الرئيسيةتنمويرأي وتحليل

تسويق الحمضيات في سوريا.. الأمل بالحكومة! – رامي فيتالي

كيف تنتشر الحمضيات في الأسواق العالمية ؟

سناك سوري-رامي فيتالي

بتاريخ 23-8-2021 صرح وزير الصناعة السوري زياد صباغ أمام مجلس اتحاد العمال بأن لا جدوى اقتصادية من إنشاء معمل للعصائر في الساحل، لأن -والكلام للسيد الوزير- الحمضيات هي للمائدة وليست للعصير.

أثار تصريح الوزير الكثير من الانتقادات بين سوريين على مواقع السوشل ميديا، والسبب هو الجدل الطويل في السنوات السابقة حول مطالبة المزارعين بإنشاء معمل لإنتاج مركزات عصائر الحمضيات لتصريف الإنتاج الفائض خصوصاً في الساحل السوري بعد انخفاض سعر البرتقال لمستويات دنيا، جعلت المزارعين يتلفون إنتاجهم، وأيضاً مع وجود وعود سابقة من قبل رجال أعمال بالاستثمار في هذا المجال، ويضاف إلى ذلك تقديم عرض قروض من المصرف التجاري السوري قبل أيام قليلة من تصريح وزير الصناعة لتمويل مشاريع إنتاج العصائر بفائدة مدعومة تبلغ 4%.

ولكن من جهة أخرى أبدى بعض مزارعي الحمضيات موافقتهم لكلام الوزير، إذ حسب رأيهم البرتقال المزروع في سوريا معظمه غير مناسب لإنتاج العصير، بل للمائدة ومردوده الاقتصادي أفضل إن تم تسويقه وتصديره دون عصر.

ويبقى السؤال مطروحاً حول الطرق الأنسب لتصريف الحمضيات خصوصاً في الساحل، أو اعتماد طريق بديل بتغيير نوع الزراعة مع تعويض للمزارعين أو غيرها من الحلول.

سأحاول في هذا المقال الإضاءة على منتجين زراعيين منتشرين في الولايات المتحدة الأميركية وكيفية تسويقهما، وهما البرتقال والذرة، وسبب اختيار الولايات المتحدة هو أنها بلد مشهور باعتماده على قطاعات أخرى في اقتصاده مثل التكنولوجيا والنفط والخدمات، وأن الزراعة فيها غير موجهة.

تعتبر ولاية فلوريدا الأميركية أكثر الولايات إنتاجاً للحمضيات في الولايات المتحدة، إذ تنتج حوالي 70% من الحمضيات الأميركية و90% من عصائر الحمضيات، وبذلك تجعل الولايات المتحدة رابع منتج للحمضيات في العالم، وتكون ولاية فلوريدا لوحدها ثاني أكبر منتج لعصائر الحمضيات في العالم بعد البرازيل.

اقرأ أيضاً: معمل العصائر.. بـ2015 وضع حجر أساسه وبـ2021 تبيّن عدم جدواه الاقتصادية

تقع فلوريدا في منطقة حارة ورطبة، وتشابه سوريا من نواحي المناخ والمساحة وعدد السكان، ولكن تتفوق على سوريا طبعاً بالمساحات القابلة للزراعة، وتبلغ المساحات المخصصة لزراعة الحمضيات في فلوريدا حوالي مليون دنم. تعد زراعة الحمضيات وصناعة عصائرها أكبر مساهم في اقتصاد فلوريدا بقيمة تزيد على 6 مليار دولار سنوياً ويعمل فيها بشكل مباشر 33000 عامل.

أما إذا نظرنا إلى زراعة الذرة فإن الولايات المتحدة هي أكبر منتج لها في العالم ومن عقود طويلة وبفارق شاسع عن بقية الدول. كيف يتم تسويق هذا الحجم الهائل من الذرة؟ نسبة قليلة منه تستعمل للتناول البشري المباشر، أما النسبة الأكبر فتستخدم في صناعات طبية وغذائية، مثل إنتاج الكحول ورقائق الذرة وزيت الذرة ونشاء الذرة وشراب الذرة (القطر الصناعي)، بالإضافة طبعاً للعلف الحيواني، وبعض الصناعات الورقية وحتى توليد الطاقة.

المثير للانتباه في الولايات المتحدة أن الزراعة تقوم معظمها بمزارع عائلية، والاقتصاد بمجمله حر غير موجه، وينسحب ذلك طبعاً على الزراعة، إذ لا يوجد أي تقييد أو توجيه في الزراعة، ومع ذلك استطاعت بعض الزراعات أن تجد طريقها نحو التطور والانتشار والتكامل مع الصناعة والتجارة لتتفوق بذلك عالمياً.

لكن لو نظرنا برؤية أشمل فإن الحكومة الأميركية تقدم أشياء مهمة جداً للزراعة ولكل القطاعات الأخرى من مثل، دعم البحث العلمي بمليارات الدولارات، منع الاحتكار والحرص على إبقاء باب المنافسة مفتوحاً، وتشجيع جمعيات المجتمع المدني الزراعية والصناعية وغيرها وفتح الباب أمامها دون تقييد أو إعاقة.

لذلك إذا سألنا ماذا يمكن للحكومة السورية تقديمه لدعم زراعة معينة، فإن الجواب ينبغي أن يكون مماثلاً، فتح الباب أمام المزارعين والصناعيين للعمل بحرية مع منع الاحتكار والمنافسة، فتح المجال للجمعيات الفلاحية ووحداتها الإرشادية وغرف الصناعة والتجارة لكي تعمل بحرية وتقوم بالتعاون في التسويق وتحقيق التكامل بين القطاعات المختلفة، تطوير عمل مديريات البحوث الزراعية، ودعم بحوث الاقتصاد الزراعي والصناعي.

عندها ستكون خيارات كثيرة مفتوحة وسيبقى ما يحقق الفائدة الاقتصادية الحقيقية للمزارع والصناعي والتاجر، سواء كان ذلك إنشاء معامل عصائر أم تعليب أم تغيير زراعة الأرض لمنتجات أخرى ذات جدوى أكبر والتعاون في تسويق المنتج الزراعي الخام، أو المصنع مع ضمان مستويات محددة من الجودة تجعله ينتشر ويشتهر في السوق العالمية.

اقرأ أيضاً: قطنا يتوقع تراجعاً باستهلاك الحمضيات.. بسبب انخفاض مستوى الدخل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى