الأمية تتغلغل في القوانين.. التربية تطبق إلزامية التعليم على حساب معالجة مشكلة الأمية!
سناك سوري- نورس علي
تحتفل “طرطوس” باليوم العالمي لمحو الأمية احتفالاً خجولاً يقتصر على نشاط في المركز الثقافي العربي بمدينة “صافيتا” هو عبارة عن محاضرة تعريفية بمديرية التنمية الثقافية وتعليم الكبار، وقد نسيت أنها في عام 2010 أطلقت شعار خلوها من الأمية، وأن هذا الشعار يتطلب احتفالاً يطال جوهر العملية التعليمية وخاصة مع وجود المادة /40/ من النظام الداخلي لمرحلة التعليم الأساسي الذي جعل من الطالبة “لمى” طالبة في الصف السادس لا تجيد الكتابة والقراءة.
إذاً “طرطوس” جاهدت على الدوام بمحاربة الأمية، ومنها الأمية الرقمية، حيث كثفت بعد إعلان خلوها من الأمية الأبجدية دورات محو الأمية الرقمية، فأقامت دورات الحاسب لمختلف الفئات والأعمار، إلا أن واقع “لمى” لم يتغير نتيجة البنية القانونية الناظمة للعملية التعليمية، فهي تعيش مع والدها بعد انفصاله عن زوجته، وهنا تقول: «انفصالهما كان سبب في عدم الاهتمام بي، وبقيت انجح من لصف لآخر دون أن أدرك ما الذي يحدث، وحتى اليوم أنا في الصف السادس لا أقرأ أو أكتب».
ولكن تبقى الأمية الأبجدية واقع لا مفر منه بحسب ما أوضح لـ سناك سوري مصدر خاص في مديرية تربية “طرطوس” طلب عدم الإفصاح عن اسمه، خاصة مع وجود المادة رقم /40/ التي تقول لا يجوز أن يرسب التلميذ أكثر من ثلاث مرات في كامل المرحلة التعليمية، والمادة رقم /41/ التي تقول لا يجوز أن يرسب التلميذ في أي من الصفوف الستة الأولى من المرحلة لأكثر من مرة واحدة في صف واحد، أو مرتين في مجمل هذه الصفوف.
وبموجب المادة رقم /45/ لا يفصل التلميذ من المدرسة بل ينقل إلى الصف الأعلى بعد استنفاذ فرص الرسوب، علماً أنه يخضع لدورات تقوية صيفية لتدارك التقصير.
وظاهرياً حالة النقل هذه للتلاميذ غير المجتهدين هي حالة فقط لتحقيق إلزامية التعليم دون الاكتراث بالنتائج المستقبلية في ما يمكن تسميته الأمية المبطنة، وإلا لما كان هناك دورات محو أمية للكبار ممن تجاوزوا سن الخامسة عشر.
هذه الأمية في مرحلة التعليم الأساسي حاولت المادة رقم /46/ من النظام الداخلي محاربتها لإدراكها خطرها ووقوعها ولو بنسب متفاوتة تبعاً للبيئات الجغرافية والاجتماعية، حيث أكدت هذه المادة على أنه يمكن تعديل نتائج التلاميذ الراسبين أو المتسربين أو المنقطعين في مرحلة التعليم الأساسي في مدارسهم لظروف استثنائية، بعد خضوعهم لدورات يعلن عنها بموجب تعليمات وزارية.
ولكن في المقلب الآخر المادة رقم /27/ تأصل حالة الأمية المبطنة، حيث أقرت هذه المادة شروط نجاح التلميذ ومنها كما أوضحت الفقرة الأولى أن يحصل التلميذ على مجموع عام للدرجات النهائية في جميع المواد لا يقل عن 50 % من مجموع النهايات العظمى للمواد، وكذلك في الفقرة الثانية أن يحصل التلميذ في كل مادة على درجة نهائية لا تقل عن 40 % من نهاياتها العظمى.موقع سناك سوري.
وأيضاً في الفقرة الرابعة أن يحصل على 60 % من النهاية العظمى لدرجة السلوك، فكيف لتلميذ أن يحقق هذا الشرط وهو راسب أو متسرب أو منقطع، بغير تطبيق المادة رقم /41/، أي أننا نساهم بتحقيق أمية مبطنة مع تقدم الأيام.
إذاً قانون التعليم الأساسي والإلزامي رقم 32 لعام 2002 والقانون رقم 7 لعام 2012 يحارب جهاراً الأمية الأبجدية، ولكنه في الخفاء يساهم في صناعة أمية مبطنة من حيث لا يعلم، فعندما يرسب التلميذ في الصف الأول أول مرة يسمح له بالتقديم للمرة الثانية، وعندما يرسب للمرة الثانية يرفع للصف الأعلى بموجب عملية نقل رسمية قانونية.
تبقى التلميذة “لمى” واحدة من عشرات التلاميذ الذين سيخضعون في المستقبل لدورات محو أمية خاصة وأن أهم الأوراق المطلوبة للتوظيف في المؤسسات الحكومية هي وثيقة يجيد القراءة والكتابة، إذاً نحن أمام بطالة مقنعة سببها الأساسي أننا واكبنا المظاهر في الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية ونسينا المضمون في التخلص من هذه الأمية، حيثت تقول تقارير أممية أن نسبة الأمية عام 2016 قدرت في سوريا بأكثر من 2 مليون نسمة.
اقرأ أيضاً: “بديعة عياش” أكبر طالبة ثانوي في سورية
