عن الجنس والعلاقة الحميمية.. أيهم محمود
سطورٌ طويلةٌ قليلاً.. عن الجنس والعلاقة الحميمية
سناك سوري – أيهم محمود
توجد نماذج مجتمعية جاهزة لقواعد الرغبة والإغواء والارتباط بين الجنسين، على الراغب في عيش تجربته الجسدية أن يختار النموذج الذي يناسبه مثلما يختار الملحن المقام الموسيقي، لا توجد أي إمكانية للخروج من أسر القوالب الجاهزة وإلا أصبح اللحن نشازاً لا تألفه الآذان.
تنتهي هذه القوالب الجاهزة -في كل حالاتها وتلاوينها- إلى طرقٍ مسدودة، الجسد الاستثنائي في جماله يصبح بعد مدةٍ طالت أم قصرت عادياً، شكل الوجه، المال، المنبت العائلي أو الطبقي، التوافق الديني أو الفكري، كلها تصبح في آخر الأمر اعتياداً يتم مواجهته إما بالتمرد على العلاقة السابقة والبحث عن علاقةٍ أخرى شرعية أو سرية تعتمد القوالب المجتمعية ذاتها، أو تنتهي بالاستسلام لفكرة حتمية شكل هذه النهاية والقبول بها مع الشعور المستمر بالخيبة الدائمة منها وتحويل هذا الخلاف غير المعلن عنه مع الشريك إلى خلافات نفسية أخرى قد تنتهي بالطلاق لأسباب تختلف كلياً عن السبب الحقيقي الذي لا يجرؤ الطرفان على إعلانه.
يختلف الشرق عن الغرب في شكل النماذج فقط، مع سماحية أكبر في المجتمع الغربي لوجود نماذج تجريبية على أمل حل هذه المشكلة الإنسانية المزمنة، لا تصنع النماذج التجريبية حضارة مختلفة بسبب ركون معظم البشر إلى اعتماد النماذج التقليدية الجاهزة، يوجد في الشرق منع صارم للإعلان العام عن النماذج التجربية لقواعد الارتباط بين الجنسين، ينحصر المنع بالجهر علناً بها وهو غير ملزمٍ للطرفين داخلياً في علاقتهما الشخصية ومع ذلك يخشى طرفا العلاقة الحميمية الخوض فيه، حتى لو قررا السير في تجربةٍ خاصةٍ بهما سيتوقفان في مراحل مبكرة، لن يجرؤا على التقدم أكثر لأنهما سيفقدان مع استمرار السير فيها القدرة على الكذب، وعلى تصنّع ما لا يوجد حقاً.
اقرأ أيضاً: غير مرغوب بها.. خطرة على استقرار زواج الإنجاب! – أيهم محمود
الحاجة المُلحّة الدائمة لإثبات وجود الحب تعكس القلق العميق حول وجوده الحقيقي في حياتنا، الأشياء الموجودة بشكل دائم حولنا لا تحتاج إلى أي إثبات، لا أحد يبحث في إثبات وجود الشمس والقمر والأرض والسماء، لكن نحتاج عملية إثبات دائمة مستمرة لوجود وأهمية الأصنام الدينية والبشرية في حياتنا العقلية، ونحتاج أيضاً لإثباتٍ متكرر لوجود الحب في حياتنا.
ما هو الحب في العلاقة الحميمية؟
دوام الرغبة؟
بماذا؟
بالقوالب المجتمعية ذاتها؟
إذا عدنا للمربع الأول الذي بدأنا منه حكايتنا.
هي مجرد دائرةٍ مغلقة، ندور وندور فيها إلى أن تنتهي حياتنا دون أن نتزحزح بعيداً عن مكاننا.
الجنس والعلاقة الحميمية عملٌ فكري إن نحيّنا جانباً قطب التكاثر فيه والحاجة إليه لاستمرار وجود الجنس البشري.
يوجد في حياتنا الجنس الذي يدور حول محور، صورةُ الثور الذي يدور ويدور أبداً في دائرةٍ مغلقةٍ لا تنتهي.
ويوجد أيضاّ الجنس الذي يسير في طريقٍ مرسوم بين نقطتين محددتين مسبقاً تسير فيه من بدايته حتى نهايته بأمان تام، ثم تتوقف كلياً في نقطة النهاية دون أي أمل بالعودة إلى نقطة البداية.
ويوجد نموذج اكتشاف الغابات التي لم يوثق أحد من قبل مداخلها وطرقها وإلى أين تمضي.
ما تملكه في هذا النموذج قدمين فقط ومئات آلاف الاحتمالات من الطرق التي تستطيعُ تشكيلها بهما، بقدر ما يشكل هذا الطريق حالات إغواءٍ واضحةٍ وصريحة لمعظم البشر بقدر ما هو مرعبٌ للجميع، لا أحد يقبل الضياع في غابات قد لا يخرج منها أبداً، لذلك يفضلون النماذج المعيارية الجاهزة، يفضلون تكرار ذات النتائج التي تقود إليها ذات المقدمات، هو خيارٌ واعي وليس قدراً شرقياً أو غربياً، لا توجد أي مظلوميةٍ هنا، بل هي عملية تخلٍ طوعية عن أجمل ما يمكن للنفس البشرية معرفته خلال رحلتها القصيرة في الحياة.
اقرأ أيضاً: العلم تمرد وإبداع فلماذا حروب الأهالي؟ – أيهم محمود