سوريا: قرية من الطين لا يعيش فيها إلا النساء
نساء سوريات يؤسسن قريتهن الخاصة التي يمنع على الرجال العيش فيها
سناك سوري – متابعات
بعيداً عن السلطة الذكورية، التي خلفت وراءها اليتم والترمل، بَنت مجموعة من النساء في ريف “الحسكة” شمال “سوريا” قرية من “الطين” الخالص، يمنع على الرجال الاقتراب من أسوارها العالية.
أتت الفكرة بعد أن سلبت الحرب على “داعش” حياة الكثير من الرجال، ولم ترحم أحداً، خاصة تلك النساء اللواتي ترملن باكراً، وتحملن تبعية ذلك في تربية الأطفال وإعالتهم، هؤلاء الأطفال الذين لم يعيشوا حياة طبيعية تمكنهم من الاستمرار بسوية عالية، في مدارسهم التي تدمرت، وساحات ملاعبهم المسلوبة.
القرية التي تحتوي على واحد وعشرين منزلاً، أنشأتها النساء تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، والانطلاق من جديد، حيث تقول “نوجين”، أو “الحياة الجديدة” باللغة الكردية، وهو الاسم الجديد لفتاة ألمانية قدمت للمساهمة في هذا المشروع: «يمثل هذا المشروع بالنسبة لي الرد الصحيح على “الحرب في سوريا”، وعلى ما يحدث في المجتمع. وهدفي من ذلك أن النساء قادرات على الاعتماد على أنفسهن، وبناء اقتصاد محلي في هذه القرية، وعلى تقرير مصيرهن بأنفسهن، والعيش بحرية دون أن يتضرر أحد من ذلك».
وتتابع “نوجين” لتلفزيون “دوتشة فيله” الألماني عن صيغة الحياة هناك: «قمنا بإنشاء مزرعة لزراعة الخضراوات، ونسعى الآن لبناء مدرسة للأطفال، وأكاديمية لتعليم النساء. كل هذا يحتاج إلى أياد عاملة كثيرة، وبإمكان النساء المطلقات العيش في هذه القرية أيضاً، خاصة مع نظرة المجتمع السيئة تجاههن».
اقرأ أيضاً “السياسة” تحرم أهالي الحسكة من الخدمات الطبية!
وعلى الرغم من أن هذه القرية ليست الأولى في “سوريا” المبنية من الطين، فقد لجأ الكثير من الأهالي الذين دمرت بيوتهم خلال الحرب إلى هذه الطريقة، لكن نساء القرية التي لم تحمل اسماً يخططن لبناء مستوصف وفرن لإنتاج الخبز، وهي أساسيات تبحث عنها النساء للبدء في إكمال المشروع الأول من نوعه في المنطقة.
“دجلة عبد الله” السيدة المطلقة، والتي أنجبت ثلاثة أطفال يعبشون الآن مع والدهم، أتت للعيش في القرية، لتعتمد على نفسها، قالت: «تزوجت وأنا بعمر الرابعة عشر، ودفعت ثمناً باهظاً للزواج المبكر، فقد عانيت الأمرين في حياتي الزوجية، وآمل أن أقف على قدمي من جديد في هذا المكان، وأن أكون قوية، وأتمنى من كل النساء اللواتي مررن بما مررت به أن يأتين إلى هنا ليعتمدن على أنفسهن، ويصبحن قويات أيضاً».
بين مستوعب للفكرة، ويتقبلها كحالة خاصة من الحرية الشخصية، وبين رافض لها بالمطلق، تبقى هذه التجربة التي تحاول “الإدارة الذاتية” تعميمها ودعمها بقوة موضع مراقبة عن كثب، فهناك في تلك البيوت التي زينتها الألوان والأشكال المصنوعة من الطين يكبر أطفال من الجنسين، ولدى كل واحد منهم أحلاماً تكبر معه، فهل تبقى هذه الجنة النسائية الموعودة بعيدة عن هم الذكوريين ولغة الحرب؟.