في الذكرى العاشرة لاختفاء عبد العزيز الخيّر … الحياة ليست عادلة
لا زال مصيره مجهولاً ... رفض السلاح فرشقه معارضون بالبيض
حطّت الطائرة القادمة من “الصين” في مطار “دمشق”، ونزل منها السياسي السوري المعارض “عبد العزيز الخيّر” حاملاً أمله بتغيير قريب.
سناك سوري _ دمشق
دخل “الخيّر” مع “إياس عياش” حرم المطار يوم 20 أيلول 2012 حيث كان بانتظارهما الناشط “ماهر طحان”، وكانت تلك المرة الأخيرة التي شوهدوا فيها.
كان “الخيّر” عائداً من “الصين” التي دعته وزارة خارجيتها لحوار حول الأزمة السورية التي كانت تقترب من عامها الثاني بصفته مسؤول العلاقات الخارجية في “هيئة التنسيق”، وكان من المقرر أن يشارك عقب عودته، في مؤتمر “الإنقاذ الوطني” الذي دعت له الهيئة يوم 23 من الشهر ذاته.
وبينما تتالت الأنباء عن اعتقال “الخيّر” ورفاقه على يد الأجهزة الأمنية، فإن وزارة الإعلام أصدرت حينها بياناً اتهمت فيه “عصابات مسلحة” باختطافه دون توضيح المزيد من التفاصيل، في حين تقول زوجته “فدوى محمود” أن الثلاثة اعتقلوا داخل المطار، وليبقى بذلك مصيره مجهولاً حتى اليوم بعد 10 سنوات على تلك اللحظة.
الطبيب يدخل ميدان السياسة
ربما كان الدكتور “عبد العزيز الخيّر” يعرف أن تلك اللحظة ستأتي على الأرجح، منذ انخراطه في ميدان العمل السياسي داخل “سوريا”، فالرجل المولود في “القرداحة” عام 1951 حمل شهادة الطب من جامعة “دمشق” عام 1976 وانخرط في صفوف “رابطة العمل الشيوعي”.
نجا “الخيّر” من موجات الاعتقال التي عصفت بالرابطة منذ عام 1982، وبقي يعمل في الخفاء لكنه لم يغادر الأراضي السورية، إلى أن جاءت اللحظة التي اعتقل فيها عام 1992 بعد عقدٍ من التخفّي.
اقرأ أيضاً:حسن عبد العظيم ينعي الهيئة العليا للمفاوضات!
وبتهمة الانتماء للرابطة أمضى “الخيّر” 13 عاماً في المعتقل، وخرج عام 2005 ليستعيد موقعه القيادي حيث عاد للعمل السياسي وأسس عام 2007 “تجمع اليسار الماركسي”.
في آذار 2011 حين اندلعت الأزمة السورية، كان “الخيّر” واحداً من الوجوه المعارضة البارزة داخل البلاد، وساهم منذ تلك اللحظة في نقاشات طويلة وصعبة تمخّضت بعد 3 أشهر عن تأسيس “هيئة التنسيق الوطنية” أواخر حزيران 2011 وأصبح مسؤول العلاقات الخارجية فيها.
كانت رؤية “الخيّر” مختلفة، وبعد هذه السنوات تبدو رؤيته مستشرفة للمستقبل، إذ لطالما حذّر من الانزلاق نحو تسليح الحراك الشعبي أو القبول بالتدخل الخارجي والدعوة إليه، إضافة لدعوته إلى الحوار مع الحكومة للوصول إلى حل إنقاذي، الأمر الذي عرّضه لهجوم من “المجلس الوطني” المعارض حينها وأنصاره، الذين زاودوا على طروحاته واتهموه بالتخاذل وقلة “الثورية”.
رشق الخيّر بالبيض
مغالاة “المجلس الوطني” وأنصاره حينها أدت لحادثة مؤسفة شهيرة في تشرين الثاني 2011 في “القاهرة” حين ذهب وفد من “هيئة التنسيق” للقاء أمين عام جامعة الدول العربية آنذاك “نبيل العربي”.
اتّهم “المجلس الوطني” أعضاء الوفد بأنهم لا يؤيدون مطالبه بتعليق عضوية “سوريا” في الجامعة العربية ومطالبة مجلس الأمن بإقامة حظر جوي فوق “سوريا”، معتبراً أن أعضاء الوفد أخذوا تعليماتهم من “دمشق” وأنهم ليسوا “معارضين” بما فيه الكفاية، والوفد كان يضم إلى جانب “عبد العزيز الخيّر” كلاً من “ميشيل كيلو” و”رجاء الناصر” و”حسن عبد العظيم” الذي تمكن بمفرده من دخول مقر الجامعة بينما منع أنصار “المجلس الوطني” بقية أعضاء الوفد من الدخول ورشقوهم بالبيض.
اقرأ أيضاً:ميشيل كيلو: كان يجب إيجاد حل مع الحكومة
صورة “الخيّر” مرشوقاً بالبيض ستمثّل أقصى درجات بؤس من عادوه، لا سيما اليوم بعد هذه السنوات، وقد أظهرت كم كان صلباً في موقفه وعقلانياً في ردوده إذ تجاوز ذلك بسرعة بعبارة «صغار وغلطوا».
كان “الخيّر” مستعداً للحوار مع الجميع، مع الحكومة ومع “روسيا” و”إيران” و”الصين”، فضلاً عن “المجلس الوطني” الذي توصّل معه لاتفاق مع “هيئة التنسيق” انسحب منه المجلس بعد يومين فقط.
استعادة أفكار “الخيّر” وطروحاته ومواقفه الآن، من رفض للسلاح وللتدخل الخارجي والدعوة للحوار تظهر مدى صوابية رؤياه، وممارسته “السياسة الراقية” كما يصفها رفيقه “حازم نهار”.
في حوار أجري معه في حزيران 2011 يؤكد “الخيّر” أن حمل السلاح سياق مناقض لمصلحة “الثورة” وأنه كمن يطلق النار على “الثورة”، ويختصر “الخيّر” ما حدث قبل أن يحدث بعبارة «الحياة ليست دائماً عادلة».