قرارات حكومية تزيد احتقان الشارع .. وكرة الحل في ملعب الداخل – بانوراما الأسبوع
تحركات شعبية على وقع رفع سعر المحروقات .. ولا جديد من الخارج بعد اجتماع القاهرة
أسبوع لاهب بكل معنى الكلمة مرّ على “سوريا” كانت فيه حرارة الطقس آخر الهموم مع اشتعال نيران الأسعار بقرارات حكومية زادت الأعباء على المواطن وأسفرت عن بعض التحركات في الشارع.
سناك سوري _ دمشق
مساء الثلاثاء كان صاخباً بالأنباء عن قرب صدور قرارات الرفع الكامل للدعم عن كل الفئات وكل السلع الأساسية. مقابل زيادة في الرواتب يتم تمويلها من وفورات رفع الدعم.
إلى أن جاء الخبر اليقين مع إعلان وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” أسعاراً جديدة للمحروقات. رفعت ضمنها الدعم عن البنزين ووحّدت سعره بـ 8000 ليرة بعد أن كان 2500 للمدعوم. كما رفعت سعر المازوت المدعوم إلى 2000 ليرة والمازوت الصناعي الحر إلى 11550 ليرة.
قرار الرفع الذي كان متوقّعاً فاقَ التوقعات بالأرقام التي حدّدها. لا سيما وأن رفع سعر المحروقات لا سيما المازوت. سيرفع معه تلقائياً أسعار كافة السلع في الأسواق بسبب ارتفاع تكاليف نقلها. الأمر الذي سيتحمّله المواطن.
زيادة الرواتب
ولم تمضِ دقائق على قرارات الرفع بالجملة حتى صدر مرسومان رئاسيان بزيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة من المدنيين والعسكريين والمتقاعدين بنسبة 100%. إلا أن هذه الزيادة الموعودة منذ شهور وجدت نفسها تحوّلت إلى نقص في الرواتب لا زيادة عليها بعد ارتفاعات الأسعار.
سادت حالة من الترقب في الشارع السوري. وارتفع سقف الانتقادات عبر وسائل التواصل ما أظهر حالة من الاحتقان الشعبي بعد أن زادت الأعباء بشكل لا يوصف سناك سوري
وبحسبة بسيطة فإن راتب 100 ألف قبل الزيادة ورفع الأسعار. كان يشتري 150 ليتر مازوت أو 40 ليتر بنزين. أما بعد الزيادة وتحوّله إلى 200 ألف صار لا يشتري أكثر من 100 ليتر مازوت أو 25 ليتر بنزين. ما يظهر أن قيمته انخفضت ولم تزد.
صباح الأربعاء سرعان ما حمل معه آثار القرارات. من خلال أزمة مواصلات عمّت المحافظات السورية منذ بداية اليوم.
مع إضراب السائقين عن العمل نظراً لعدم تناسب أسعار المحروقات الجديدة مع التعرفة المحدّدة لهم وعدم صدور تعرفة جديدة. بينما قام بعضهم برفع التعرفة على حسب تقديراته مقابل العمل على الخطوط ونقل المواطنين.
مشهد الجموع المنتشرة في الشوارع بانتظار وسيلة نقل توصلها إلى عملها وجامعاتها ومنازلها. أظهر حجم الارتباك الرسمي أمام هذه الخطوة. لتتحرك “محافظة دمشق” بدايةً وسارت بقية المحافظات على خطاها لإصدار تعرفة جديدة لوسائل النقل تراعي تغيّر سعر المحروقات. الأمر الذي سيتحمّله المواطن مجدداً.
كما شهد يوم الأربعاء إصدار الرئيس السوري “بشار الأسد” أمراً إدارياً بتسريح بعض فئات العسكريين وفي مقدمتهم الضباط والطلاب الضباط الاحتياطيين ممن بلغت خدمتهم الاحتياطية سنة فأكثر.
سادت حالة من الترقب في الشارع السوري. وارتفع سقف الانتقادات عبر وسائل التواصل ما أظهر حالة من الاحتقان الشعبي بعد أن زادت الأعباء بشكل لا يوصف. خاصةً وأن رفع المحروقات والرواتب تزامن مع استمرار انهيار قيمة الليرة السورية أمام الدولار حتى وصل سعر الصرف بحسب المصرف المركزي يوم الخميس إلى 10700 ليرة. ويزيد الرقم عن ذلك بضعة آلاف في السوق السوداء.
