يوم أسود عاشته سوريا تحت وطأة الزلزال الذي دمّر عشرات المباني وأودى بحياة المئات في مختلف أنحاء البلاد التي وحّدها الألم والفقدان بعد أن فرقتها الحرب.
سناك سوري _ دمشق
أصوات العالقين تحت الأنقاض تناشد من ينقذهم ستبقى عالقة في أذهان السوريين لسنوات طويلة قادمة. وكذلك لحظات الخوف والرعب التي رافقتهم منذ فجر اليوم وحتى ساعة إعداد هذه السطور. حيث ماتزال حالة عدم اليقين تسيطر على السوريين بينما لم يتم الانتهاء بعد من عمليات الإنقاذ وإزالة الأنقاض.
الكارثة بدأت عند الساعة 4:17 فجراً مع شعور السوريين باهتزاز منازلهم لمدة زادت عن دقيقة كاملة. ليستيقظوا مرعوبين أو بين الأنقاض نتيجة زلزال بقوة 7.8 درجات على مقياس ريختر. وبحسب المركز الوطني للزلازل فإن مصدر الزلزال يقع جنوب تركيا باتجاه الشرق.
وتبع الزلزال العديد من الهزات الارتدادية التي لم يعرف بعد موعد توقفها خصوصاً وأن آخرها شعر به البعض في حماة وإدلب واللاذقية وحلب حوالي الساعة 7:43 من مساء اليوم. إلا أن أقوى الهزات الارتدادية كانت عند 13:24 من ظهر اليوم وبلغت 7.7 درجة على مقياس ريختر وأدت لانهيار العديد من المباني التي تصدعت جراء الزلزال الذي وقع فجراً.موقع سناك سوري.
إحصائيات للخسائر
وفي آخر حصيلة غير نهائية أعلنت وزارة الصحة عن وفاة 538 شخصاً وإصابة 1353 آخرين في محافظات حلب وحماة واللاذقية وطرطوس.
وأكدت الوزارة أنها أرسلت قوافل طبية إلى حلب واللاذقية، بينها 28 سيارة إسعاف و7 عيادات متنقلة لمؤازرة المحافظتين المنكوبتين.
الزلزال ضرب أيضاً محافظة إدلب ومناطق ريف حلب الشمالي، وبلغت حصيلة ضحاياه حتى الساعة بحسب منظمات غير حكومية:« 430 وفاة و أكثر من 1050 مصاب مع احتمال ارتفاع عدد الضحايا إثر وجود مئات العائلات تحت الأنقاض». إضافة إلى النقص الكبير في معدات الإنقاذ واتساع رقعة المناطق المتضررة. حيث بلغ عدد المباني المدمرة في إدلب نحو 160 مبنى مدمر بالكامل إلى جانب 330 مبنى تضرر بشكل جزئي.
نداءات استغاثة.
نداءات الاستغاثة عمّت مجمل المناطق السورية، وسط مناشدات بمساندة فرق الإنقاذ بالمعدات الثقيلة لمن يملكها. فنقص المعدات وضعف التدريب وآثار الحرب على البلاد ساهموا في بطء عمليات الانقاذ. ما أدى لصدور نداءات استغاثة من مختلف المناطق للمساعدة. في حين تأخرت وصول الطواقم المعنية لبعض المناطق نظراً لعدم توفر التجهيزات اللازمة للتعامل مع كل هذا المستوى من الضرر.
اقرأ أيضاً: كيف نتصرف بحال حدوث زلزال أو هزة أرضية؟
من جانبها وزارة الخارجية السورية أصدرت بياناً أعلنت فيه أنها تناشد الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة. وكذلك الأمانة العامة للمنظمة ووكالاتها وصناديقها المختصة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من شركاء العمل الإنساني من منظمات دولية حكومية وغير حكومية. من أجل مد يد العون ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة السورية في مواجهة كارثة الزلزال المدمر.
