شباب جيل الحرب لا يجيدون القراءة.. الأمية في سوريا
الأمية والزواج المبكر.. خطر خلفته الحرب على جيل من الشباب السوريين
سناك سوري – عمرو مجدح
عرقلت الحرب السورية مسيرة التعليم والقضاء على الأمية في البلاد، ورغم أن لا نسب واضحة إلا أن هناك زيادة كبيرة في نسبة الأميين خصوصاً في المناطق التي شهدت صراعاً، فهناك “جيل الحرب” الذين حرمتهم الأزمة من حقهم في التعليم مع انتشار الفوضى والفقر وغياب الأمان وبعد عقد من بدأ الأحداث أصبح أطفال الأمس شباباً يقارب بعضهم العشرين عاماً.
كانت صدمة “علي يوسف”24 عاماً و من سكان مدينة “دمشق” الأولى مع الأمية، من خلال إحدى تطبيقات البث المباشر على الهاتف يقول لـ”سناك سوري”: «رغم معرفتي بزيادة نسبة الأمية في “سوريا” نتيجة تداعيات الحرب خلال العشر سنوات الماضية الا أني لم أصادف في محيطي بمدينة “دمشق”، أياً من هذه النماذج، لكن خلال متابعتي لتطبيقات البث المباشر عبر الهاتف، لفتني بعض الشبان وأغلبهم من محافظات شهدت معارك أعمارهم لا تتجاوز العشرين، معظمهم عاجزون تماماً عن القراءة».
احتكاك “عبد الله الجمال” 30 عاماً (اسم مستعار) الأول مع الأمية عندما عاد إلى مدينته “حلب”، ليفتتح محلاً في قلب المدينة بداية العام 2020 يقول لسناك سوري: «كانوا بائعين جوالين قادمين من أرياف المحافظة يبيعون مصاحف ومسابح، مع الأيام اكتشفت أن أكبرهم من مواليد العام 2000 متزوج ولديه طفلين، كانت ملامحهم تعطي أضعاف أعمارهم».
يحكي “الجمال” عن المرة الأولى التي اكتشف فيها الأمية وعجز البعض عن القراءة قائلا: «كنت أسمع الكثير من الأشخاص الذين يقومون بنصحهم بالبحث عن وظيفة حقيقية إنما المرة الأولى التي اكتشفت فيها عدم قدرتهم على القراءة والكتابة عندما أخذ أحد المارة من البائع مصحف وقال له، لو بتعرف تقرا يلي مكتوب هون رح اشتري منك كل المصاحف” فجاء رد البائع: لو أنا بعرف اقرأ واكتب ماكنت شفتني بشتغل هالشغلة».
اقرأ أيضاً: في اليوم العالمي لمحو الأمية.. “لمى” في الصف السادس ولا تجيد القراءة أو الكتابة!
وعن أزمة الزواج المبكر إلى جانب الأمية يقول: «كانوا جميعا متزوجين “زواج أقارب” حتى أصغرهم الذي يبلغ الرابعة عشر عاما والذي أخبرني أن زوجته تكبره بعام وعندما دار حوار بيني وبينهم قلت لهم: أنا بالثلاثين من العمر وحالتي المادية جيدة وما زلت غير قادر على فتح بيت وأن أكون مسؤولاً عن زوجة وأطفال فبرر أكبرهم زواجه المبكر قائلا: “الحياة كانت أرخص”! قلت له: عندما ساءت الأوضاع اقتصادياً في البلد لماذا جئت بطفل ثاني ولم تكتفِ بواحد أجاب ببساطة وعفوية: “والله كنا صغار وماحدا نصحنا وعلمنا كيف نعمل علاقة بلا مايصير عندنا أطفال»!.
يصر “الجمال” على تسمية ذلك الزواج “بزواج القاصرين” ويرى أنه لا يقل خطورة عن زواج الفتيات تحت السن القانوني وعن ماحكي له حول مراسم عقد القران يقول: «كتب الكتاب بيصير عند شيخ وبيحطو اسم شيخ وهمي أو اسم شيخ مهاجر على “تركيا”»، ويضيف:« أتساءل وأستغرب كيف يتحمل ولد بعمر الرابعة عشرة مسؤولية بيت وزوجة وهو لا يأخذ معونات وليس لديه دفتر عائلة ولا يحصل على جرة غاز وخبز والكثير من الامتيازات المرتبطة بعدم وصوله للسن القانوني».
يتذكر “محمود الحجي” 25 عاماً (اسم مستعار) وهو من ريف إدلب بإمتنان موقف والده ويصفه بصاحب الفضل الأكبر في إكماله وأشقائه تعليمهم يقول: «عندما خرج والدي من بلدتنا في بداية الأحدث كان كلّ همه أن أكمل أنا وأخوتي تعليمنا» ، ويضيف: «عندما خرجت المنطقة عن سيطرة الدولة السورية بقيت المدارس مفتوحة مع منع بعض الكتب ككتاب القومية وبالتدرج كان انسحاب الطلاب من المدارس خصوصاً مع مرحلة اشتداد المعارك والنزوح نحو القرى وصار أقصى طموح الناس هو البقاء على قيد الحياة».
اقرأ أيضاً: “سوريا”.. الزواج المبكر ينتعش خلال الأزمة والنسبة وصلت إلى 46 %
بحزن يحكي “الحجي” عن أبناء عمومته وأحفاد العائلة الذين لم يذهبوا إلى المدرسة أبداً، بسبب نزوحهم إلى إحدى القرى التي لا يوجد بها أماكن للتعليم ويتابع قائلاً: «حتى مدارس الائتلاف المعارض لا يذهب إليها الجميع وإذا ذهبوا فبشكل متقطع لأن الأمان غير موجود أعتقد أن طريقة تفكير الناس في هذه المناطق اختلفت عن السابق فلم يعد التعليم من أولوياتهم وأغلب من يدرس أبنائهم هم من المقتدرين مادياً».
وعن الزواج المبكر يقول: «طبيعة المجتمع والحياة والأعراف، في هذه المنطقة تفرض غالباً على الشاب الزواج بعمر الخامسة عشرة، وأعرف العديد من النماذج الذين تزوجوا في مثل هذه السن».
يقول الصحفي والمراسل في محافظة إدلب “حسام الشب” لسناك سوري: «كانت نسبة الأمية قليلة جدا في إدلب قبل الحرب السورية، ولا تكاد تذكر بينما اليوم وضع التعليم ليس جيدا»، يضيف: «مع عودة سيطرة الحكومة السورية على مناطق الريف الشرقي لإدلب فتحت المدارس بشكل كامل في “سنجار” وريفها و”أبو الظهور” وريفها كذلك مدينة “خان شيخون” وعاد قسم من الطلبة الذين تأخروا تعليميا خلال السنوات الماضية إلى مقاعد الدراسة». ويشير أن مناطق “سنجار” وأبو الظهور” تعتبران أكبر تجمع بالريف الشرقي ويتبع لهما عشرات القرى والبلدات والمزارع وكلها عاد إليها التعليم وفتحت المدارس بها.
وبحسب تقرير لـ”الأمم المتحدة” (الإسكوا) و “جامعة سانت أندروز” صادر في أيلول 2020 فقد تسرب 3 ملايين طفل سوري من مدارسهم في العام الدراسي 2017/2018، حيث انخفض مؤشر التنمية البشرية في “سوريا” انخفاضاً حاداً من 0.64 في عام 2010 إلى 0.549 في عام 2018، مما قلل من مكانته من مظلة البلدان ذات التنمية البشرية المتوسطة إلى البلدان ذات التنمية البشرية المنخفضة.(سناك سوري).
اقرأ أيضاً: التطرف يهدد مستقبل أطفال ريف حماة الشمالي