سوتشي قبل عامين..لجنة دستورية واحترام حقوق الإنسان
بعد عامين على مؤتمر الحوار السوري في سوتشي ماذا تحقق من مخرجاته؟
سناك سوري _ دمشق
تمرُّ اليوم الذكرى الثانية لمؤتمر الحوار الوطني السوري الذي عُقِد في “سوتشي” الروسية وخرج للمرة الأولى بالاتفاق على فكرة “اللجنة الدستورية”.
وتعود فكرة المؤتمر إلى تشرين الثاني 2017 حين اجتمع رؤساء الدول الضامنة (روسيا، تركيا، إيران) في “سوتشي” ذاتها، وأعلنوا عن توصّلهم لخارطة طريق للتسوية السياسية في “سوريا” عبر تنظيم حوار وطني وتعزيز وقف إطلاق النار وزيادة المساعدات للمتضررين إضافة إلى تضمين الحل السياسي إجراء انتخابات حرة بإشراف أممي، وصياغة دستور ينال موافقة السوريين.
ووصفت وكالة سانا الرسمية المؤتمر آنذاك بأنه سوري-سوري، بينما أفرد التلفزيون الرسمي السوري ساعات من البث للحديث عن أهمية هذا المؤتمر وقال العديد من ضيوف التلفزيون آنذاك إنه بداية طريق الحل السوري السوري
أما الراعي الروسي فقد نجح في عقد المؤتمر رغم إعلان مقاطعته من “الهيئة العليا للتفاوض” المعارضة بما فيها “هيئة التنسيق الوطنية” ، وعودة ممثلي فصائل المعارضة المسلحة إلى “أنقرة” بعد وصولهم احتجاجاً على عدم تلبية شروطهم مثل إزالة العلم السوري الرسمي من واجهة المؤتمر، إلا أن شخصيات معارِضة أخرى لبّت الدعوة قادمة من “القاهرة” و “دمشق”.
أكثر من 1500 شخصية سورية من أطياف مختلفة حضرت يوم 29 كانون الثاني 2018 إلى “سوتشي” بحضور رسمي روسي ممثل بوزير الخارجية “سيرغي لافروف” وحضور المبعوث الدولي الخاص بسوريا آنذاك “ستيفان دي ميستورا”.
وخلال المؤتمر أعرب رئيس تيار “قمح” المعارض “هيثم مناع” عن أمله في أن يتعاون الجميع من أجل الوصول إلى حل يخلص البلاد من الدمار والحرب، مطالباً جميع الأطراف الوقوف بمسؤولية وضمير قائلاً: «فلنخجل من أطفالنا، سموا الذي حدث ما شئتم، مؤامرة ثورة، أياً يكن المهم يكفي ما حصل»
فيما دعا عضو مجلس الشعب السوري “خالد عبود” المعارضين للذهاب إلى “سوريا” والاختلاف مع السلطة مع الحفاظ على الدولة مضيفاً «عندما لم نستطع أن نفرّق ونفهم بدقة ما هو حاصل في بلادنا التقينا في سوتشي، اذهبوا إلى دمشق إلى جانب أبنائكم من القوات المسلحة الذين دافعوا عن الدولة»
ولم تطُل مدة المؤتمر أكثر من يومين على الرغم من أعداد المشاركين، إلا أن الحاضرين شكّلوا 4 لجان خلال المؤتمر هي لجنة مناقشة الإصلاحات الدستورية ولجنة متابعة المؤتمر ولجنة التنظيم و لجنة التصويت.
اقرأ أيضاً:سناك سوري ينفرد في نقل كلمات السوريين المتحدثين في مؤتمر سوتشي “محدث”
وخرج المجتمعون في نهاية المؤتمر ببيان ختامي مؤلف من 12 بنداً تضم عناوين عريضة تتفق عليها مختلف الأطراف كحماية السيادة والاستقلال ووحدة “سوريا” وسلامة أراضيها وما إلى ذلك، تضمنت أيضاً الدعوة إلى احترام حقوق الإنسان والحريات العامة ولاسيما أوقات الأزمات بما في ذلك ضمان عدم التمييز ومساواة الجميع في الحقوق والفرص بغض النظر عن العرق أو الدين أو الإثنية أو الهوية الثقافية أو اللغة أو الجنس أو أي أساس آخر للتمييز.
كما تضمّن البيان الختامي بنداً عن محاربة الفقر والقضاء عليه وتوفير الدعم للمسنين والفئات الهشة الأخرى بما في ذلك ضمان أمن وسكن كافة النازحين واللاجئين وضمان حقهم في الرجوع الآمن والطوعي لمساكنهم وأراضيهم.
ولا يبدو أن بنود البيان الختامي قد تحققت أو حتى بدأت بالتحقق بعد عامين من إطلاقها، حيث لا تزال حقوق الإنسان السوري وحرياته في أدنى مستوياتها خاصة مع استمرار الحرب وانعدام حق الأمان قبل كل شيء، فيما زاد الفقر بدل أن يُحارَب وتدهورت الأوضاع المعيشية للسوريين لعوامل مختلفة لم تجد من يواجهها ويدعم فئات المجتمع الهشة كما ذكر البيان، إضافة إلى أن موجات النزوح تزايدت بدل أن يعود النازحون واللاجئون، لا سيما مع العدوان التركي على الجزيرة السورية وتصاعد العمليات العسكرية في “إدلب” و “حلب” مؤخراً.
إلا أن البيان ذكر في ختامه أن تحقيق هذه البنود حسب البيان يمر عبر اتفاق المجتمعين على تأليف لجنة دستورية مكونة من وفد حكومي ووفد معارض واسع التمثيل وخبراء سوريين وممثلين عن المجتمع المدني ومستقلين.
كانت تلك الخطوة الأهم في مسار الحوار السوري، حيث لم يسبقها اتفاق على خطوة مشتركة بين طرفي الحكومة والمعارضة على مدى أعوام من مفاوضات “جنيف” وجولاتها المتعاقبة، إلا أن المؤتمر طلب أن تكون اللجنة الدستورية بمساعدة ورعاية من مبعوث “الأمم المتحدة” الخاص بـ”سوريا”.
لاحقاً، استمر التفاوض على تشكيل اللجنة نحو 18 شهراً وكان لافتاً أن “الهيئة العليا للتفاوض” المعارضة التي لم تشارك في لحظة ولادة “اللجنة الدستورية” في “سوتشي” عادت للقبول بالمشاركة وتمثيل المعارضة فيها.
لقد ترافق سوتشي مع زخم إعلامي كبير في الداخل السوري من جهة، ودعم روسي غير محدود وحضور ومباركة للأمم المتحدة، وخرج بنتائج توافقية وصفت بالجيدة، لكن يبقى السؤال أين هي مخرجات “سوتشي” ولماذا لم تتحقق، أين هو الحل؟ وعلى من تقع مسؤولية تحويل هذه المخرجات إلى منتجات ملموسة أو تعطيل تحويلها؟
اقرأ أيضاً:تعثر اللجنة الدستورية أكبر من خلاف على أجندة اجتماع- بلال سليطين