هدى زيتونة بعمر الستين تتعلم الحفر والكولاج ولا تؤمن بالمستحيل

“هدى زيتونة” أسست عملاً خاصا مع زوجها ربّت أولادها حتى التخرج من الجامعة ثم عادت لهوايتها القديمة
سناك سوري – رهان حبيب
اتبعت “هدى زيتونة” من أهالي مدينة “السويداء”، دورة خاصة لتعلم الرسم والحفر والطباعة، في عامها الثالث والستين، لأنها بحثت عن عمل أحبته وحالت الظروف دون دراسته أيام الشباب، دون أن تفقد رغبتها بتعلمه لتتقنه بهذا العمر في تجربة أدخلت الفرح لروحها.
“زيتونة” درست التجارة في جامعة “بيروت العربية”، لمدة عامين قبل أن تنقطع بسبب اندلاع الحرب الأهلية في “لبنان”، وبعد الاستقرار في “سوريا”، اقترحت على زوجها مشروع تجارة الألبسة، وافتتحا متجرهما الخاص، الذي كانت تصمم له الأزياء التي تعرض فيه، تضيف لـ”سناك سوري”: «إنجاز التصاميم هنا لم يكن مأجوراً لأنني كنت أصمم لصالح متجري، و مشاغل الخياطة استفادت مما أقدمه وكنت راضية لتحقيق غايتي في تطوير المتجر الذي أدرته وزوجي سنوات طويلة، وساعدنا على تنشئة أولادنا الثلاثة الذين تخرجوا اليوم من جامعاتهم».

كانت “زيتونة” ورغم ضغط العمل ومسؤوليات العائلة والمنزل، تلتفت إلى هوايتها وتنفذ أعمالا يدوية فنية بالفطرة كل فترة، وقالت إنها قدمت نفسها كهاوية ومتدربة لأعمال الكولاج الذي يعتمد في تكوين اللوحة على بقايا القماش أو الورق التي يعاد تدويرها لإنتاج عمل فني بطريقة مختلفة، تضيف: «كنت أستفيد من بقايا الأقمشة والألوان التي أتعامل معها في المتجر».
في العام 2012 قررت “زيتونة” التقاعد من العمل، وأوكلت مهمة إدارة المحل لابنها، ليتثنى لها امتلاك الوقت وتطوير موهبتها، تضيف: «كانت البداية بإنجاز أعمال الكولاج وتنفيذ أعمال بطريقتي لأنني لم أكن حينها قد تعلمت الطريقة الأكاديمية الصحيحة»، وتوالت الأعمال بعدها لتجسد صورا تراثية وإنسانية، وباعت قسم منها لأشخاص خارج “سوريا” بعد أن عُرضت عليهم وأحبوا اقتنائها.
اقرأ أيضاً: “سوريا محفوض” رائدة نسوية سوريّة منسيّة
طموح “هدى زيتونة” لم يتوقف عند مرحلة إتقان العمل، بل حلمت أن تطور التجربة رغم السفر لمدة أربع سنوات حيث أقامت في “بنما” مع ابنها وعائلته، لتتابع تعلم اللغة هناك وتتقنها لفظاً وكتابعة خلال الفترة التي بقيت فيها حتى حصلت على الإقامة، وعادت لتكمل حلمها الفني باتباع دورة في المركز الثقافي مع شبان وشابات هواة للفن.
عشقها للحفر والطباعة والكولاج دفعها للتعلم على يدي الفنان “شادي أبو حلا”، مع ثلاث سيدات لتتابع ستة أشهر من العمل والتدريب المكثف وتحصل على فرصة تطبيق هذه المهارات بشكل أكاديمي متخصص، تضيف: «تعلمت أصول الكولاج وتقنيات مختلفة، وطرق تشكيل الأختام والحفر على الخشب لتشكيل الختم المطلوب والتعامل مع اللون والأحبار، والرسم على الزجاج وتقنيات لا أنكر أنها استهلكت كامل وقت الدورة التي اجتهدت فيها وزميلاتي، كطلاب لم نقف عند حاجز العمر كل ما بحثنا عنه كان معرفة جديدة لنتمكن في النهاية من تقديم أعمالنا في معرض لاقى إقبالاً كبيراً من الفنانين وهذا ما كان مكافأة جيدة بعد التعب».
“زيتونة” التي حولت المنزل لورشة فنية، لا توقف البحث عن أفكار جديدة لتجسيدها، فهي لا تؤمن بالمستحيل وتقتنع أن المرأة العاملة تكتسب ملكة إدارة الوقت والاستفادة منه لصناعة كل ماهو جميل وكل ماهو محبب وقريب لحلمها.
اقرأ أيضاً: سهام قاسم… الأم التي لا تتقاعد