غياب بعض القوانين وحيادية بعضها الآخر لا يحقق حماية النساء من العنف
هل يمكن استمرار القبول بالقوانين التي تحمي التمييز والعنف ضد المرأة؟
نفرح بعد كل تعديل يتم إقراره على مواد القوانين التي تمس حياة النساء، ونسارع نحن الصحفيات والصحفيين لكتابة تقارير تضيء على تلك التعديلات كانتصار لحقوق النساء وحمايتهن من العنف، لنكتشف سريعاً أن تلك التعديلات لا تتعدى أن تكون ترقيعات في ثوب قديم لم يعد صالحاً للحماية لا من البرد ولا من الحر، والنتيجة استمرار العنف لأن القوانين أصلاً مصاغة بعقلية ذكورية وبعيدة عن منظور الجندر وملاحظة حقوق و احتياجات النساء كما الرجال.
سناك سوري – لينا ديوب
غالبا يمكن القول إن القوانين تميل إلى أن تكون إمّا صامتة بشأن معاناة المرأة وإنهاء التمييز ضدها، وعدم توفر حماية صريحة لها، أو تمييزيّة بشكل علنيّ واضح.
تغييب القوانين
إن الأسوأ من وجود مجموعة قوانين تحوي مواد تمييزية ضد النساء تهدد حقوقها ومساواتها مع الرجل، هو تغييب بعض القوانين التي تحمي النساء بشكل نهائي، تقول المحامية “شروق أبو زيدان” لسناك سوري، مضيفة :«من أهمها قانون يحمي النساء من العنف بكافة أشكاله، أيضاً قانون ينظم التحرش ويوضحه ويعاقب عليه، وآخر يجرم الاغتصاب الزوجي غير المجرم في القانون الحالي، ولا بد من إيجاد تعاريف واضحة لبعض المصطلحات القانونية التي تقبل التأويل متل (الاغتصاب والدعارة والعنف الأسري والاغتصاب الزوجي وحتى مفهوم الرضا)، وكذلك لا بد من تعديل المواد التي تتعلق بتجريم الإجهاض لأن هذا الموضوع يتعلق فقط بطرقي العلاقة إن لم يكن له عوارض طبية وصحية».
تعطي “أبو زيدان” مثالاً عن عدم فعالية بعض التعديلات بسبب وجود مواد تبطلها كولاية الأب، فهو يستطيع تزويج ابنته القاصر بسبب ولايته عليها رغم وجود نص صريح بتحديد سن الزواج بمادة قانونية واضحة بقانون الأحوال الشخصية.
اقرأ أيضاً: احتفالية مناهضة العنف ضد المرأة.. نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً!
فراغ تشريعي
ترى المحامية “نالين عبدو” أن الجزء الأكبر من التعنيف الممارس بحق المرأة، مرده فراغ تشريعي أو مواد قانونية بحاجة لتعديلات، كضرورة النص على منح الزوجة جنسيتها لزوجها وأولادها وفرض عقوبات رادعة في جميع أشكال التحرش والنص على كوتا نسائية سواء في الأحزاب أو ضمن مراكز صنع القرار كمجلس الشعب، مضيفة لسناك سوري:« أن القوانين المنصفة للمرأة والمراعية للجندر ستقلل من منسوب العنف المنزلي وستزيد من إقدام المرأة على خوض الشأن العام».
توضح “عبدو” أنه كثيراً ما نجد الرجل يفاخر بكونه مناصراً لتحرر المرأة ويؤيد حقوقها كاملة، لكن عمليا ًهذا الرجل نفسه قد يؤنب ويشتم زوجته عند تأخرها في تحضير الطعام أو نسيانها غسل جواربه، لكن حين يدرك الرجل أن المرأة محمية بنصوص قانونية منصفة عادلة فإنه سيفكر ألف مرة قبل استعمال الشدة معها.
حيادية التشريعات
لم تزل العديد من التشريعات حيادية تجاه الوظائف والمهن الّتي تُعتبر “ذكوريّة”، أو تسمح بإخضاع عمل المرأة المتزوّجة لموافقة الزّوج أو تقييد حرّيّة تنقّل المرأة و المطالبة أن يرافقها رجل عند السّفر، يضاف إلى ذلك، ما تضعه القوانين من إجراءات غر عادلة للنّساء، وتقلّل من قيمتهنّ كجهات فاعلة في المجال العام مثل الإجراءات الجنائية التي تثقل كاهل الضحية من دون مبرّر في حالات الجرائم القائمة على الجندر، في وقت وجب فيه استخدام القانون نفسه لوقف التمييز الجندري.
يمكننا القول لم يعد مقبولاً استمرار وجود القوانين التي تحمي التمييز والعنف، وتهدد حياة النساء والأسرة عموماً، والاعتماد على التشريعات المتوافقة مع منظور الجندر التي يمكنها أيضاً أن تؤدّي دوراً هامّاً في معالجة الأعراف التمييزيّة المتأصّلة في الثقافة أو التقاليد.
اقرأ أيضاً: لا تكفي إدانة العنف ضد النساء.. ماذا عن جذوره بالاجتهادات التمييزية؟