أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

تحول مفاجئ في خارطة السيطرة … النصرة تستولي على عفرين

صمت تركي عمّا يحدث .. والمدنيون ضحايا تقلّبات السيطرة

اقتحمت “جبهة النصرة” وحلفاؤها المدعومين تركياً اليوم مدينة “عفرين” بريف “حلب” الشمالي بعد معارك لم تدم أكثر من ساعات مع فصائل أخرى مدعومة تركياً. وسط حالة من الذهول العام حول مايحدث من متغيرات في جغرافيات السيطرة في الشمال السوري.

سناك سوري _ دمشق

وبينما تداولت مصادر إعلامية أسماء الأحياء التي دخلتها “النصرة” في المدينة تباعاً، فإن المصادر على الأرض تؤكد أنها سيطرت على المدينة بالكامل بدعم من فصيلي “الحمزة” و”السلطان سليمان شاه/ العمشات”.

وتشير المعطيات أن فصيل “الفيلق الثالث” انسحب من “عفرين” باتجاه “كفر جنة” و”أعزاز”، في وقتٍ شهدت فيه مناطق الشمال السوري موجة نزوح واسعة نتيجة الاشتباكات، حيث فرّت مئات العائلات من مناطق المواجهة لا سيما في محيط “عفرين” بعد استهداف عدد من مخيمات المنطقة خلال المعارك ما أوقع ضحايا من المدنيين.

شرارة المواجهة

لم يكن متوقعاً لأي متتبع لما يحدث في الشمال السوري أن تسبب حادثة اغتيال ناشط هذا التحول النوعي في مسار الأحداث، فقد سبق واغتيل عشرات الناشطين دون أن يتحرك أحد، ما يوحي أن السبب المباشر كما صوِّر كان مفتعلاً بشكل أو بآخر.

مقالات ذات صلة

الشرارة بدأت إثر اغتيال الناشط “محمد عبد اللطيف أبو غنوم” وزوجته في مدينة “الباب”، فاعتقل “الفيلق الثالث” أشخاصاً قال إنهم متورطون بالحادثة ويتبعون لفرقة “الحمزة”، والتي سارع إلى مهاجمة مقراتها والاستيلاء عليها خلال يوم واحد كانت فيه خارج أسوار “الباب” وتحصّنت في بلدة “بزاعة” القريبة.

وبينما كانت مواجهات الطرفين في محيط “الباب” فإنها تحوّلت بشكل دراماتيكي لتصل إلى “عفرين” غرباً، وتنخرط “النصرة” في القتال دون سابق إنذار إلى جانب “الحمزة”.

اقرأ أيضاً:بعد اغتيال ناشط وزوجته … طرد فصيل الحمزة من مدينة الباب

وبسرعة كبيرة سيطرت “النصرة” أمس على “جنديريس” بعد أن سهّل لها فصيل “العمشات” المتمركز في ناحية “الشيخ حديد” و “فيلق الشام” في “جنديرس” الوصول للمنطقة، بينما استفاق أهالي “عفرين” اليوم على مفاجأة وصولها إلى مدينتهم وسيطرتها عليها بسرعة قياسية انسحب خلالها “الفيلق الثالث” و”حركة التحرير والبناء” المتحالفة معه من المدينة.

كما انسحب “الفيلق” من منطقة “معبطلي” شمال غرب “عفرين” تجنباً لمحاصرة عناصره، لتؤول السيطرة على المنطقة إلى “العمشات” الذين باتوا في موقع استراتيجي لتطويق “عفرين” من الشمال، بعد أن دخلتها “النصرة” من محاورها الجنوبية والغربية.

في الأثناء، كان قائد “العمشات” “محمد جاسم” ينشر سلسلة تغريدات عبر تويتر، يمتدح فيها “النصرة” وإدارتها لـ”إدلب” ويهاجم فيها “الجبهة الشامية” و”جيش الإسلام” وهما المكونان الرئيسيان لـ”الفيلق الثالث”.

هذا وسبق لـ أبو عمشة أن تراشق الاتهامات والشتائم مع “النصرة” التي قرر التحالف معها الآن ووصفها بـ”فصائل إدلب الثورية”.

التحول النوعي

لا شك أن ما يحدث اليوم في “عفرين” تحوّل نوعي هام، بعد سنوات حافظت فيها مناطق السيطرة على حالها في ريف “حلب” الشمالي، وبدا أن الأطراف على تنوعها من فصائل بمسميات مختلفة، رضيت بـ”القسمة”، فرغم أن “عفرين” بقيت لسنوات حلماً يراود “النصرة” لتوسيع مساحات وصولها إلى الحدود مع “تركيا” إلا أنها التزمت بتركها لفصائل “الجيش الوطني” ولم تتحرك تجاهها جدياً من قبل، بل تبادلت معها البضائع من خلال معبر “أطمة-دير بلوط” الفاصل بين مناطق سيطرة الطرفين.

اقرأ أيضاً:انتهاكات وقتل وتتريك.. عفرين نموذج المنطقة الآمنة التي تسعى لها تركيا

أهالي عفرين لم يعرفوا الاستقرار طوال سنوات مضت فقد واجهوا النزوح قبل 4 سنوات عندما اجتاحتها الفصائل المدعومة تركياً ضمن ماعرف بعملية غصن الزيتون. وما تبعها من اعتقالات وعمليات خطف واحتجاز حرية وأتاوات وسرقة محاصيل وممتلكات إلخ.

والآن يتخوف الأهالي من تكرار ذات السيناريو على الجهات الجديدة التي سيطرت على منطقتهم وتحولت إلى سلطات أمر واقع. خصوصاً وأن أهالي عفرين معروفون بأنهم متحررون فكرياً ودينياً في وقت تفرض فيه “النصرة” نظاماً دينياً في المناطق التي تخضع لسيطرتها.

كما أن هذا التطور من الممكن أن يتبعه متغيرات عسكرية أخرى واشتباكات طويلة الأمد ستدور رحاها كما جرت العادة وسط المدنيين.

المشهد دولياً

يطبق الصمت الكامل على الموقف التركي مما يحدث في “عفرين” رغم أن “تركيا” هي القوة المسيطرة فعلياً بشكل أو بآخر في ريف “حلب” الشمالي، فضلاً عن نفوذها ونقاطها في ريف “إدلب”، أي أنها صاحبة اليد الطولى على طرفي النزاع.

ويتزامن ذلك مع الحديث الذي جرى مؤخراً عن إمكانية فتح قنوات للحوار بين “أنقرة” و”دمشق” وما أبداه المسؤولون الأتراك وفي مقدمتهم الرئيس “رجب طيب أردوغان” من تقبّل لحوار قد يعيد العلاقة مع الحكومة السورية.

الأمر الذي يفتح باب التساؤلات حول تأثير التحولات الميدانية الجارية شمالاً، على ملف العلاقات السورية التركية ومحاولات إحيائها بعد قطيعة وعداء لـ 11 عاماً.

على الجانب الآخر، فإن الأمريكيين كذلك يقفون موقف المتفرّج مما يحدث، بينما تقول بعض تحليلات أن “الفيلق” يضم في صفوفه مجموعات مثل “اللواء 51” الذي كان مدعوماً مباشرةً من الأمريكيين، وأنه حاول استعادة ذلك الدعم بغية الاستغناء عن السيطرة التركية عليه كسائر الفصائل ما دفع “تركيا” لسحب البساط من تحته وتوريطه بمواجهة خسر إثرها نفوذه في “عفرين” ولا يبدو من الواضح بعد ما الذي سيخسره أكثر.

لقد دفع السوريون في الشمال أثماناً باهظة لتناحر الفصائل وتبادل السيطرة بين حين وآخر، واليوم يجدون أنفسهم أمام توسّع جديد لـ”جبهة النصرة” المصنّفة على قوائم الإرهاب الدولية، وسط مخاوف من تجدد الانتهاكات بحقهم على غرار ما فعلته الجبهة بسكان “إدلب”.

لكن بالمحصلة سبقى مشهد الشمال السوري ضبابياً جداً لناحية المستقبل ودور الأطراف الدولية اللاعبة بالملف السوري بما يحدث على الأرض. وهل ستنتهي المتغيرات عند حدود عفرين أم أنها ستذهب باتجاه الباب وأعزاز؟!.

اقرأ أيضاً:ضحايا وموجات نزوح … احتدام المعارك شمالاً والنصرة تتدخل

زر الذهاب إلى الأعلى