أخر الأخبارالرئيسيةيوميات مواطن

زيت الزيتون بات ترفاً والموسم القادم لا يعِد بالكثير في الساحل السوري

ما عاد نسترجي "ننطح الحيط" لأن الغلا والقلّة حرمونا ناكل زيت

أمسكت “نجوى” 67 عاماً علبة صغيرة ذهبت بها إلى زوجة ابنها صباح أمس الإثنين، تطلب إليها بضع قطرات من زيت الزيتون لتُنهي طبختها بها. فمؤونة الزيت انتهت لدى عائلة السيدة التي كانت تنتج سنوياً نحو 23 بيدون زيت زيتون فيما مضى بينما لم تنتج العام الفائت سوى أقل من 10 ليتر.

سناك سوري-دمشق

“نجوى” التي تعيش في ريف اللاذقية، وتعيش مع زوجها الموظف المتقاعد، لا تمتلك مليون و200 ألف ليرة سعر تنكة زيت تحوي 17 ليتراً من المادة ولا حتى تمتلك القدرة لدفع أكثر من ثلث راتب زوجها ثمن ليتر زيت، كذلك ليس لديها أي خيارات أخرى سوى الطهي سلقاً ريثما يبدأ الموسم. الذي لا يعِد بالكثير هذا العام.

ومثل “نجوى” كثير من جاراتي، اللواتي بتنَ يستخدمن زيت دوار الشمس لإعداد سندويشات الزيت والزعتر لأطفالهنّ. كذلك يستخدمنه في طهي المأكولات التي يفترض أن تطهى بزيت الزيتون مثل الفاصوليا واللوبيا وغيرها.

لقد اعتادت جاراتي ومثلهنّ أنا على البزخ بزيت الزيتون، الذي يشكّل عماد معظم أنواع المأكولات في الساحل السوري، والذي كان حتى الأمس القريب يتباهي السكان هنا بأنهم لن يموتوا من الجوع وفي أسوأ الأحوال هناك “خبز وزيت وملح”. لم يتبقّ اليوم سوى قليل من الخبز ورشة ملح!

نظرة واحدة على كرْم الزيتون، كانت كافية لتُظهر الدموع على عينَي جارتي الأربعينية. “شو بدنا نعمل هالسنة؟”، لا أمتلك جواباً ولا قدرة على التخفيف من وطأة المصاب، فالجميع هنا كانوا يمنون أنفسهم بموسم زيتون جيد هذا العام بسبب ظاهرة المعاومة التي تعني أن الموسم يكون جيداً يليه موسم غير جيد وهكذا. ولأن الموسم الماضي كان سيئاً شعر الجميع بالفرح، قبل أن يتفاجؤوا بتساقط زهور الأشجار دون أن تثمر وقيل لهم إن ارتفاع درجات الحرارة هي السبب.

أياً تكن الأسباب، فإن الحل الوحيد للمشكلة يكمن في إلغاء تصدير المادة ومحاولة جعل هذا المنتج البسيط. الذي تشتهر به بلادنا منذ ملايين السنين، متاحاً لأبنائها.

وهيك “ما بقا رح نسترجي ننطح الحيط”، لأن “الغلا والقلّة حرمونا ناكل زيت”. تماماً مثلما لن نستطيع ترطيب أجسادنا لأن سعر أقل بطيخة 30 ألف ليرة. ولا أن نتناول كأس ماء بارد لأن التقنين لا يمنحنا هذه المكرمة.

زر الذهاب إلى الأعلى