هل يأخذ أردوغان أمنه و أمانه و يرحل عن عفرين؟
سناك سوري _ محمد العمر
صباح الأحد 18/3/2018 أعلنت “تركيا” رسمياً سيطرتها على “عفرين” السورية بعد قرابة شهرين من القصف على المدينة و التقدم نحوها بالاستعانة بفصائل من المعارضة السورية (درع الفرات) في عملية عسكرية تركية باسم “غصن الزيتون” التي انطلقت في 20/1/2018.
شهران من مقاومة “أهالي عفرين” التي ووجهت ببطش عسكري تركي نتج عنه نزوح قرابة 200 ألف مواطن من “عفرين” و سقوط مئات الضحايا من المدنيين، إضافة إلى استهداف 48 مدرسة إلى جانب المنشآت الحيوية و المواقع الأثرية مثل معبد “عين دارة” والبنية التحتية للمدينة.
اقرأ أيضاً: 200 ألف نازح من “عفرين” و”أردوغان” يزف البشرى لأنصاره
و لم تنته الانتهاكات بنهاية المعارك بل كانت مجرد بداية لسلسلة طويلة من الجرائم و الاعتداءات على الأهالي المتبقين في المدينة قام بها عناصر القوات التركية و عناصر من فصائل المعارضة المشاركة في “غصن الزيتون”.
عمليات الاستيلاء على المنازل و توطين مقاتلي فصائل الغوطة في المدينة و سرقة محتويات المحال التجارية و البيوت السكنية ازدهرت مع السيطرة التركية على المدينة و انتشرت مقاطع فيديو لعمليات النهب و التعفيش كما اشتهرت حادثة انفجار جرار مسروق بعنصرين من لواء “السلطان مراد” كما أدى الخلاف على المسروقات إلى اشتباكات بين الفصائل و توسعت عمليات سرقة الآثار السورية و تهريبها إلى “تركيا” حيث وصل عدد القطع المسروقة إلى ما يقارب 16 ألف قطعة، إضافة للاعتداء على مزارات دينية و سرقة محتوياتها و نبش القبور داخلها كما حدث لمزار “الشيخ زيد”.
اقرأ أيضاً :على خطى “داعش والنصرة” مسلحون مدعومون من تركيا ينبشون مزارات عفرين
انتشرت أيضاً عمليات خطف المواطنين و تعذيبهم و الإفراج عن بعضهم أحياناً أو إبقاء مصيرهم مجهولاً في أغلب الحالات، كما فرضت فصائل “درع الفرات” الأتاوات على مزارعي “عفرين” و أحرقت المحاصيل الزراعية لمن رفض دفع الأتاوة و قام جيش العدوان التركي بعمليات اقتلاع لأشجار الزيتون في مساحات واسعة من مناطق عفرين الزراعية.
بعد ظروف النزوح القاسية التي تعرض لها أهالي “عفرين” المهجرين بفعل المعارك، حاولوا العودة إلى مدينتهم إلا أن جيش الاحتلال التركي رفض إعادتهم.
و استخدم الأتراك مقاتلي الفصائل في عملية تتريك المنطقة و تغيير هويتها حيث نصبت “تركيا” محامٍ عام تركي لإقامة العدل التركي في المدينة المحتلة وتغيير اللوحات الطرقية و لوحات المؤسسات لإزالة اللغة الكردية و استبدالها بكتابات باللغة التركية بينما كان مقاتلو الفصائل يلقنون أطفال “عفرين” أهازيج الترحيب و أغاني التمجيد بالرئيس التركي الذي يحتل أرضهم، و يفرضون اللغة التركية على المناهج المدرسية في انتهاك صارخ لحقوق الأطفال الذين وقعوا ضحية الاحتلال ما منع الكثير منهم من إكمال دراسته.
اقرأ أيضاً :حملة خطف واعتقالات في عفرين خلال عيد الأضحى وتسريب فيديو اطلاق نار على مختطف
الأمن والأمان اللذان طالما تشدّق “أردوغان” بحملهما للمدينة لم يأتيا أبداً فقد تكررت الاشتباكات و عمليات الاقتتال بين الفصائل التي من المفترض أن تكون متحالفة! لكن الصراعات على السرقات و السلطة جدّدا في كل مرة الاشتباكات بين المقاتلين داخل أحياء المدينة ما أدى إلى إصابات بين مدنيي “عفرين” ضحية صراعات أخوة المنهج.
و اتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة التركية بممارسة انتهاكات بحق أهالي “عفرين” تشمل الاعتقالات التعسفية و الاختفاء القسري و مصادرة الممتلكات و الاستخدام المفرط للقوة بحق أهالي “عفرين” كما أكدت الأمم المتحدة حدوث انتهاكات واسعة ضمنها تهجير الأهالي و سرقة أملاكهم و إعادة بيعها لهم بمبالغ طائلة و إجبار مدنيين على دفع رشاوى عبر نقاط التفتيش و تدمير منازل و حالات خطف و تعذيب.
حملات الاعتقالات لم تتوقف يوماً، عمليات الخطف و الابتزاز المالي صارت أكثر وحشية حيث تسرب أحد المقاطع الذي يظهر تعرض مخطوف من عفرين لإطلاق نار مباشر لإجبار أهله على دفع فدية لإنقاذه ما يشير إلى حجم الجرائم التي تجري دون أن تظهر خفاياها.
و وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض سقوط 384 مدنياً بينهم 55 طفلاً و 36 امرأة و خطف أكثر من 2600 مدني و تهجير مئات آلاف المواطنين من “عفرين”.
حاولت “تركيا” تلميع صورة احتلالها و إلصاق تهمة الانتهاكات بالفصائل المعارضة المتحالفة معها و شنت مؤخراً حملة ضد مقاتلي الفصائل الذين شاركوها احتلال المدينة لتثبت أنها تقيم العدل في مناطق احتلالها لكن جرائمها السابقة تبقي صورتها واضحة كقوة احتلال لأراضٍ سورية.
و كانت آخر المحاولات اليائسة تصريح “أردوغان” حول “عفرين” بأنها بفضل احتلاله تتمتع بالأمن و الاستقرار بدليل إقامة ملعب كرة قدم فيها!
تجاهل “أردوغان” سجلاً حافلاً من الجرائم و الانتهاكات بحق أهالي عفرين خلال عام من بدء الهجوم التركي و السيطرة عليها، تناسى النازحين و المخطوفين و المنهوبين، أنكر الدمار و السرقة و الفوضى، تذكر فقط ملعب كرة القدم فما رأيه أن يأخذ ملعب الكرة و يرحل عن الأراضي السورية التي دخلها غزواً و احتلالاً و ليترك لأهالي”عفرين” أن يتدبروا أمنهم كما فعلوا حتى خلال سنوات الحرب قبل احتلاله.
اقرأ أيضاً : أردوغان مفاخراً.. يوجد ملعب في “عفرين” وهم يلعبون كرة قدم