سوريا: جريح حرب يصفق بيد واحدة ويدعو الجرحى لمشاركته تجربته
مطبخ الجريح: أكلاتك من عنده غير… جريح الحرب “محمد الصعيدي” يروي قصته لـ سناك سوري
سناك سوري – دمشق
بـ خمسة آلاف ليرة سورية بدأ الجريح الشاب “محمد الصعيدي” مشروعه الخاص في صناعة الوجبات الغذائية ضمن منزله وبيعها للزبائن الباحثين عن طعام البيت “الجاهز”، هذا المشروع الذي كسر فيه القاعدة التي تقول “يد لوحدها لاتصفق”، وفرض قاعدة جديدة مفادها أن يد “الجريح” تصفق وتطبخ وتخلق فرصة العمل وتؤمن احتياجات العائلة وترضي ذاته أيضاً.
“الصعيدي” وهو شاب تعرض لإصابة حربية تسببت بشلل في يده اليسرى لم يكن طباخاً من قبل ولا يعرف الكثير عن هذا “الفن”، لكنه وخلال الفترة التي عقبت الإصابة واستمرت عاماً ونصف كان يراقب والدته وزوجته وهما يصنعان الطعام، وبدل أن يبقى متفرجاً محاصراً بإصابته، قرر تعلم الطبخ.
يقول “الصعيدي” في حديثه مع سناك سوري إن أول طبخة جربها بعد التعلم كانت “ورق العنب” وهي أكلة ليست سهلة الصنع، وعلى إثر الثناء والدعم الذي حظي به من خلالها وإشادة المتذوقين به، قرر إكمال المسيرة.
اقرأ أيضاً: رجال “عفرين”.. يداوون جراح المدينة بكرة القدم
في البداية كان الجريح ابن 29 عاماً يسوق طبخاته بين الجيران والأقرباء، وشيئاً فشيئاً راح يتوسع وأنشأ صفحة على فيسبوك “أكلاتك من عنا غير” وراح يبحث عن مستهلكين جدد ويوسع دائرة زبائنه، حتى وصل إلى نطاق واسع، وبحسب قوله فإن بعض الزبائن يأتون إليه من خارج العاصمة.
مطبخ “محمد” يقع في حي ركن الدين الدمشقي العتيق، وهو يقدم من خلاله أنواع وأصناف متعددة من الطعام يصنعها في غرفته الخاصة التي اقتطعها من منزله وحوّلها إلى محل صغير لإنجاز عمله حيث يقوم بصناعة الكبة والفطائر والبرك بأنواعها، إضافة لأنواع محددة من الحلويات مثل المعمول وقراص بعجوة، لافتاً إلى أن عمله الذي بدأه قبل سبعة أشهر بمساعدة بسيطة بدأ بالتطور ووصل حداً مقبولاً من الشهرة وصلت لبعض المحافظات التي أصبح له فيها زبائن خاصة وقد شحن مؤخراً لـ “طرطوس” مجموعة من المربيات والكشك الناعم، مشيراً إلى أنه حصل لاحقاً على دعم عيني لتأمين بعض الاحتياجات لمطبخه من قبل “سيدات سوريا الخير”.
اقرأ أيضاً: مئات المصابين في حمص تمكنوا من المشي بعد تركيب أطراف صناعية
“الصعيدي” وهو متزوج ولديه طفلين أصبح الآن يؤمن مصروف أسرته الصغيرة من خلال مشروعه فهو يشعر بالسعادة والامتنان لمجرد أن يكون لديه طلبية كل أسبوع، مؤكداً أن العمل ساعده كثيراً على التعافي ونسيان كل مامر به من صعاب فهو ينزل للسوق ويشتري ماتحتاجه طبخاته من مواد كما أنه يقوم بإيصال الوجبات لأصحابها.
تعترض عمل الجريح مجموعة من الصعاب التي يأمل أن يجد لها الحل القريب أهمها موقع منزله في منطقة مرتفعة بعيدة عن مركز المدينة مايجعل عدد زبائنه اليوميين محدود إضافة لصغر حجم الغرفة الذي لايمكّنه من عرض منتجاته، لافتاً إلى أن هدفه القريب إنشاء مطبخ خاص لتشغيل الجرحى الذين فقدوا فرص عملهم متمنياً على أصدقائه الجرحى خلق فرص عملهم بأنفسهم، وداعياً في الوقت نفسهم المؤسسات المعنية لمساعدة الجريح في ذلك، لأن العمل هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينسيه ظروف الإصابة.
اقرأ أيضاً:ابن حلب يمشي إلى ما قبل الحرب بلا ساقين