سناك سوري – رام أسعد
بينما ينشغل العالم اليوم بالحديث حول الحل السياسي في سوريا، والدعوة لانتخابات برعاية أممية و و إلخ، يمارس المواطن السوري الفيسبوكي المغلوب على أمره عملية التصويت بشكل شبه يومي، حيث لا يكاد يمر يوم بدون أن يصله إشعار على الفيسبوك يدعوه صاحبه فيه للتصويت على صورة ابنه في مسابقة على صفحة محل شاورما مثلاً، فيدخل المواطن صاغراً ويضع “لايك” على الصورة بدون أن يراها حتى.
منذ أسبوع قام محل الأراكيل في حارتنا بإجراء مسابقة أجمل طفل في الحارة (بقول المثل القرد بعين أمه غزال) حيث يعطى لأهل الطفل الرابح جائزة عبارة عن “نصف علبة معسل وورقتين سولفان وإبرة لثقب الرأس” ، في ذاكَ اليوم المشؤوم (انثقب رأسي ثقب) ووصلتني 1240 دعوة من أهالي الحارة للتصويت على صور أطفالهم (الله يخليلهم إياهم)، الكارثة ليست هنا بل في اليوم التالي، فقد صادفتني جارتنا (أم أحد المرشحين)، لتشتمني وتسبني وتلعن…، لأنني صوتت لابن فلانة وما صوتت لابنها، حينها عرفت فوائد الاقتراع السري، فاللايك ما بيخبي حالو…
عادةً عندما أتلقى مثل هكذا دعوات أقوم بالتطنيش، لكن اليوم صباحاً فوجئت بدعوة من مديري بالعمل رئيس تحرير موقع سناك سوري الذي أعمل فيه، فما كان مني إلا أن أضع لايكاً، وأدعو أهلي وأقاربي وأصدقائي في الوطن والمهجر ووراء البحار ليصوتوا للصورة، بدنا نبيض وجه قدام هالاستغلالي رئيس التحرير.
اقرأ أيضاً: إعفاء مسؤول رفيع من منصبه بسبب ممارسات نجله
أنهيت الدعوات وذهبت إلى العمل في الطريق وجدت نساء الحي مجتمعات وهن يتحدثن عن الانتخابات (أكيد انتخابات الفيس ليش عنا غيرها؟) سمعت إحداهن تقول:«لحد اللحظة شاركنا بسبع مسابقات ربحنا بأربعة المرتبة الأولى، التلاتة الباقيين كان في تزوير وحسابات وهمية عم تحط لايكات للخصوم، حقيقةً صار عندي خبرة بهاد المجال، والأهم لتنجح يكون تفاعلك الفيسبوكي كبير، يعني أنا دائماً بالأيام العادية، بنعجب وبعلق لكل أصدقائي ع الفيسبوك (يلي هنون قاعدتي الشعبية)، لحتى يصوتوا لصورة ابني “حمودة” لما تصير هيك مسابقات».
وبينما ينشغل الحي بالتصويت وأنشغل أنا بالتخفي لكي لا تحرجني جارتنا (الحلوة) على التصويت رغماً عني كما كان يحدث في الانتخابات عندما يأتيك الوطنجي ويمد نظره باتجاه اصبعك ليرى إذا كانت ملوثة بالحبر السري (أنا كنت انتخب بالاصبع الوسطى)، وبينما يحدث ذلك أمر بجانب محل “كل شي” عنا بالحارة الذي كان يعد الغلة ويحصي اللايكات (اليوم طالعنا 15 ألف لايك جديدة للصفحة) ولسا ما خلصنا المسابقة مستمرة وهالعالم عم تليك عالطالعة والنازلة اليوم بدي إعلن عن الجائزة للولد الفائز بدي إهدي والدته (سلاقة) “أي وعاء لسلق البيض” بتنفع كثير.
اقرأ أيضاً:“أبو مدحت” يعايد زوجته في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة