الرئيسيةرأي وتحليل

تحوّلات تغيّر وجه العالم… لماذا تخرج سوريا عن المعادلة؟

بين مفاوضات فيينا ومحادثات بغداد ... لماذا تغيب الأزمة السورية؟

ثمة ما يطبخ على نارٍ هادئة على مستوى العالم والإقليم لرسم خارطة جديدة لوجه التحالفات والأزمات التي تعصف بمناطق متفرقة من الأرض.

سناك سوري _ زياد محسن

شكّلت الأزمة الأوكرانية بوابة لإعادة الاصطفاف المباشر بين الشرق والغرب، في مشهد يعيد التذكير بأيام الحرب الباردة بين المعسكر السوفييتي والمعسكر الغربي الذي قادته “الولايات المتحدة”، واعتبر العالم أن صفحة الانقسام تلك طويت مع مطلع التسعينيات على وقعِ انهيار جدار “برلين” وتفكك الاتحاد السوفييتي.

أما مشهد اليوم فيبدو أكثر تعقيداً، وأكثر التباساً في تعريف الحليف من الخصم، والواضح أن الأزمة السورية ليست بمنأى عن تلك التحولات بل تقع في صميمها، إلا أن اللافت في الأمر أن الأطراف السورية لاتبدو نشطة في سعيها لاستثمار تلك التحولات بما يسمح بكسر جليد الركود في مسار الأزمة وحلها منذ عامين على الأقل.

في “بغداد” تُخاض جولات التفاوض بين الإيرانيين والسعوديين بعد عقود من التنافر والخصومة بين البلدين، في حين لا يزال الحديث في الأوساط العربية يتمحور حول اشتراط ابتعاد “دمشق” عن “طهران” مقابل استعادة موقعها في محيطها العربي وجامعته، علماً أن “الرياض” لم تخرج بموقف صريح يخرج عن هذه المعادلة.

وفي “فيينا” يتفاوض الأمريكيون مع الإيرانيين للعودة إلى الاتفاق النووي والذي يتضمن رفع العقوبات عن “طهران”، بينما ترفض الإدارة الأمريكية أي تفاوض على رفع العقوبات عن “سوريا” قبل تنفيذ رؤيتها للحل السياسي.

بدورها اتخذت “أنقرة” موقفاً وسطياً من الصراع الروسي الأوروبي، فأعلنت إغلاق مضيقي “البوسفور” و “الدردنيل” أمام السفن الحربية الروسية وكذلك الحال بالنسبة لسفن “الناتو”، في حين أبدت “دمشق” موقفاً حاسماً في دعم عمليات “روسيا” العسكرية في “أوكرانيا”، بينما وجدت المعارضة السورية فرصة جديدة لمهاجمة “موسكو” ودعم “كييف”.

وعلى عكس الحرب اليمنية التي وجدت في لحظة التحولات فرصة للوصول إلى اتفاق هدنة، فإن الأزمة السورية حافظت على ركودها، وأسفر ذلك عن تراجع أهميتها في قوائم الأجندة الدولية ما يشير إلى احتمال إطالة مدة الركود تلك، في وقتٍ تئن فيه البلاد تحت وطأة الضغط الاقتصادي الذي تتضاعف آثاره متأثرة بما يشهده العالم من أزمات متلاحقة تزيد من التضخم والغلاء وفقدان السلع لا سيما الغذائية منها والنفطية.

تغيب مؤشرات الخرق لفتح ثقب جديد في جدار الانقسام السوري، وتتراجع معها آمال قرب الوصول إلى حلول، ويتصدر التعنّت مشهد الأزمة بينما تتفكك أزمات أخرى طالما اعتبرت أكثر تعقيداً، على طاولة التفاوض والنقاش، فهل ستجتمع العوامل الدولية والإقليمية لخلقِ ثقب جديدٍ يحيي آمال الحل.

اقرأ أيضاً:في ذكرى الأزمة السورية … ندوة بجامعة دمشق لبحث الأزمة الأوكرانية

زر الذهاب إلى الأعلى