رفض اللاعب السويسري “جوزيب دراميتش” الانضمام لفريق “غازي عينتاب” التركي بسبب خوفه من قرب موقع المدينة من الحدود السورية.
سناك سوري _ ابراهيم قماز _ ميس الريم شحرور
الخبر أثار حميّتي كمواطنٍ سوري عاش 12 عاماً في ظل الحرب ولا زال حيّاً رغم كل أسباب الفناء. فأردت مخاطبة “دراميتش” لعلّه يقتنع بأنه لا مخاوف في “غازي عينتاب” ولا هم يحزنون.
عزيزي “دراميتش“. أنا مواطن سوري أعيش داخل البلاد وليس قرب الحدود ويحق لي ادّعاء الخوف من كل لحظة أعيشها منذ فتحت عيوني صباحاً حتى ارتمائي متهالكاً في سريري ليلاً.
يا صديقي السويسري. هل تعلم أنني أخاف عند الذهاب إلى دكّان حارتنا ( بسويسرا عندكن دكاكين؟). لأنّي إن تعثرت بحجرة وتأخرت نصف دقيقة قد يتغيّر سعر ما أحتاجه ويصبح ضعفاً؟. (معلومك غمض عينك ثانية بتلاقي شطب الأسعار القديمة بلش).
أخاف من الركوب في سيارة الأجرة لأن سعر “البنزين” مهدّد بأن يتبدل من حال إلى حال. فربما يقرأ السائق خلال مشواري معه نبأ ارتفاع سعر البنزين فينقض اتفاقنا حينما مددت رأسي من نافذة السيارة لأعقد اتفاقيتي معه على أجرة المشوار.
بل وإني يا صاحبي أخاف زيادة الرواتب. لك أن تتخيل خوف أحد في هذا العالم من زيادة راتبه!. أعرف أن الصدمة تستوطن ملامحك الآن وأنت تقرأ كلامي. لكننا يا سيدي في هذه البلاد نعاني مع كل زيادة رواتب ارتفاعاً في الأسعار أضعافاً مضاعفة لأننا صرنا نعلم أن الراتب الذي كان يكفي 10 أيام في الشهر لم يعد يكفِنا أكثر من 3 أيام.
أخاف يا صديقي المحترف من كل شيء. من الشتاء لعجزي عن الوصول للدفء ومن الصيف لعجزي عن احتمال حرارته. ولدي فوبيا من فراغ بطارية هاتفي، أخاف البقاء في البلاد بقدر ما أخاف الرحيل عنها. وكما تقول “فيروز” « إذا رجعت بجن وإن تركتك بشقى». كما أني أخاف الحلم لأني لا أستطيع تحقيقه وأخاف البقاء على قيد الواقع فتصيبني هيستيريا البلاد المتعبة. « شو بكره حياتي لما بشوفا عندك يا بتحرمني منها يا بسرقها سرقة».
أنا مواطن خائف يا صديقي “دراميتش” مليء بمخاوف لا يدركها أحد. وما ذكرته مجرد القليل من كوابيس البقية المتبقية والتي نجت من قذائف الحرب ورصاصها. وإذا كنت تخاف من “غازي عينتاب” فأنا أخاف من “الدريج” هل تعرف “الدريج” يا صديقي؟.
فوارق المخاوف بيننا كثيرة. أبعد من المسافة بين “سوريا” و”سويسرا” المتشابهتين في اللفظ والمختلفتين في المعنى، فاطمئن يا صاحبي لن يصبك مكروه إن زرت “غازي عينتاب” واقتربت من حدود مخاوفنا.