مشاهدات من المحافظات لليلة العصيبة
و بينما كان الناس ينتشرون في شوارع حلب بحثاً عن الأمان البعيد عن منازلهم. كانت محافظة حلب تدعو الأهالي وشركات القطاع الخاص من متعهدين ومقاولين ممن لديهم آليات لمؤازرة الجهات المعنية. واستخدام آلياتها وكوادرها للمساهمة في عمليات الإنقاذ خصوصاً في الأحياء الشعبية.
وبحسب آخر إعلان للمحافظة فقد بلغ عدد ضحايا الزلزال 175 شخصاً و600 مصاب إضافة لانهيار 52 مبنى بشكل كلي. فيما تواصل فرق الدفاع المدني والإطفاء البحث عن العالقين تحت الأنقاض حتى الساعة، وقد فتحت عدة مدارس أبوابها كمراكز إيواء للمتضررين.
أرقام شبه رسمية: 215 حالة وفاة في حلب، قرابة 1000 إصابة. وتخصيص 18 مركز إيواء للمتضررين
بينما تشير الأرقام غير الرسمية إلى أن الأعداد في حلب بلغت 215 حالة وفاة وقرابة 1000 إصابة. بانتظار تحديثات رسمية للإصابات المسجلة مؤخراً.
اللاذقية المنكوبة مثل شقيقاتها
المشهد في اللاذقية لم يكن أفضل حالاً فقد وصل عدد الضحايا إلى 283 شخصاً و 702 مصاباً. مع انهيار 102 بناء ومنزل في عموم المحافظة. في حين تم وضع 11 مركز إيواء و 6 فنادق بخدمة العوائل المتضررة.
283 حالة وفاة باللاذقية والإصابات 702 بينهم حالات حرجة
وسجلت في اللاذقية موجات نزوح باتجاه الأرياف هرباً من سقوط الأبنية في المدينة. بينما دعا فوج الاطفاء كل كوادره للاستنفار بمن فيهم غير المناوبين الذين استجابوا للدعوة والتحقوا بعمليات الإنقاذ على الفور.موقع سناك سوري.
اقرأ أبضاً: اللاذقية مدينة شبه منكوبة ولو لم تُعلن.. نقص الآليات ومحاولات إنقاذ يدوية
كما لحق باللاذقية ضرر كبير نتيجة الهزة العنيفة التي وقعت ظهراً حيث سقط العديد من المباني كان أبرزها مبنى مؤلف من 10 طوابق في مدينة جبلة.
في حماة رئيس الوزراء السوري ينعي أفراد عائلته
أما في حماة فقد بلغ عدد الضحايا 43 شخصاّ وأصيب 75 آخرون توزعوا على مستشفيات المحافظة.
وتركزت الأضرار في مدينة حماة وريفها الممتد باتجاه الغاب ونهر البارد. بينما نفت محافظة حماة رسمياً حدوث أي تلوث بالمياه جراء الزلزال مؤكدة أنها صالحة للشرب.
في حماة نفسها عقد اجتماع بحضور وزير الداخلية وعدد من الوزراء لبحث الواقع الراهن جراء الزلزال والأضرار التي خلفها في المحافظة. والإجراءات المتخذة لإسعاف المصابين وانتشال الضحايا وإزالة الأنقاض.
وقالت وزارة الداخلية إنه تم التأكيد على استنفار كافة القطاعات والجهوزية التامة للجهات المعنية على مدار الساعة. وتأمين مراكز إيواء مؤقتة للمتضررين بالسرعة القصوى وتأمين المواد الغذائية لهم. كذلك تأمين المشتقات النفطية (التي وفرتها وزارة النفط). وتقديم المعالجة للمصابين ووضع إمكانيات المنشآت السياحية بتصرف المحافظين.موقع سناك سوري.
إلى ذلك نعى رئيس الوزراء السوري “حسن عرنوس” شقيته “نسوب عرنوس” التي قضت مع 11 من أبنائها وأحفادها جراء انهيار أحد المباني في حماة.
طرطوس تضمد جراحها
في طرطوس كانت آثار الزلزال محدودة مقارنة مع باقي المحافظات، حيث سجل فيها حوالي 27 إصابة. إضافة لانهيار 18 مبنى.
اقرأ أيضاً: أكثر من 20 إصابة في طرطوس.. الزلزال أدى لتوقف المصفاة
إلا أن الطبيعة لم تكتفِ بالزلزال في طرطوس حيث ضرب تنين بحري سهل ميعار شاكر الغربي. وألحق الضرر بحوالي /30/ بيت بلاستيكي بنسب تتراوح بين(30-80) ٪ مزروعة بالبندورة والكوسا.
الشمال السوري الجريح
الشمال السوري القريب من تركيا كان الأكثر تضرراً بين المناطق السوري، خصوصاً البلدات والمدن الواقعة بالقرب من الحدود السورية التركية.
حيث فقدت بلدات سرمدا وحارم وترمانين والأتارب، بالإضافة لمناطق عفرين وغيرها من المناطق المنكوبة جراء الزلزال المدمر الكثير من الضحايا.
آليات الإنقاذ توجهت من مختلف مناطق الشمال السوري باتجاه البلدات الأكثر ضرراً من الزلزال. ونجحت المنظمات المعنية في إنقاذ العشرات من تحت الأنقاض. في حين تم الإعلان عن إطلاق حملات تبرع ودعم للمنكوبين وتقديم مساعدات من جهات مختلفة بالإضافة لمنظمات محلية.
وأعلن الهلال الأحمر القطري عن تفعيل غرفة عمليات الطوارئ شمال غرب سوريا. وأطلق حملة إغاثة عاجلة لمتضرري الزلزال في الشمال السوري.موقع سناك سوري.
اقرأ أيضاً: أضرار هائلة في إدلب.. ضحايا بالمئات وانهيار حي بأكمله
حالة الحزن سادت في مختلف مناطق الشمال السوري مع الارتفاع المستمر لأعداد الضحايا. في حين عمل السوريون على دفن الضحايا مباشرة وكانت مشاهد المقبرة الجماعية في بلدة ترحين لضحايا حارم والتي ضمت 50 شخصاً بمثابة ملخص على حجم الكارثة في الشمال.
تفاعل رسمي وشعبي
على المستوى الرسمي، استنفرت الجهات الحكومية منذ ساعات الصباح الأولى لتلبية نداءات الاستغاثة وإنقاذ العالقين. فيما وصل وزيرا الدفاع والأشغال العامة إلى اللاذقية للاطلاع على عمليات الاستجابة وتنسيق الجهود الحكومية بمساعدة وحدات الجيش السوري. كما تفقد وزيرا الداخلية والسياحة عدداً من المباني المنهارة في أحياء حلب وسير العمل في غرف العمليات المخصصة لتنسيق العمل بخصوص الأبنية المنهارة.
كما انطلقت آليات من مختلف المحافظات السورية إلى المناطق المتضررة للمساعدة في عمليات الإنقاذ وإزالة الأنقاض.
وعلى الصعيد الشعبي فقد خرجت عشرات المبادرات لمساندة المتضررين وأعلنت عدة شخصيات وجهات بينها فنادق ومشافٍ عن تبرعات ومساعدات لتلبية احتياجات المواطنين الذين فقدوا منازلهم أو غادروها مؤقتاً جراء الزلزال، علماً أن الهزات الارتدادية تكررت مراراً خلال الساعات الماضية وسط مخاوف من تكرر الزلزال الأعنف منذ سنوات طويلة خلال ساعات الليل.
في حين طالب المئات على مواقع التواصل الاجتماعي برفع العقوبات عن سوريا وفك الحصار المفروض على دمشق لتسهيل وصول المساعدات ومواجهة الكارثة.
كما تناول السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي الأنباء الواردة عن الضحايا من مختلف مناطق البلاد وعبروا عن تعاطفهم مع بعضهم البعض. في حين بدا مشهد الحزن والألم موحداً بينهم في مختلف المناطق الجغرافية.
