبيقية” بجامعة تشرين، سنة ثالثة 22 عام، اختصاص تقنيات حاسوب لـ”سناك سوري”: «أعمل حالياً مطوّرا لتطبيقات “أندرويد” ومواقع “ويب”، بدأت في هذا المجال وأنا في الصف التاسع الإعدادي، كنت أعشق الحاسوب، و لا يوجد أحد يعلمني، بدأت التعلّم بنفسي، و لصعوبة تواجد الانترنت في المنزل في تلك المرحلة الزمنية، كنت أتردد على مقاهي الانترنت أحمّل دورات وتدريبات تعليم لغات برمجية».
التعليم المهني خيّب أملي
يضيف: «حصلت على شهادة التاسع الاعدادي بتفوّق، كان بإمكاني الدخول في المدارس العامة و دارسة الفرع العلمي أو الأدبي، لكنني فضلّت التعليم المهني اختصاص معلوماتية، كانت فكرتي أن أصل إلى الهندسة بشكل أسرع، لكن المدرسة المهنية خيّبت أملي، ما كنت متوقعا الحصول عليه تبيّن أنه غير موجود، المعلومات تقتصر على أساسيات التعامل مع الحاسوب، أما التركيز على اللغات البرمجية فضعيف جداً ويعتمد على الحفظ البصم للطالب، أي كانوا يطلبون أن نحفظ البرمجة عن ظهر قلب، ممكن أن يتخيل أحد ذلك؟ لا يوجد تعليم للفكر البرمجي أو كيف يبدأ الطالب ببرنامج؟ وماهي مراحل التطوير؟ وماهو مبدأ العمل؟»..
الثانوية المهنية تعتمد على الحفظ البصم لـ “الكود” البرمجي
توالت خيبات الأمل لدى “حيان” بعد تجاوزه الثالث الثانوي وتسجيله في الكلية التطبيقية بجامعة تشرين في “اللاذقية” عام 2016، كما يقول مضيفاً: «كان المبدأ ذاته، حفظ “الكود” البرمجي بطريقة البصم، ما سبب صدمة وردة فعل سلبية، أدت لرسوبي في السنة الثانية، باختصار لم أستفد شيئاً من التعليم المهني الذي حصلت عليه من الصف العاشر وحتى اليوم،حتى الأساتذة في الجامعة قالوها بوضوح للطلبة إن التعليم الجامعي لدينا غير قادر على تخريج “مبرمج” جاهز لسوق العمل، إنما فقط يساعده على فهم المبادئ الأساسية للبرمجة، ولابد له أن يُكمل طريقه العلمي بنفسه».
اقرأ أيضاً: الفنون النسوية في اللاذقية: لا وظائف ولا ربط بسوق العمل
لا رابط بين الدراسة الجامعية وسوق العمل
“حسان جنيدي” مختص في تطوير الويب يقول لـ”سناك سوري”: «دخلت جامعة تشرين فرع الهندسة المعلوماتية عام 2009 بشغف وحب كبير لهذا الاختصاص، في السنوات الأولى تجد أنه لا يوجد أي رابط بين دراستك في الجامعة وسوق العمل، هذا شيء طبيعي، حيث تكون أغلب المعلومات تأسيسية لمراحل تالية ولو بشكل بسيط».

يرى “جنيدي” أنه «من المهم جداً في هذه السنوات عدم انتظار الحصول على المعلومة من أحد، إنما البحث عنها بشتى الوسائل والطرق، وبذل الجهد، أفضل طريقة للتعلم هي من خلال التطبيق العملي، والخطوة الأولى لذلك هي عبر ايجاد فكرة ضمن المجال الذي ترغب التعمق به وتنفيذها على أرض الواقع».
خطوة فردية فتحت أبواب الشركات أمامي
يقول “جنيدي” «قمت بتطوير أول مشروع برمجي، هو تطبيق “ويب” لطلاب كلية الهندسة المعلوماتية، تمكنوا من خلاله تحميل المحاضرات والحصول على آخر إعلانات الكلية وبرامج الدوام، بالإضافة إلى ميزته الأساسية في الحصول على علامات مقررات الطلاب فور صدورها عبر رسالة نصية إلى جوالاتهم».
نجح التطبيق بما يحمله من خدمات بجذب العديد من الطلاب، يقول “جنيدي” مضيفاً: «هذا ماشجعني أكثر للاستمرار في التطوير، من هنا بدأت رحلتي في مجال تطوير “الويب”، كان هذا التطبيق بطاقتي الرابحة للحصول على فرص العمل المختلفة في العديد من الشركات الوطنية والأجنبية».
يختم “جنيدي” حديثه بنصيحة يقدمها لكل الزملاء الراغبين العمل في هذا المجال: «نصيحتي الذهبية عدم الانتظار، من المؤكد أنك ستحصل على فرصة العمل المناسبة بسهولة».
اقرأ أيضاً: البنزين يتسبب بأعطال للسيارات…. “القادري” لاندري: عنا بطالة أو نقص عمالة.. عناوين الصباح