رحمة … أم سوريّة تنتظر ابناً معتقلاً وآخرَ مهاجر وزوج موقوف
في كل منزل هناك أم تنتظر شخصاً طال انتظاره
سناك سوري – شعيب أحمد
حين تم إيقافه قبل أربع سنوات ذهبت لتستعطف قائد الفصيل الاسلامي لإطلاق سراح ابنها، قبّلت قدميه، واستجررت عاطفته بكل ما تملك من أمومة، لكنها وعت متأخرة أن لا مشاعر لديه. كل ما قاله لها أمير القاطع حينها كلمة واحدة فقط (انسيه).
واليوم و رغم تأكيد الجميع للسيدة “رحمة .. أم أحمد” أن الفصيل قد قتل ابنها بتهمة “الردة” إلا أنها لازالت تعيش على أمل أن يكون حيّاً، وسيعود إليها يوماً ما.
شكت “أم أحمد” وجعها لـ “سناك سوري” قائلة :«حدث ذلك بسرعة وبشكل مفاجئ في عام 2016، كنت في منزلي في بلدة “نافعة” في حوض اليرموك (معقل تنظيم داعش حينها)، وكان ابني “صدّام” (23 عاماً) يعمل في الزراعة في “القنيطرة”، استأجر أرضاً هناك وبنى خيمته، أنا طلبت منه ذلك خشية أن تقوم داعش باعتقاله، فمن يقع بين أيديهم لا يعود ( الطايح رايح لديهم)، “صدام” كان يدخن بشراهة، وكان يكره تصرفاتهم وأفعالهم، لهذا خفت أن يفعل فعلاً يزعجهم فيقوموا باعتقاله.»
اقرأ أيضاً:“خديجة” الأم التي لا تحتفل بعيدها
تلقي “أم أحمد” اللوم على نفسها : «قال لي اتركي المنزل وتعالي اسكني معي في “القنيطرة” بعيداً عنهم، لكنني رفضت، خفت، أقسم أني لو علمت أن ذلك سيحصل معه لكنت (طرت من الدنيا كلها لأحميه)، لكنني يومها رفضت الذهاب معه لأن التنظيم حينها أصدر قراراً بمصادرة أي منزل يخلو من ساكنيه، فكيف إن علموا أننا تركنا منزلنا وأقمنا في “القنيطرة” عند فصائل الجيش الحر ممن يصفهم بالمرتدين.»
و عن سبب اعتقاله قالت “أم أحمد” « كان يريد الزواج من ابنة خالته، لم يكن التوقيت مناسباً لذلك، كانت المعارك على أشدها بين التنظيم والفصائل المعارضة الأخرى، وأذكر حينها أن الفصائل المعارضة قتلت من عناصر داعش الكثير، فجن جنونهم، أخبرت “صدام” عبر تطبيق وتساب أن الوقت غير مناسب الآن فقام بارسال تسجيلات صوتية أخبرني بها أنه سيأتي لنخطب له ابنة خالته، لم أتوقع أنه سيأتي بسرعة هكذا، توقعت أن ينتظر لحين أن تهدأ الأمور، لكنه جاء مسرعاً».
اقرأ أيضاً:حراك روسي في السويداء والقنيطرة يتصدره المعتقلون والحالة الأمنية
أضافت «تم إيقافه من قبل أحد الحواجز على مداخل المنطقة، قاموا بتفتيشه، ثم أخذوا هاتفه وقاموا بقراءة جميع الرسائل الخاصة به عبر الوتس أب، من بين المحادثات التي سمعوها حديثه الأخير معي، خصوصاً حين قال لي (إن شاء الله ينفنوا كلهم) أي يقصد الدواعش، هنا قاموا باعتقاله على الفور، لم أستطع فعل شيء، فأنا وحيدة، زوجي موقوف لدى الأجهزة الأمنية منذ العام 2015 ولا أعلم عنه شيئاً، قال لي المحامي أنه تم ايقافه في “درعا” لتشابه في الأسماء، ولم أسمع عنه شيء من حينها، وابني البكر كان حينها لاجئاً في “الأردن” مع زوجته وأطفاله، لهذا ذهبت للمسؤول الشرعي وهو أحد أبناء البلدة، استحلفته بالله وبديننا الحنيف أن يعفو عنه، قال لي كما قال آخرون (انسيه). أما أنا لن أنساه ما حييت، سأبقى أنتظره إلى أن يعود، وسأزوجه أحلى الصبايا».
ليست “أم أحمد” أولى وآخر الأمهات اللواتي ينتظرن أبنائهن بحرقة، ممن اعتقلوا أو فقدوا أو أوقفوا أو هاجروا، ففي كل منزل في “حوض اليرموك” في “درعا” هناك أم وزوجة وأخت تنتظر شخصاً طال انتظاره.
اقرأ أيضاً:عيد الأم لن يمر من هنا.. هنا سوريا!