علامات تعرض الأطفال للتنمر في المدرسة؟ – ناجي سعيد
على الأهل أن يُدركوا بأن الأقران شركاء ومؤثّرون بتربية أبنائهم وليس المدرسة بطاقمها التدريسي التربوي فقط
سناك سوري – ناجي سعيد
الطُرق إلى الشرّ والعنف مُعبّدة بالنوايا الحسنة، فقد يظنّ مُرتكبُ الخطأ نفسَه فاعلَ خيرٍ، دون أن يضع نفسه مكان الآخر الذي قد يتأذّى من فعل الخير هذا. ولو ضيّقنا المنظار، لنتطلّع بسلوك طفولي يومي، نذكرُ تمامًا حالة التنمّر الذي يمارسها غالبية الأطفال وتحديدًا التلاميذ ضمن البيئات المدرسيّة. وبغضّ النظر عن الدوافع وراء هذا السلوك، فما يعنينا من الموضوع الناحية التربوية: هل يتمكن الأهل والمربّون من أن يمنعوا هذه الظاهرة؟.. هم لا يستطيعون منعها بالطبع، لكن باستطاعة البيئة التربوية أن تحدّ منها، إذا ما ساهمت في تأمين جوّ آمن يتيح إقامة علاقات سليمة بين الأشخاص.
اقرأ أيضاً عن بكاء الأطفال واستجابة الأهل له- ناجي سعيد
والمقصود بالجوّ الآمن هنا، توفير بيئة تضمن حدوث علاقات إيجابيّة بين التلاميذ، وتعود هذه العلاقات بالنفع على كُلّ فرد، وتُعزّز وجوده بين الجماعة فيتميّز بفعّالية لإثبات ذاته. وإثبات الذات هنا، يبلغ من الأهميّة الدرجة القصوى، ومن خلال ملاحظتنا، فإن أي نقص أو إنتقاص من هذه القيمة -التي تؤدّي إلى تحقيق الذات- ينعكس في سلوكيات عدّة كُلّها عنفيّة ومتتالية الحدوث. وليس التنمّر بالضرورة أوّلها، فقد يلجأ من يعاني من قصور في إثبات وتحقيق الذات إلى إرتداء قناع العنف ليُغطّي عجزه غير المرئي، فيعتقد من يُشاهده يُعنّف الآخرين بأنّه قويّ لا ينقصه شيء.موقع سناك سوري.
وليس طرحنا الحدّ من التنمّر طرحًا مثاليًّا، أنّما جدّ طبيعي وصحّي، لكنّ تَدهْوُر واقع المسار التربوي، بسبب تراكم المُعيقات التي أنتجها المجتمع جعلها مُستحيلة الحدوث. فمن المُستحيل أن تكون توقّعاتنا إيجابية وننتظر سلوكًا تربويًّا من أفراد في مجتمع مريض ويعاني العديد من المشاكل. أقول عن التنمّر سلوك طبيعي بين التلاميذ، ذلك لأن المُجتمع بأكمله يُعاني من غياب التربية وحضور العُنف بمظاهر عديدة. فالعُنف هو المرض الذي يعاني منه الجسم التربوي.موقع سناك سوري.
لا أقول أن هناك علاجًا موضعيًّا لحالة التنمّر، بل يجب التعاطي مع المشكلة من جذورها وليس بشكل سطحي وعَرَضي. والعلاج المَوضعي هذا يؤدّي إلى طريقين كلاهما غير صحيح: فإما يكون الحلّ، آنّي لاعنفي سلبي، حيث يُطلب من التلميذ المُذنب الإعتذار من التلميذ الضحيّة: ” يلا إعتذر منّه وسلّم عليه”، ويعتقد الناظر أو المُدرّس أن المُشكلة انتهت، لا، بل بقيت كالجمر تحت الرماد، وعندما تسنح الفرصة للضحيّة ليكون مُتمكّنًا، سيردّ العنف بطريقة يقوى عليها. وفي طريقٍ آخر يُعنّف المُدرّسُ المُذنبَ، فيؤجّج العنف بداخله لاحقًا ومُجدّدًا على الضحيّة التي اشتكت للمُدرّس وسبّبت العقاب للمُذنب، فيصبح العنف هنا، كأنه لوم من المُذنب المُعنِّف على الضحيّة حينًا، كونه مرّ بتجربة المُعنَّف من السلطة المدرسية حينًا آخر. وما لا يدركه الناس عامةً، حالات كثيرة تنتج عند التلاميذ “ضحايا التنمّر” يلخصها لكم :
-خوف الطالب من الذهاب للمدرسة، واختلاق الأعذار للتغيّب.
– فقدان الطالب للتركيز، والحصول على علامات متدنية.
-السلوك الانعزالي للطالب سواء في المدرسة أو خارج المدرسة.
-فقدان الطالب لثقته بنفسه.
-ظهور علامات كآبة على الطالب.
-الامتناع عن الخروج من المنزل.
– نقص المال من الطالب الضحيّة عن طريق “البلطجة” التي يمارسها بعض المُتنمّرين.
-عودة الطالب إلى المنزل وملابسه ممزقة أو نظارته مكسورة أو فقدان كتبه المدرسية.
– حدوث كدمات وإصابات متكررة في جسمه أو ووجهه.
لذا على الأهل أن يُدركوا بأن الأقران شركاء ومؤثّرون بتربية أبنائهم وليس المدرسة بطاقمها التدريسي التربوي فقط.موقع سناك سوري.
فقد كان قديمًا نتيجة جهل الأهالي والنظرة الخاطئة عن المدرسة، حين يرافقون ابنهم إلى المدرسة في اليوم الأول يخاطبون المُدرّس ويقولون له: ” اللحمات إلك والعضمات إلنا”، إشارة إلى أنهم يعتبرون أن العُنف والضرب هو من يُربّي الأطفال.
اقرأ أيضاً كيف خيبت أمل “أمي وحماتي” بانجاب الصبي؟ – ناجي سعيد