إقرأ أيضاالرئيسيةيوميات مواطن

حكاية بصلة سورية لم تُكمل فرحتها بصحن مجدرة!

رغم كل ما تحمله العبارة من وجع.. مهندس سوريا المستقبل يحلم اليوم ببصلة!

سناك سوري-أحمد إبراهيم

نظرت إليها بشغف وأسى، بينما كان لعابي يسيل عليها متخيلاً جمال حضورها إلى جانب صحن من “المجدرة”، بدت كحلم بعيد المنال حيث لا أملك في جيبي أكثر من ألفي ليرة، والشهر مايزال في منتصفه، ولا سبيل لتبديد هذه الليرات القليلة على رفاهية ككيلو “بصل” يبلغ ثمنه 500 ليرة كاملة أي ربع ما أملك من نقود يفترض أن تكفيني في السكن الجامعي بمدينة “حلب” طيلة الـ15 يوم المتبقية منه!.

كنت قد فقدت الأمل في الحصول عليها، وهممت بمغادرة المحل قبل أن أسمع الفتاة بجانبي تقول للبائع: «أوزنلي هالبندورتين والخيارتين لو سمحت»، استعدت الأمل مجدداً وارتسمت ابتسامة رضا كبيرة على محياي، نظرت إلى البائع بثقة وطلبت إليه أن يزن لي هذه البصلة التي ترونها في الصورة الرئيسية، وقد حصلت عليها بمبلغ 150 ليرة، وكان ذلك اليوم يحمل انتصاراً غالياً عنوانه “بصلة”.

أنا يا سادة، مشروع مهندس، وابن عمي هو الآخر مشروع طبيب، نعيش في “حلب” بينما يسكن أهلنا في “طرطوس” بعدما هجرتنا الحرب من منزلنا في ريف “حماة”، أبي موظف براتب حكومي ضئيل كما كل الرواتب، ومثله والدتي، يرسلان لي مصروفاً شهرياً كما أني أعمل إلى جانب دراستي لمساعدتهما ومساعدة نفسي، ورغم كل هذا السعي مايزال الوضع المعيشي شبه مستحيل في ظل هذا الغلاء المستشري، ومثلي ابن عمي بفارق أن والدته ربة منزل لا تملك عملاً.

مقالات ذات صلة

اقرأ أيضاً: ترميم الجامع الأموي في “حلب” يتم على قدم وساق

عدت إلى غرفة السكن خاصتنا، التي أتقاسمها مع ابن عمي واثنين آخرين كانا غائبين حينها، فرحاً بإنجازي، وضعتها بكل عناية وأنا أروي لقريبي حكاية البصلة وكيف أننا سنحظى اليوم بطبق مجدرة شهي إلى جانبها، وهو مستغرق بقراءة كتاب أمامه، وبعد أن فرغت من حديثي نظر إلي بعبوس واضح كما هو حال وجهه الجدي دائماً، قائلاً إن مخزوننا من البرغل قد انتهى هذا الشهر عازياً السبب لبطري الشديد في استهلاكه على المجدرة والبرغل ببندورة، لكن ما يزال هناك بعض البيض الذي وضعه على الغاز لسلقه وهو الآن قد نضج طالباً مني إحضار صحنين وتقطيع البصلة في ثالث، غادرتني ابتسامة النصر تلك، ويا فرحة بصلة ما تمت بصحن مجدرة!.

اقرأ أيضاً: “حلب”.. طفلة الـ4 سنوات وحيدة مع كيس ملابسها في الجامع.. هل هو الفقر؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى