دمشق .. نهرب من الموت أم نركض إليه – لينا ديوب
سناك سوري – لينا ديوب
في الطريق الالتفافي، تمضي سيارات الأهالي مسرعة إلى باب المدرسة الخلفي، حيث تعتقد إدارة المدرسة وآباء التلاميذ أنه الأقل خطرا على الأبناء.
يوم آخر على المدينة ليس غريبا برعبه وموته، إنها قذائف الهاون تبطش بالجميع وفي كل الأماكن، البيوت، الشوارع، أماكن العمل.
هذا التوتر يكاد يجعلني أرمي هاتفي، فاتصالات الاطمئنان لا تخلو من تعليمات أمان، لاتنزلي من ساحة الأمويين، ويفضل تخففي حركتك اليوم، مليح مابعتي ولادك عالمدرسة بس ليش تركتيهن لوحدن بالبيت.
أخبار الحملة العسكرية على الغوطة الشرقية تتواتر، تعزيزات وحشود، وتوقعات لطريقة الاقتحام، فلم يعد احتمال هجمات “جبهة النصرة وفيلق الرحمن وجيش الإسلام” بقذائف الهاون على دمشق وضواحيها يحتمل، منذ بدء معركة “بأنهم ظلموا” على إدارة المركبات في حرستا، وقذائف الهاون تحصد المزيد من أرواح الأهالي وأرزاقهم، في وقت كان التفاؤل يدفعنا للأمل بأن خفض التصعيد مستمر والمصالحات يجري العمل عليها، فقد خرج العديد من المرضى من دوما إلى مشافي دمشق، كما تم فك أسر بعض المخطوفات والمخطوفين، وبدأ الأمل بفتح اتوستراد حرستا من الضاحية إلى “دمشق” ومن “دمشق” إلى بقية المحافظات، فسيطرة تلك الفصائل على تلك المنطقة أجبرت وتجبر جميع السوريين القادمين والخارجين من وإلى “دمشق” السير في طريق التفافي جبلي للوصول إليها.
مزيج من المشاعر المختلطة الأمل بوقف الموت، والأمل بفتح الطرقات، يرافقه ألم وحزن على مدنيي الغوطة من لم يكن أمامهم إلا خيار البقاء، نسمع عن بطش قادة المجموعات المسلحة بهم، واليوم هم تحت خطر العملية العسكرية.
الأمور طبعا ليست بهذا التبسيط، لكن نحن الناس العاديين المتضررين والمتألمين، ماذا نملك مما يمكنه أن يغير مما يجري على الأرض، ولا حتى من يدعون أنهم قادة معارضة ومتحدثون هنا وهناك وهناك.
من إشارة المرور وحتى نفق الثورة، تشعر وأنت وراء سيارة الإسعاف صوتها يعلو وزجاج بابها الخلفي يشف دماء المصابين أمام عينيك، تدخل في غيبوبة من اختلاط الخوف والألم والحزن، ما إن تختفي السيارة ويبتعد صوتها حتى تلعن الحرب وربما تتمنى لو لم تخلق في بلاد يعجز حكامها ومعارضيهم عن إنجاز ما يوقف كل هذا الموت والدمار.
اقرأ أيضا : الرقص مع القذيفة … يوميات سورية