صهيب رحال.. يبيع العرقسوس ويكمل واجباته الدراسية في الشارع
اليافع الصغير يعتبر الدراسة خطاً أحمر ويقسم وقته بين العمل والدراسة
بالقرب من ناصية جامع ‘‘عمر بن الخطاب’’ في شارع ‘‘الحمرا’’ بمدينة “حمص”، كان يقرأ بكتابه الدراسي منتظراً من يشتري منه أكياس المشروبات الرمضانية المعروفة ‘‘العرقسوس’’ و‘‘الجلاب’’ و‘‘تمر هندي’’، مشهد يجبرك أن تطيل النظر نحوه قبل أن تقترب منه محاولاً التعرف أكثر على تلك الشخصية التي عاندت الظروف وتحدتها.
سناك سوري-حسان إبراهيم
يقف ‘‘صهيب رحال’’ الفتى البالغ من العمر 13 عاماً منذ الساعة 2 بعد الظهر وحتى الساعة 5 تقريباً من أجل الحصول على (يومية) قدرها 2000 ليرة سورية كما ذكر أثناء الحديث مع سناك سوري، وأضاف شارحاً حكايته بقوله: «ينتهي دوامي في مدرسة ‘‘عبد الرحمن الدرَّة’’ بحدود الساعة 12 ونص ظهراً، وبعد وصولي للمنزل أحاول إنهاء الوظائف المطلوبة لليوم التالي ومن ثمَّ آتي لأبيع ما تيسَّر من هذه الأكياس قبل حلول موعد الإفطار. أحبُّ الاعتماد على ذاتي ولمساعدة عائلتي؛ لذا فإنِّي موجود هنا لكن الدراسة هي الأهم بالنسبة لي».
العلم بالنسبة لليافع الصغير، خط أحمر، ويضيف: «كل شي إلا العلم.. من أجل ذلك أحضرت معي كتاب ‘‘علم الأحياء’’ من أجل استغلال الوقت الذي أقضيه هنا تحضيراً لامتحان الغد ولأنني لم أعتد على تأجيل فروضي الدراسية وإهمالها، وأموري في المدرسة جيدة ووالدتي هي المشجِّعة الأكبر لي. أحلم بمتابعة الدراسة والحصول على شهادة جامعية في المستقبل».
اقرأ أيضاً: سوريا.. أم تبحث عبر الانترنت عن عمل لطفلها بعمر 12 عاماً
يعيش اليافع الصغير ظروفاً قاسية، جعلت اهتماماته مختلفة عن اهتمامات اليافعين الاعتيادية عادة، وهو يتشارك بذلك مع العديد من السوريين الآخرين في ظل الظروف المعيشية الضاغطة حالياً، يقول إن وقته موزع بين الدراسة والعمل، حيث يعمل يومي العطلة الأسبوعية بأحد محال الحلويات في المدينة، بأجر يومي 10 آلاف ليرة، وخلال أيام الأسبوع يعمل ببيع العصائر بعد دوامه المدرسي.
وخلال أشهر الصيف، اعتاد “رحال” العمل في ورشة لتمديد الكهرباء المنزلية، يضيف: «أحببت المهنة كثيراً. إضافةً لمساعدة والدي أحياناً في مهنة ‘‘الدهان’’ التي يجيدها، والتي توقَّف العمل فيها بسبب نقص الطلب عليها. لا أملك حساباً على ‘‘الفيسبوك’’ وأصلاً لا هاتف خليوي لديَّ وأشعر بأنَّ كلَّ ما فيه كذب وغير واقعي».
ورغم أن “صهيب” كان يجب أن يكون متواجدا في منزله ليتابع دروسه وواجباته كأي يافع آخر، إلا أنه قرر مساعدة أهله بما يستطيع، دون أن يتخلى عن حلمه بالسعي نحو نيل الشهادة الجامعية، وسط ظروف الحرب المعيشية الصعبة التي دفعت بكثير من الأطفال للعمل ومساعدة ذويهم.
اقرأ أيضاً: حسين ميا.. عاش في مطعم وحقق حلم العمر