صناعة المراكب في جزيرة أرواد حرفة تهددها البيروقراطية الورقية
يدفع الحرفي 150 ألف ليرة كل سنة لتجديد رخصته القديمة التي لا تخوله أن يكون مبدعاً ولو بحركة فنية واحدة
سناك سوري- نورس علي
راجع الحرفي “خالد حمود” من سكان جزيرة “أرواد” المديرية العامة للموانىء لدفع غرامة قدرها 500 ليرة سورية ليكفر بها عن خطأ ارتكبه أثناء إعادة تصنيع قاربه الذي سمح له مؤخراً بتجديد رخصته لكن إجراءات تصحيح الخطأ البالغ زيادة 20 سنتيمترا في طول قاربه كلفته 70 ألف ليرة سورية إضافية.
“حمود” هو أحد حرفيي الجزيرة الذين منعتهم السلطات المختصة على مدى عقود طويلة من الحصول على تراخيص لإنشاء مراكب خشبية، بحجة وجود عدد كبير منها يفوق الطاقة الاستيعابية للجزيرة ومرفئها، لكنها عادت وسمحت بالتجديد لـ 200 رخصة فقط، علماً أن هذه الرخص تكون على ما يمكن تسميته إعادة ترميم مراكب متهالكة، ووفق تراخيصها السابقة بالطول والحجم، ولا يسمح بتجاوزها مهما كان التجاوز بسيطاً أو غير مقصود، لأن المتحكم هنا بعملية الإنشاء ليس الحرفي وإنما طبيعة الأخشاب».
ويوضح “حمود” خلال لقاء خاص مع “سناك سوري” أن عدد النجارين العاملين بصناعة المراكب البحرية في الجزيرة يبلغ حوالي سبعة نجارين أساسيين يملكون التجهيزات الحرفية اللازمة للعمل، بينما يوجد نجارين مساعدين لهم لا يملكون قدرات مالية للترخيص بمزاولة المهنة، مشيراً إلى أن كلفة رخصة مزاولة المهنة تبلغ حوالي 150 ألف ليرة سنوياً، وهي قيمة كبيرة جداً مقارنة بدول الجوار، علماً أنه في ذات الدول تمنح التراخيص لمرة واحدة كل عدة سنوات قد تصل إلى عشرة وتزيد، وبعضها – أي هذه الدول – يستمر الترخيص فيها لعمر الستين من حياة الحرفي.
و يضيف : من وجهة نظري لو أنها تكون مرة واحدة كل عشر سنوات مستمرة، لأن عملية التجديد السنوية مكلفة ومتعبة من حيث عقدة الإيجار الجديد لمكان الإنشاء، والأوراق المطلوبة التي نحصل على بعضها من محافظة “اللاذقية”، وهذا يكلف وقت حوالي عشرة أيام مستمرة، ويجب تجديد الرخصة قبل انتهاء موعدها، وأي تأخير عليها يضطر النجار لدفع ضعف المبلغ الأساسي نتيجة المخالفة بالوقت».
الصياد “حسين إسماعيل” تحدث عن الإجراءات التي وصفها بالقاسية فيما يخص مخالفات عدم التقيد بالرخص ولو لعدة سنتيمترات، وقال: «يتعرض الحرفي لمخالفة تضطره لقص أجزاء من المركب تسيء لشكله وجماليته وأدائه في حال زاد طوله بعد الانتهاء منه عما هو موجود ضمن الرخصة، علماً أن هذه الزيادة لا يمكن التحكم بها بدقة خلال عملية الإنشاء، لأن المتحكم هنا طبيعة الألواح الخشبية وبدن المركب المراد ترميمه».
لم تنتهي معاناة الحرفيين عند هذا الحد، بل تعدتها إلى عدم تزويدهم بمادة المازوت لزوم عمل المولدات التي تدير مكنات النجارة في حال انقطاع التيار الكهربائي، مما يضطرهم لشرائه من السوق السوداء بتكلفة تصل لحوالي 250 ليرة لليتر الواحد.
اقرأ أيضاً : بعد إهمالها لعقود الحكومة تقرر الاهتمام بجزيرة أرواد