“سوريا” الرائدة المنسيّة التي كرّست حياتها لتغيير واقع النساء في بلدتها الريفية
سناك سوري – لينا ديوب
كرّست “سوريا محفوض” من سكان وادي بلدة “وادي العيون”بريف “حماة” جزءاً كبيراً من حياتها للعمل على تغيير واقع النساء في مجتمعها ولم تدخر وقتاً أو جهداً لنشر التوعية والمعرفة بين نساء محيطها خاصة بعد ملاحظتها منذ نشأتها الأولى للتمييز في المعاملة بين فتيات الأسرة الميسورة في البلدة والفتيات الفقيرات في المدرسة وخارجها، إضافة للتمييز بين الذكور والإناث في فرص العمل والخروج إلى الحياة العامة.
امتلكت ابنة وادي العيون شخصية قوية واهتماماً بالعمل والتحدي وينقل عنها أنها في إحدى زيارات أقرباء لها من مصياف إلى البلدة قالت إحدى بناتهن أنا لا أفضل المجىء إلى هنا لأن البنات يتباهين بما يملكن من حلي ذهبية وملابس غالية الثمن، فكان رد “محفوض”:«أنت من يحق لك التباهي بتفوقك العلمي وسعيك للوصول إلى الجامعة».
تقول محفوض لـ سناك سوري: «عندما وصل نشاط الاتحاد العام النسائي سنة 1973 إلى البلدة بادرت بالانضمام إلى الوحدة النسائية وكانت حينها الفرصة الوحيدة للوصول إلى نساء البلدة والقرى القريبة منها، ولأنني كنت أجيد الخياطة بدأت بتدريب الفتيات والنساء على الخياطة».
حاولت السيدة الستينية توسيع دائرة الفائدة واستعانت بما تيسر لها من خبرات تطوعية لتقديم خدمات أخرى للسيدات في محيطها، فأقامت دورات تمريض بإشراف الممرضة “وداد خضر” التي اقتنعت بالمبادرة واستمرت بها لفترة طويلة استحقت التكريم عليها.
المبادرة الإيجابية التي تبنتها “محفوض” دفعت كثيرين لمشاركتها فاستضافت محامين لنشر المعرفة الحقوقية وكان لها أيادي بيضاء في تمكين النساء من حقوقهن، وكذلك الجانب الصحي الذي تطوع فيه أطباء قدموا معرفة صحية بما في ذلك عن حماية الأسنان.
آمنت “محفوض” بالتبادل الثقافي النسائي بين المناطق، وراحت ترتب لقاءات اجتماعية بين الوحدات النسائية في المناطق المحيطة وصولاً إلى “برشين” في ريف حمص.
تمكين الذات- وقلة دعم الاتحاد
عملت “سوريا” على تمكين ذاتها وبناء قدراتها بجهد شخصي، في ظل ظروف يعاني فيها الريف من قلة التنمية وفي ظل المركزية الشديدة، فبعد الاتحاد النسائي المركزي عن الريف وقلة دعمه لها وتركيزه على مراكز المحافظات بشكل رئيسي لم يحل دون اعتمادها على ذاتها وقطع المسافات تجاه المدينة لتأهيل ذاتها، حيث شاركت في تدريبات عديدة تقول إن أبرزها الدورة المهنية في اتحاد الفلاحين التي نالت عنها مرتبة أولى.
تمثيل النساء في المجلس البلدي
نجحت “سوريا محفوض” بالوصول إلى عضوية المجلس المحلي في “وادي العيون” في ثمانينات القرن الماضي، وتركز نشاطها على دعم النساء وتمكينهن، حيث عملت في المجلس 12 عاماً، إلا أنها اضطرت لترك نشاطها لرعاية والدتها المريضة عام 1995، بعد رحلة عمل امتدت سنوات كمتطوعة، لم تترك أثناءها مهنتها في الخياطة لتؤمن لقمة عيشها.
بغياب “سوريا محفوض” عن العمل النسوي تراجع الاهتمام بالمرأة والوحدة النسائية في البلدة وفقاً للسيدة “وداد حسن خضور” من أهالي البلدة، بينما تقول “علا ديوب” من سكان “وادي العيون” عن صورة متابعة المسيرة النسائية في البلدة« إن البلدة بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لنساء مبادرات ونشيطات، يطورن ما بدأت به “سوريا” خاصة بعد أن زاد عدد المتعلمات والخريجات، لكن دون اهتمام بالشأن العام أو العمل في حال توفر من ينفق».
اقرأ أيضاً:“ثروت الأخضر”… كلما أغلقت الحرب باباً في وجهها كانت تجد للحل طريق