شخصيات سورية

ذكرى رحيل السخرية.. الكوميديا السوداء في حياة “الماغوط”

سجن “الماغوط” لأنه شعر بالبرد! و خاف من ملاكم بعثي

سناك سوري _ محمد العمر 

خسرنا “السخرية” الكبرى ببساطة يوم 3 نيسان 2006 حين رحل “محمد الماغوط” !.

لقد رحل “الماغوط” بوجهه الغاضبة وسجائره التي لا تنطفئ و سخريته المرّة من الهزائم و الظلم تاركاً ميراثاً من أحلام الحرية و العدالة عن 72 عاماً من تحدي الألم و مواجهة كل شيء بقلم ساخر يهزأ بالظلم و الطغيان و يصرُّ على التحدي و الشعر و الحب.

تدور سيرة حياة “الماغوط” بين الفقر و السجن و الخوف و الحزن و التحدي، و قد لعبت هذه العوامل دوراً رئيسياً في مسار حياته و في ملامح أسلوبه الإبداعي في الكتابة فاحترف الأدب السياسي الساخر و أبدع فيه و ثار على قواعد الشعر و اللغة ليبوح بغضبه !.

مقالات ذات صلة

ترك “الماغوط” الدراسة في الثانوية حين بعث والده برسالة إلى إدارة المدرسة في “دمشق” لترأف بحال ابنه الفقير فقامت الإدارة بتعليق الرسالة على الجدار و أصبح “الماغوط” محط سخرية الطلاب فهرب من المدرسة و لم يعد إليها !.

يروي “الماغوط” أنه انتسب في شبابه إلى “الحزب السوري القومي الاجتماعي” لقرب مركز الحزب في “سلمية” من بيت “الماغوط” و لأن فيه مدفأة تحميه من برد ذلك اليوم الشتوي في حين أن مركز حزب “البعث” كان بعيداً و كان مسؤول الحزب حينها ملاكماً و “الماغوط” يكره العضلات!.

البحث عن مدفأة في مكتب الحزب سيكلّف “الماغوط” لاحقاً دخول السجن بسبب الانتماء للحزب السوري القومي المتهم باغتيال العقيد “عدنان المالكي” فدخل “الماغوط” سجن “المزة” و بدأت تجربة السجن تحفر عميقاً في حياته و كتابته .

اقرأ أيضاً :الاسم – الإثم …. أدونيس

في عالم السجن تعرّف “الماغوط” إلى “أدونيس” و حين خرجا معاً و انتقلا إلى “لبنان” حيث بدأ النشر في مجلة “شعر” التي نشرت له أولى مجموعاته الشعرية عام 1959 بعنوان “حزن في ضوء القمر” .

في “بيروت” تعرّف “الماغوط” إلى الشاعرة “سنية صالح ” في منزل “أدونيس” و تزوجّها لاحقاً بعد تجربة ثانية مع سجن “المزة” عام 1961 ! إلا أنه خسرها باكراً بعد وفاتها بسبب الإصابة بالسرطان عام 1985.

كتب “الماغوط” في صحف محلية مثل “تشرين” و مجلة “الشرطة” التي رأس تحريرها ، و عمل في جريدة “الخليج” الإماراتية و أسس لصفحتها الثقافية إضافة إلى 3 مجموعات شعرية و عدة كتب تجمع نصوص و مقالات عن الثورة و العدالة و الحب أبرزها “سأخون وطني” و “شرق عدن غرب الله” كما كتب فيلمي “التقرير” و “الحدود” الشهيرين للسينما السورية في الثمانينيات
مثّلت مسرحيات “الماغوط” علامة فارقة في تاريخ المسرح العربي ، فسلسلة “ضيعة تشرين” ،”غربة” ، “كاسك يا وطن” ، “شقائق النعمان” ، أصبحت محطات تاريخية خالدة في المسرح السوري الذي تناول القضايا السياسية بأسلوب بسيط ساخر لكنه يعبّر بإبداع عن عمق المأساة العربية.

حياة “الماغوط” المليئة بتحدي المأساة بالإبداع و السجن بالفن و القمع بالسخرية توقّفت في نيسان 2006 ، قبل وفاته بأسابيع قال في إحدى المقابلات واصفاً الموت “صديقي و أحبه ” !.

رحل “البدوي الأحمر” و هو يحلم بعالم بلا سجون و لا ظلم و لا جوع ، رحل وحيداً كما توقّع صارخاً في وجه العالم الحزين “الفرح ليس مهنتي” !.

اقرأ أيضاً :“ونوس”.. حرب الخليج أصابته بالسرطان وغزو لبنان دفعه للصوم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى