الرئيسيةيوميات مواطن

حكاية أم سوريّة… الحرب سرقت ابنها واللصوص سرقوا هديته لها!

نعيش في وطن تسرق فيه حتى الذكريات

سناك سوري – خاص 

“مو حرام تسرقوا ذكريات ابني” هكذا عبرت تلك الأم الستينية التي أرهقتها الحياة وتبدو بوضوح عليها ملامح الفقر والتعب والوجع، لا أعرف أسمها لكنها مازالت ترتدي الأسود على ابنها رغم مرور ست سنوات على إزهاق روحه خلال الحرب “كما ستخبرني لاحقاً” استوقفتني عبارتها تلك وتقاطعها مع مقولة “نيلسون مانديلا” «يموت من لا يستحق الموت ويعيش من لا يستحق الحياة».

قد يبدو الموقف اعتيادياً ومكرراً ومبرراً لأسباب باتت معلومة لدى الجميع الحرب والفوضى والفقر والغلاء لكنها تركت ندبة ما في قلبي.

بدأت الحكاية وأنا أمر بالسيارة في العاصمة دمشق في مكان يوجد فيه الكثير من الناس منتظرين “مكاري” أو سيرفيس أقوم بقدر المستطاع بالخدمة وأخذ من أستطيع معي فركبت معي تلك المرأة ساعدتها في حمل أغراضها داخل السيارة ثم عدت خلف المقود ودار بيننا هذا الحوار.

اقرأ أيضاً: “سوريا”.. يافعان يعيدان محفظة نقود لصاحبها

– يسلمو إيديك يا خالتي… سرقولي موبايلي الله يسامحهن

= خير ان شاء الله

– كنت ناطرة مكرو المزة بالكراجات وكان عجقة وأنا طالعة واتاخد موبايلي

= ياخالة كم مرة نبهوا من هالقصص وماحدا يحط موبايلو بالجيبة أو شي محل مبين بالعجقة

– بعمري ماحطيتو بجيبتي بس ولادي دائماً بيقلولي بندقلك ليش ما بتردي فحطيتو هالمرة بجيبتي مشان إسمعو ورد بسرعة

= الله يعوضك

– بسيطة لك خالتي

= شو نوع الموبايل خالة

– سامسونج عادي، صرلو عندي ست سنين، بس هاد أغلى شي عندي وبحبو لأن هدية من ابني “الشهيد”

= “بغصة” الله يرحمو

– كنت مبسوطة كتير فيه لو حقو ألف ليرة، عاجبني ومابدي غيرو ست سنين ماعرضتو حتى عمصلح ولا صار عليه شيء

– و”بصوت باكي” مو حرام عليه يسرق “ذكريات ابني مني، كل شي ضللي منو هالصور”

ماشاف صورة ابني “الشهيد” عخلفية الموبايل ليه مارجعو ؟ ليه ماقال هاد لأم “شهيد” معقولة مافي بقلبو ذرة إنسانية لحتى ياخذوه؟

= جربتي تدقيلو

– دقيتلو مرة رن والمرة تانية صار خارج التغطية أكيد شاف الصورة لشو مارجعو ؟

= خالة أي شي بتحتاجيه قوليلي أمانة

– “بعزة نفس” مستورة يا ابني

= اعتبريني مثل ابنك

– مابدي غير سلامتك

خرجت الأم من السيارة تاركةً بعضاً من وجعها معي وأسئلة تدور في رأسي عن القيمة المعنوية التي كان يمثلها هاتف ابنها الذي ظلت محافظة عليه لسنوات قبل أن يقرر ذلك اللص سرقته مدرك أم غير مدرك أن ماقد يبيعه بسعر رخيص يساوي كنوز الدنيا عند صاحبته التي لابد أنها لن تنام الليلة وكأن ابنها أخذ منها للمرة الثانية سرقت ابتسامة الابن الراحل ومعه شريط من الذكريات..آه يا وطن تسرق فيه حتى الذكريات.

اقرأ أيضاً: سوريا: ابن الـ 15 عاماً يعيد 102 ألف ليرة عثر عليهم في الشارع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى