حسان و لانا.. 10 سنوات من الحب الممنوع دينياً وقانونياً
في بلاد اللوحة الفسيفسائية.. حسان ولانا يرويان قصة حبهما التي يمنع الدين والقانون تتويجها بالزواج
سناك سوري – حسان ابراهيم
كانت لحظة حب صادقة في حياتي كشاب مسيحي عندما التقيت بفتاة مسلمة اسمها “لانا”، لكنني لم أكن أعرف أن هذه اللحظة لن يكتب لها أن تتوج بالزواج، وأن يواجه هذا الحب بالرفض القانوني لتحويله إلى زواج، رغم مضي 10 أعوام عليه، لم ينقص خلالها قيد شعرة وإنما كان يكبر كل يوم.
كنا ننظر إلى الانقسام التي تحدثه الحرب حولنا ونرميه خلف ظهورنا، لنقترب أكثر من بعضنا بعضاً، وكان العمر يمضي معنا حتى بلغت الخامسة والأربعين من عمري وأنا أنتظر تعديلاً في قوانين هذه البلاد (العلمانية) تعديلاً يتيح لنا أن نتزوج مدنياً.
بدأت الحكاية التي أرويها لكم بلساني أنا “حسان” وكما حدثت تماماً عبر برنامج إذاعي كان يبث عبر أثير إحدى الإذاعات المحلية في مدينة ‘‘حمص’’ سمعته بالصدفة، استوقفتني شارة أحد البرامج التي تطرح مواضيع إنسانية واجتماعية بأسلوب رومانسي، هنا سمعت مداخلة من إحدى المتصلات وكان اسمها ‘‘لانا’’، تفاعلت مع قصتها وأبديت رأيي بالحالة التي طرحتها، عبر الاتصال بالبرنامج وهنا كانت نقطة البداية في علاقتنا المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات.
اقرأ أيضاً: وماذا كان سيضر الله لو تزوجا؟
تعارفنا بشكل شخصي لم يكن بالأمر السهل مطلقاً بسبب عدم إمكانية الحصول على معلومات لكلٍّ منا من قبل إدارة الإذاعة، وبعد أشهر من التواصل عبر ذات البرنامج اتبعت حيلة معينة بحيث تصلها إشارة مني لمكان عملي، وبالفعل بعد أيام قليلة تمكنت ‘‘لانا’’ من الوصول إلي، وكان ذلك بتاريخ 11/10/2010 وبدأنا بالتواصل عبر الهاتف وكان هناك شيء مشترك فينا اكتشفنا لاحقاً بأنه الحب، رغم اختلاف أدياننا إلاَّ أنَّنا صمدنا واستمرينا رغم حالة الحرب التي عاشتها البلاد واضطرار كلٍّ منا للنزوح نحو منطقة مختلفة عن الآخر خارج المدينة.
تعرضت لانتقادات كثيرة من أقاربي وأصدقاء مقربين لي بسبب علاقة الحب هذه التي تجمعني مع ‘‘لانا’’، تصب في مجملها بموضوع الأبناء وحرمانهم من الشعور بأواصر القربى مع عائلات آبائهم بسبب القطيعة التي ستفرض (علينا)، إذا تزوجنا وكل منا على دين مختلف، إنها مسألة تتعلق بحالة الوعي المجتمعي عموماً، وهو ما يجب العمل عليه لتغييرها تدريجياً للوصول إلى مجتمع أكثر انفتاحاً واعتدالاً في هكذا أمور هي من صلب قوته، مجتمع حقاً يؤمن بما يقوله عن (اللوحة الفسيفسائية، والغنى بالتنوع السوري).
لكن لماذا علي أن أُعير انتباهاً لهذه الانتقادات ولماذا قد نهتم ببعض المتشددين في المجتمع الذين لا يعرفون معنى الحب، معنى أن فتاةً كـ “لانا” عرفت بعد أشهر من علاقتنا ماهو ديني وعرفت ماهو دينها ومع ذلك استمرينا في علاقتنا، هذه العلاقة التكاملية الساحرة، نفرح معاً نحزن معاً، نفهم على بعضنا من الإشارة، ونحلم معاً بأن نكون أسرة واحدة نتوج حبناً بأطفال سوريين قبل كل الأديان وكل العقائد وكل الكراهية والقيود التي تفرض!!!.
اقرأ أيضاً: حسام عيد: أناصر الزواج المدني في سوريا
لطالما تسلحنا بالأمل أن هذه العلاقة ستجد طريقها إلى الزواج، مع كل حملة للزواج المدني كنا نقول اقترب الفرج، مع كل صوت يطالب بالزواج المدني كنا نقول أيامنا معدودة، لكن الأيام طالت وطالت معها الانتظار، وتكرر كثيراً على مسامعي “حتى تتزوج عليك أن تغير دينك” وإلا فإنه لا محكمة ستقبل بتسجيل زواجك، فالقانون يمنع الزواج إلا وفق الشرائع الدينية ولا يسمح بالزواج المدني!!!.
تضاعف أسفي عندما قرأت تصريحات وزير الأوقاف في اجتماع عقد في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل فيما يخص قانون الزواج المدني واستحالة إقراره في ‘‘سوريا’’ وحجم هذا الرفض الذي يجابه به، رحت أتساءل في نفسي لماذا يحق لوزارة الأوقاف أن تقرر شكل الزواج الذي أريده، أو حتى لماذا يحق للكنيسة أيضاً رغم أنني مؤمن بها لكنني لا أؤمن بتفريق عاشقين.
إن الآلاف إن لم يكن أكثر يعيشون قصص حب مشابهة إلى حدٍّ ما من قصتنا، ولو أتيحت الفرصة وتمَّ إقرار القانون المدني لرأيناها تخرج إلى النور، لكن هناك دائماً تلك المشكلة المتمثلة بالعقلية المتحجرة الرافضة للأشخاص الراغبين بالزواج من دينين مختلفين، والتساؤل المشروع الذي يجول في خاطر الكثيرين من أمثالي هو: «يحدثوننا عن اللحمة الوطنية ومدى تأثيرها على قوة المجتمع والبلد في وجه مخططات الأعداء، فهل هناك أكثر من هكذا لحمة قد تتشكل فيما لو تمَّ تطبيق هذا القانون؟!».
اقرأ أيضاً: وزير الأوقاف: لن يكون هناك زواج مدني في سوريا