صناعة النبيذ في السويداء.. تحديات كبيرة يمكن حلها بتعديل القانون
مشاريع منزلية تحتاج إلى تراخيص وحل المشكلة بيد الحكومة التي تدعم المشاريع الصغيرة
يخسر “عدنان عبد الملك” و”شبلي الجرماني” فرصة تسويق نبيذهما المنزلي خارج السويداء. نتيجة القوانين التي تستلزم تعديلاً سريعاً بما يضمن استمرار صناعة النبيذ عبر الورش المنزلية في السويداء.
سناك سوري-رهان حبيب
يقول المهندس “عدنان عبد الملك” 48 عاماً، لـ”سناك سوري”، أنه عرض نبيذه على سلسلة مطاعم كبرى في دمشق واجتاز نبيذه اختبارات دقيقة. وفق الشركة التي طلبت منه رقم الترخيص لاستجرار كميات كبيرة، لكن التعاقد لم يتم دون وجود رخصة.
توجه “عبد الملك” إلى مديرية الصناعة ودائرة الترخيص في المحافظة، واطلع على شروط الترخيص التي وصفها بغير المنطقية. فالشرط يُلزم المنتج بإقامة منشأة في المنطقة الصناعية بقرية “أم الزيتون” حصراً. الأمر الذي يحوّل الورشة المنزلية إلى منشأة صناعية، علماً أن صناعة النبيذ في السويداء تعتبر منزلية تراثية. ويتواجد فيها عشرات المنتجين الذين يعتمدون على موسم العنب الرئيسي في المحافظة.
يتساءل “عبد الملك”: «لماذا لا نتمكن من إقامة منشآت في مناطق إنتاج العنب، وما الغاية في حصرها في منطقة بعيدة عن حقول العنب والقرى المنتجة».
لماذا لا نتمكن من إقامة منشآت في مناطق إنتاج العنب، وما الغاية في حصرها في منطقة بعيدة عن حقول العنب والقرى المنتجة صانع النبيذ عدنان عبد الملك
صانع النبيذ بنوعي المز والحلو، يعتني بالشروط الفنية ويطبق خبرته التي طورها في صناعة النبيذ. لم يتمكن سوى بتسويق منتجه بشكل منزلي، ولم ينجح بالحصول على الترخيص المناسب الذي يكلفه اليوم الحصول على محضر بالمدينة الصناعية مثله مثل أي شركة صناعية كبيرة.
النبيذ الذي ورثه أهالي المدينة صناعته من الرومان وبقيت معاصره الحجرية شاهدة على عراقته. رافق الأهالي كهواية ورغبة منهم بالحصول على مشروب نقي ولذيذ، وفق “عبد الملك”. مضيفاً أن كافة المنتجين اعتمدوا العمل في المنزل أو في ورش صغيرة قريبة من مناطق إنتاج العنب وقد تمكنوا من تطوير أدوات الإنتاج للعصر والحفظ. ويتحملون تكاليف الحصول على العبوات والسدادات من الخارج ولم تحصل هذه الصناعة التراثية على أي دعم يذكر للمحافظة عليها.
المشكلة عامة
“عبد الملك”، ليس صانع النبيذ الوحيد في السويداء، الذي يعاني من مشكلات تتعلق بصناعة النبيذ، وها هو “شبلي الجرماني”. من قرية “قنوات”، الذي تعلّم الصناعة من والده “أسد الجراماني” الحائز على دكتوراه في الصناعات الغذائية، يواجه إلى جانب مشكلة التراخيص، مشكلة أخرى تتمثل بعدم التمييز بين المنتج الجيد والمنتج السيء.
صمم “الجرماني” الابن مكبساً خاصاً وحصل على خزانات الكروم باهظة الثمن. وعمل على تطوير الصناعة بأجهزة صممها بنفسه للتعبئة. وحصل على مقاييس السكر والحرارة لمراقبة عملية التعتيق ويعز عليه وفق حديثه أن يعامل مُنتجه بالسعر أو التقييم مثل أي نوع من النبيذ غير المراقب.
يصف “الجرماني” عملية التصنيع بالدقيقة جداً والتي تتطلب جهوداً شاقة، ويضيف لـ”سناك سوري”. أن مراحل التصنيع تحتاج لدقة باختيار المحصول، ومراقبة عملية العصر والحرص على عدم تعرضها للهواء حتى التعتيق ومراحل التعبئة لإنتاج نبيذ يصفه بالفاخر، الذي يعامل في النهاية مثله مثل أي منتج عشوائي.
“نبيذنا مظلوم لأنه غير مرخص”، يقول “الجرماني” ويضيف، أن هناك معاناة كبيرة مع كلف الإنتاج وحاجة المنتج للدعم ومنحهم استثناءات للحصول على التراخيص.
في بلدة قنوات” عشرات المنتجين مع اختلاف الكميات وفي حال قدمت تسهيلات بالتراخيص يتم إيجاد بيئة صحية. وبالتالي يمكن مراقبة المنتج وتقييمه ووضع معلومات وماركة لكل منتج، ما يساعد على تحديد السعر المناسب وإمكانية للتسويق خارج المحافظة وخارج الطرق التقليدية.
نقل الورشات من المنازل إلى المنطقة الصناعية صعب
“أدهم عزقول” الذي ينتج نبيذه المنزلي بالطريقة التقليدية قال إن نقل الورش من المنازل إلى المنطقة الصناعية يشكل صعوبة كبيرة أمام المنتجين. وتمنى الحصول على استثناء لضمان العمل في مناطق إنتاج العنب مثل قنوات والقرى الجبلية.
بالحديث مع مدير الشؤون القانونية في محافظة السويداء “وليد الحسين”، قال لـ”سناك سوري”، إن بلاغ مجلس الوزراء الخاص بالترخيص للصناعات الزراعية. ينص على أن كل منتج يرغب بالحصول على ترخيص صناعة النبيذ يفترض الحصول على محضر في المنطقة الصناعية بأم الزيتون الشريحة الغذائية.
“الحسين” يرى أن المنطقة الصناعية توفر بنية تحتية جيدة لصناعة النبيذ في السويداء. ومع ذلك يقول إنه من الأفضل منح الترخيص للصناعات الزراعية الغذائية في مناطق الإنتاج كونه يبدد الكثير من المشكلات على المنتجين. مشيراً أنه في حال الترخيص فذلك يسهل عملية مراقبة المنتج بشكل أفضل كمنتج غذائي تراثي تشتهر به السويداء مع العلم أن التراخيص حاليأ خارج المخطط التنظيمي متوقفة وفق قرارات مجلس الوزراء. والمطلوب استثناء الصناعات الزراعية من بلاغ رئاسة مجلس الوزراء.
يذكر أن الحكومة السابقة كانت قد كلفت اللجنة الاقتصادية شهر آذار الفائت. بإعداد سياسة متكاملة لتطوير وتنظيم المشروعات المتوسطة والصغيرة لناحية البنية والهيكلية والأسس والدعم والتسهيلات المقدمة. ووصف “حسين عرنوس” رئيس مجلس الوزراء السابق، المشاريع الصغيرة حينها بأنها تشكل العمود الفقري للاقتصاد السوري وقاطرة للتنمية الاقتصادية المجتمعية والإنتاج وتحسين النشاط الاقتصادي.