أخر الأخبارالرئيسيةرأي وتحليل

تأثير الحرب على القيم الاجتماعية والسياسية للسوريين: هل فقدنا الحب والاحترام المتبادل؟

تخبرنا هذه الحرب. وهذه الوجوه (الجميلة) عبر وسائل الإعلام والتي خلقها هبل الحرب أنه من غير الجيد وحتى من غير الطريف لنا كسوريين أن نكون ديمقراطيين حتى في أدنى مستويات الديمقراطية المتعلقة باحترام رأي الآخر على الأقل. هذه هي القضية بكل بساطة. وهذا هو تأثير الحرب على القيم الاجتماعية للسوريين

سناك سوري – شاهر جوهر

وهذا ما اعتدته هنا وبكسل طوال سبع سنوات. مثل موظف حكومي اعتاد الازدحام. واعتادت كتفاه اللطم بلا اعتذار. مثل صبية متسولين يلتصقون بطرف ثوبك استجداء لقطع نقدية صغيرة منك كل صباح. ومثل عيون المخبرين على بسطات الجوارب والكتب والاكسسوارات والكلاسين. كما هو مثل اعتيادكم لمشاكل العاصمة وعيون النسوة البواكي في محيط بلادنا.

لكن أستطيع القول الآن أن هناك ثمة مشاكل أهم من الإزعاجات المرورية والفقر وأزمة السكن و البطالة. ومن الممكن ذكر كثير من القضايا التي لم تثرها الأحزاب السياسية التقليدية التي خيّمت لعقود تحت جناح السلطة. ولا التيارات الدينية والسياسية التي خلقتها الحرب باسم المعارضة. أهمها لدي. ولديك. ولدينا جميعاً هو الأمن والسلام.

لكن لا أعرف يا صديقي لِمَ لَم نلتفّ حول وجعنا طوال هذه السنوات المرّة. لِمَ لم نحمل على عاتقنا منذ البداية حل للقضية حتى الآن. فقد عربد الجميع على أمننا عنوة. ودون علم مسبق ما كنا ندري أننا حاربنا كل تلك السنين لنرسخ الاستبداد بدلاً من إسقاطه.

علينا أن نعترف أننا أخطأنا. كما وأننا محكومون بالاستبداد. وعلينا جميعاً أن نسلّم بذلك. وذلك لأننا أمة أنانية تعرف كل شيء. لسنا بحاجة للمشورة. كما لسنا بحاجة لشيء. كل فرد منا حاكم في مكانه. عالم في مجاله. كما يزاول سياسته وسلطته وفق شريعته.

اقرأ أيضاً : عيد الحب والشناتي المهاجرة … سوسن زكزك

سنين الحرب السبعة وتأثير هذه السنين على القيم الاجتماعية. أثبتت أننا قوم لا نصلح إلا بدكتاتور. لهذا حينما تمردنا على الحق وتَرَكْنا الله حاملين السلاح لنذبح بعضنا شاهت وجوهنا. فتخلى عنا الله لنتيه سبع سنين. ورحنا نتخبط بدمنا حتى تجّذر بداخل كل واحد منا روح الكراهية والاستبداد. فما أكرهنا على ذلك أحد لأن لسان حالنا لطالما ردد “إنما العاجز من لا يستبد”.

فعندما تحمل السلاح لكي تقتل سورياً آخر لتفرض رأيك أنت مستبد.
عندما تأكل خبزاً سميكاً مغطى بالزبدة ثم تخرج على وسائل الإعلام كمعارض أو موالي لتحلل وترثي واقع من يبحثون عن السلام وعن كسرة خبز يابسة ويذبحون كل يوم فأنت خائن مستبد.
الشبان المغلوبون والنسوة والأطفال والرجال المحطمين في هذه الحرب لا يريدون شيئاً. هم يريدون السلام .
السوريون لا يريدون أن يلبسو لحية طويلة وسراويل قصيرة ويتاجروا بدينهم ووطنهم في شعارات فارغة. هم يريدون السلام.
فالخبز والسلل الغذائية. الشعارات. الوطنية. المقاومة والممانعة كلها لا تكفيهم ليعيشوا بسلام .

اقرأ أيضا : الكثير من هذا الذي نحتفل به اليوم!

لأن كل ذلك جعلنا لنكون سوريين مستبدين ومشوهين. فأن تكون اليوم سورياً. عليك أن تكون أباً كارهاً لأبنائك. فظاً غليظ القلب مع جارك. أن تكون سورياً. عليك أن تكون شيخاً دجالاً. تلبس لحية طويلة وتعظ الناس بالفتنة وبقتل أخوتك في “الشام” في أكثر أماكن الله طهارة.
أن تكون سورياً. عليك ان تكون لاجئاً تتحيفك الدول المكرهة على استضافتك. فتمارس بحقد موهبتك في الإرهاب .
كما أن تكون سورياً. عليك أن تكون مثقفاً مأجوراً لكل من اخترق أرضك من مخبري دول العالم الأول والثاني والثالث وحتى الرابع .
وأن تكون سورياً . عليك ان تمارس “التغابي و اليتم” باحتراف. لأن كلاهما فن. ويبدو أننا محاطون بحكومة ومعارضة درستا الفن في أكبر ملاهي الدجل.

عقود طوال غلّف عقولنا ودٌ مصطنع. كما سيّر حياتنا قانون صارم. عصيب. ومرّ. صاغه الحزب الحاكم بتمهل ورويّة. و أعتقد أنه موضوع له علاقة بالفكر المنغلق. أما اليوم فتمردنا المفتوح على كل مشارب الاستبداد. والذي ساند طرفيه كل مجرمي ومستبدي العالم ما هي إلا لننعم بقيود الاستبداد أكثر ولنتنعم ونتكبّر على الجميع بانحطاطنا. ومن يكذّب ذلك. فليقل “لِم نذبح بعضنا بفظاعة؟” .

نحن نتورط في حرب الآخرين يا صديقي. الباحثون عن السلطة وعن أطماع في بلادنا. وفي هذه الحرب عرفنا كذبات كبرى. منها أن “العروبة درع يحمينا والعرب إخوة”. وأن “السوريين يحمون بعضهم وبينهم لُحمة”.
والأهم من كل ذلك “أننا جاهزون لنحكم أنفسنا بسلام “. هم لا يريدون منا ذلك. ونحن لم نكن جيدين كفاية لنريد ذلك. أعرف أن الحقيقة متعبة. لكن علينا أن نعترف أننا تعبنا كفاية. وأننا بحاجة للحب. و أننا نسخ مشوهة وزائفة عن الحقيقة. فقد تنكرنا جميعا لبلادنا ولديننا. ومارسنا بفطرتنا الدين والوطنية كمجرد عمل بارد من أعمال الفكر. فلِم لا نعترف أننا جميعاً خسرنا في حروب الآخرين. وليس أمامنا سوى أن ننتصر بالحب لا بالحرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى