الرئيسيةسناك ساخر

طالب جامعي يحتل الصدارة ببطولة العالم للركض السريع

وقبل أن تنطلق عبارة "وانطلق يا موكبي" يفرّ زيد هارباً لكن دون رفع الصوت قوياً كي لا يلاحظه أحد

يستفيق الطلبة الجامعيون من أسرّتهم صباحاً وفقاً للتقليد الصباحي لشعوب العالم المتمدّن وصوت فيروز يرنّم “طلعت يا محلا نورها شمس الشموسة”. مع هذه العبارة يصحو الوعي الثوري للطالب من غيبوبته المؤقتة معلناً بدء السباق قبل أن تدقّ الساعة. معلنةً “عند الإشارة تكون الساعة الخامسة صباحاً” إيذاناً منها بحلول موعد الركض الصباحي للّحاق بمحاضرة الساعة الثامنة.

سناك سوري-ميس الريم شحرور

يرتدي هؤلاء الطلبة ما تقع عليه أعينهم من ملابس، ولا تستغربوا أن ينسى واحدهم وجهته فيلبس حذاء أبيه أو جدته. وهذا ربما يعيق طريقه نحو البطولة المرتقبة والمخصصة لذوي الهمم العالية ممّن يعتقدون بأنهم يستطيعون الوصول قبل الساعة الثامنة. ليرتطم بسقف السيرفيس (وهذا أسقف طموحهم عفكرة)، وهو يحاول صعوده من الشباك الخلفي بعدما سبقه إلى الباب زملاؤه من الطلبة الأرشق. الذين لم تخنهم ذاكرتهم وارتدوا حذاء الجامعة المخصص للسباقات. لكن في قانون الشباب لا مكان للاستسلام والإحباط فقد رُبّوا في مدارس علمتهم أنهم “شباب لا يلين”.

يجلس “زيد ” وهو اسم مستعار لنسبة كبيرة من المتسابقين، في المقعد الأمامي إلى جانب “عمو الشوفير”. بعد أن استطاع بالمنشطات “ألف ليرة إضافية عن الأجرة” التي يناولها للشوفير دوريّاً بناء علاقة شخصية معه على مدار العام. ويسرح بعيداً في خياله، وفي ذهنه صورة واحدة “يقف على المنصة مرتدياً لباس التخرج ممسكاً الشهادة بيد والحذاء السحري بيد أخرى”. وهو يردد “كم ركضنا في الصباح من مسافات لا نزل، كم عراقيل قد عبرنا”.

اقرأ أيضاً: الجري … الرياضة الأكثر شعبية لدى المواطن السوري

لكن ليست كل النهايات سعيدة فينسى زيد أن الطريق إلى الجامعة ما زال بحاجة باص وربما لن تنفعه المنشطات حين يكون الحكم للأسرع حصراً. دون الإضافات والفيتامينات.

يتطلع أمامه فيرى عشرات الرؤوس اليانعة التي وصلت الأقدام إلى علوّها في سباق ربما لم يستعد له بما يكفي فيقرر الركض على الطرقات القديمة حافياً حافياً. لا يأبه بالساعة التي تشير إلى الثامنة والربع، يدخل الجامعة متبختراً فيقرر شراء “فنجان قهوة” يستعيد به نشاطه الضائع على الأرصفة والطرقات. دون أن ينتبه للبهو الفارغ إلا من العاشقين الذين يسابقون الزمن أيضاً على طريقتهم “فيسافرون في الأحلام نحو بلاد أكثر عدلاً”.

في القاعة الباردة يصل الدكتور الجامعي قبل الجميع تحضيراً للمحاضرة التي سيكون فيها زيد تلميذاً، وبعده بساعة يحضر زيد ليفاجأ بأن المحاضرة المقرر حضورها قد ألغيت. لتحلّ مكانها محاضرة الرفاق عن جيل الشباب الذي يعقد عليه الأمل. يتزامن ماراثون الركض لدى زيد مع المقطع الذي تبدأ فيه الجلسة “وانطلق يا موكبي” لكن آثر ألا يرفع الصوت قوياً، لئلا يراه أحد وهو يفرّ هارباً.

اقرأ أيضاً: جامعات هونولولو تتصدر تصنيف دعك طلابها وصقل مواهبهم

زر الذهاب إلى الأعلى