تفاعل عربي ودولي … ومحاولة استغلال إسرائيلية
الكارثة في سوريا أسفرت عن تفاعل عربي ودولي واسع حيث أعربت كل من الصين وروسيا وسلطنة عمان. و الجزائر والبحرين والأردن وإيران وبلا روسيا وفلسطين والعراق. عن خالص وأحر التعازي لأسر ضحايا الزلزال الذي ضرب سوريا والتمنيات بالشفاء للمصابين. معربين عن الثقة بأن سورية قيادة وشعباً قادرة على تجاوز آثار الكارثة في أقرب وقت ممكن.موقع سناك سوري.
فيما قال مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” إن الاتحاد الأوروبي يعرض مساعدة المناطق المنكوبة في سوريا جراء الزلزال. دون تحديد ما إذا كان العرض شمل الحكومة السورية نظراً لسوء العلاقة بين الطرفين ومشاركة الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على دمشق.
اقرأ أيضاً: الإمارات وروسيا تتضامنان مع سوريا بعد الزلزال الذي أودى بحياة المئات
إلى ذلك أعلنت الدول عن إطلاق قوافل المساعدات إلى سوريا وكانت في مقدمتها الإمارات التي أعلنت عن حملة “الفارس الشهم2” لمساعدة الشعب السوري.
في حين أشارت معلومات عن إرسال مساعدات من روسيا والصين والهند وإيران تصل إلى سوريا اعتباراً من الغد.
بينما حاول الاحتلال الإسرائيلي الاستثمار في الحادثة المأساوية لتحسين صورته. وقال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إن الاحتلال تلقى طلباً لمساعدة سوريا. الأمر الذي نفته الحكومة السورية مؤكدةً أنها لم ولن تقدم أي طلب من هذا النوع.
التعاطي الإعلامي
التعاطي الإعلامي مع الكارثة في سوريا كان ضعيفاً إلى حد كبير مقارنة مع تركيز كبير على الجانب التركي من الحادثة. حيث تم صب جل الاهتمام الإعلامي العربي والدولي على مايحدث في تركيا.موقع سناك سوري.
http://https://www.youtube.com/watch?v=6uP-6ZJkl-w&ab_channel=SnackSyrian
وعلى صعيد قناتي العربية والجزيرة. فقد تركزت تغطية قناة الجزيرة في الشأن السوري على تناول الأضرار في الشمال الغربي الواقع خارج سيطرة دمشق. في حين تناولت العربية بشكل أوسع الأضرار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية. إلا أن تغطية العربية ترافق مع بروباغندا سياسية واضحة ومحاولات خلط السياسي بالإنساني بشكل معيب.
اقرأ أيضاً: نادي ريال مدريد يتضامن مع ضحايا الزلزال في سوريا
كما استضافت العربية الصحفي السوري المقيم في عمان زياد الريس الذي حول الحديث عن الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد إلى أشبه بالتعليق على مجريات الأحداث عام 2011.
ليل مخيف قادم
هذا وينتظر السوريون ليلة مخيفة إلى حد كبير نظراً لوجود مخاوف لدى الآلاف من تكرار سيناريو ماحدث ليلة أمس. في ظل استمرار تواتر الأنباء عن هزات ارتدادية. بالإضافة للكثير من الشائعات التي تم ضخها وأثارت الرعب بين الناس.موقع سناك سوري.
كما أن عدم انتهاء أعمال الانقاذ أمر يحز في نفس السوريين العاجزين عن فعل شيء بأيديهم من دون توفر الأدوات اللازمة من آليات ومعدات.
غداً يوم آخر
وينتظر السوريون غداً يوم آخر لإحصاء الخسائر وامتصاص الكارثة والبحث في آليات معالجة آثارها. خصوصا وأن هناك مئات الأبنية المتضررة الآيلة للسقوط والتي تحتاج تدخلاً دولياً للمساعدة في إيجاد حل لها.موقع سناك سوري.
كما تتطلب مواجهة الكارثة السورية تظافر مختلف الجهود المحلية والدولية وتعاون الدول مع سوريا على تجاوز محنتها ووضع الخلافات السياسية جانباً من أجل تخفيف معاناة السوريين.