التحركات الشعبية
وظهرت تساؤلات عن إمكانية ظهور تحركات شعبية مطلبية في ظل الوضع الراهن. ولكن بشكل مختلف عمّا جرى عام 2011. بحيث تقتصر شعاراتها ومطالبها على الجانب المعيشي وتتجنب الجانب السياسي.
التحرك جاء من الجنوب. حيث تجمّع أهالي قرى “الثعلة ونمرة شهبا والمتونة ومجادل” بريف “السويداء” على مداخل القرى مهددين بقطع الطرقات ومنع السيارات من المرور. احتجاجاً على قرار رفع المحروقات.
في حين. قطع شبان في مدينة “شهبا” أوتوستراد “دمشق-السويداء” القريب من دوار المدينة. رفضاً للقرارات الأخيرة التي وصفوها بـ”الظالمة”. بينما تجمّع أهالي بلدة “القريا” عند صرح “سلطان باشا الأطرش” في وقفة احتجاجية على قرار رفع سعر المحروقات وفق ما رصد سناك سوري.
الجديد الذي حمله البيان كان دعوته لاستئناف اجتماعات اللجنة الدستورية في “سلطنة عمان” بدلاً من “جنيف” التي ترفض “دمشق” استضافتها للاجتماعات.
كما تجمّع محتجون في ساحة السير وسط مدينة “السويداء” في وقفة احتجاجية اختلطت شعاراتها بين السياسي والمعيشي. وسط دعوات لإضراب عام في المدينة.
وبعيداً عن دعوات الإضراب فقد شهدت عدة مناطق سورية في مختلف المحافظات إغلاقاً للعديد من المحالّ التجارية. مع حالة التوجّس التي تخيّم على الأسواق من العواقب التي ستخلّفها التغيرات الجديدة وانعكاسها على الأسعار.
لا جديد من الخارج
على الصعيد الخارجي وبعد أن خابت الآمال بانعكاس إيجابي سريع لعودة “سوريا” إلى الجامعة العربية. واستعادة علاقاتها مع عدة دول عربية. فقد جاء الاجتماع الأول للجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا والذي استضافته “القاهرة”.
الاجتماع الذي ضمّ وزير الخارجية السوري “فيصل المقداد” ونظرائه من “مصر” و”السعودية” و”الأردن” و”العراق” و”لبنان”. خرج ببيان ختامي مكرّر أعاد الحديث عن ضرورة الحل السياسي للأزمة السورية. بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254.
لكن الجديد الذي حمله البيان كان دعوته لاستئناف اجتماعات اللجنة الدستورية في “سلطنة عمان” بدلاً من “جنيف” التي ترفض “دمشق” استضافتها للاجتماعات.
وجدّد البيان الموقف العربي من قضايا اللاجئين ومكافحة تجارة وتهريب المخدرات. ومحاربة “الإرهاب” ودعم سيادة “سوريا” على أراضيها وضرورة خروج القوات الأجنبية غير الشرعية منها. فيما كان حديث “المقداد” يركّز بشكل أساسي على أهمية الدفع باتجاه تنفيذ مشاريع التعافي المبكر بوصفها شرطاً أساسياً لتشجيع اللاجئين على العودة. عبر توفير بيئة قابلة للعيش لهم تتضمن البنية التحتية والخدمات الأساسية.
ربما تأمل البعض أن تجني عودة العلاقات السورية مع العرب ثمارها سريعاً. وأن يأتي من الخارج ما يخفّف ضغط الداخل. سواءً عبر القروض والمساعدات أو عبر الاستثمارات. إلا أن ذلك لم يحصل حتى الساعة وقد رأى الرئيس السوري “بشار الأسد” في مقابلته الأخيرة أن الأمر يحتاج عدة سنوات معتبراً أن من غير المنطقي توقّع أن العودة ستؤدي إلى نتائج اقتصادية خلال أشهر.
الكرة إذن في ملعب الداخل فحسب. وحل أزمة الاقتصاد المتدهور لن يأتي إلا من الداخل. لكن طبيعة القرارات الحكومية أو المنهجية الحكومية في التعامل مع الأزمات المتلاحقة لا توحي أنها تأتي بحلول للمواطن. بقدر ما هي حلول للحكومة نفسها، من خلال رمي الأعباء عن كاهلها وتحميلها للمواطن المثقل أصلاً بأعباء لا طاقة له بها. ما شكّل حالةً من استعصاء الحل وانسداد الأفق إلى حد كبير. بانتظار أي حدث أو خطوة تفتح الباب أمام الأمل بالانفراج من جديد.