“جيل الألفية”.. مازن بلال
كسر “العزلة” المفروضة على أكبر كتلة سكانية موجودة في المجتمع السوري
سناك سوري – مازن بلال
عندما نطرح مصطلح “جيل الألفية” فإن الصورة التي يمكن استحضارها تبدو مختلطة، وبعكس ما يمكن أن يوحيه هذا التعبير من حيوية كونه خاص بالشرائح الشابة، فإننا نجد أنفسنا أسرى محاولات لكسر “العزلة” المفروضة على أكبر كتلة سكانية موجودة في المجتمع السوري، فهم الأقل قدرة على الحركة نتيجة ظروف الأزمة، وهم يقفون أيضا على حدود الانهيارات التي ظهرت في الحياة العامة لسورية منذ 2011.
عمليا فإن كافة عمليات التنمية تذهب باتجاه “الجيل المنتج”، لأنه القادر على تحقيق استدامة لأي مشروع تنموي، ولكن في نفس الوقت فإن التصورات الخاصة بالشرائح الشابة متروكة لمساحات تجارب من سبقوهم، وهي معضلة قديمة وتكتسب اليوم شكلا مختلفا، حيث تسعى الكثير من مبادرات المنظمات الدولية إلى دفع الشباب نحو خلق تجاربهم، وتحدد في نفس الوقت إطار هذه التجارب ومجالاتها المختلفة.
اقرأ أيضاً بوابات تنموية للأزمة _ مازن بلال
المفارقة الأساسية هي أننا نخلق بيئة لتفكير قديم ونطلب من الشباب ملء الفراغ فيها، ويخلق هذا التناقض تكرارا لآليات لا تعبر عن حالة الإنتاج المتوقعة من “جيل الألفية”، فعمليات النمذجة لعمل الشباب تطال كافة الأمور بما فيها “تعريف” الشريحة الشابة وقواعد عملها وحتى حدود علاقاتها مع الشأن العام بالدرجة الأولى.
عندما نقوم بخلق “البيئة” لعمل الأجيال الشابة فإننا نتعامل مع مسألتين:
– الأولى تحديد علاقاتها بما حولها وفق منطق تراتبي، علما أن ميزة الشباب مرونتهم في كسر الحدود مع كافة الأجيال، وقدرتهم على خلق مساحات مختلفة لعملهم تتجاوز ما هو قائم.
يمكن النظر إلى هذه المسألة عبر دراسة العديد من التوجهات التي تطرحها الأمم المتحدة ومنظماتها تجاه الشباب، فهي تضع المعايير قبل كل شيء وتحدد بعدها مجالات النشاط داخل المجتمعات المستهدفة، وتعتبر كافة المبادرات الدولية أن هذا الأمر يبني شخصية الشباب وتجربتهم في العمل العام، وفي النهاية فإن هذه الأجيال لا تختار عمليا ما تريد لكنها تدخل في إطار ما هو متاح وما يمكن أن يؤمن لها مستقبلا أفضل وفق معايير دولية بالدرجة الأولى.
– المسألة الثانية اعتبار الشباب طاقة يجب توجيهها، وبمعنى آخر فرض حالة وصاية عليها، وربما محاصرة طموحها وطريقة تفكيرها.
يمكن اعتبار رؤية المجتمع للشباب ضمن المسألة الثانية، حيث يتم اعتبار “التجربة” كشأن خطير يجب الحد منه واكساب الشباب خبرات من قبل من سبقوهم لتجنب الخوض في مغامرات غير محسوبة النتائج، فالمجال المفتوح أمام الأجيال مقونن لأبعد الحدود ويساعد في خلق عزلة بينها وبين مسائل الحياة العامة.
في عصر الاتصالات لا أحد يحلم بتجربة مشابهة لثورة الشباب في الستينات، فالتقنيات بذاتها ساهمت في الحد من نشاطات الشباب، وربما جعلتهم مرتبطين بتطبيقات ترسم أهدافهم المستقبلية سلفا، ولكن في نفس الوقت فإن “بيئة الشباب” تحتاج لفعل ذاتي، ولرفع القيود مهما كانت لخلق تجربتهم، فعمليات التنمية يمكنها توفير الإمكانية غير المشروطة أمام الشباب لبناء بيئتهم وفق تصوراتهم فقط، وغير ذلك سيكون تأطيرا لهم لا يمكنه أن يخلق فارقا عن الأجيال التي سبقتهم.
اقرأ أيضاً ممكنات مغيبة.. “مازن بلال”