أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

بيوم حقوق الإنسان.. النقل وتأخر رواتب يختبران واقع الحقوق في سوريا الجديدة

نقل جماعي في المرافئ وتعثّر الأجور في القطاعات الإنتاجية يثيران مخاوف حول احترام الأمان الوظيفي

بينما يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وما يحمله من مبادئ العدالة والمساواة وحماية الكرامة الفردية، تواجه سوريا الجديدة اختباراً معقّداً يتعلق بالحقوق الأساسية داخل مؤسساتها العامة، فمع التحول السياسي الجاري، يشير موظفون في عدد من الإدارات إلى ممارسات تستخدم فيها أدوات النقل الوظيفي وحجب الرواتب لفترات طويلة كوسيلة ضغط على الكثير من العاملين والعاملات.

سناك سوري-دمشق

تلك الإجراءات باتت تقريباً تشكل نمطاً متكرراً من التضييق الإداري، الأمر الذي يثير مخاوف حول قدرة المرحلة الجديدة على ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان في مواقع العمل، واحترام الحق في الأمان الوظيفي بعيداً عن التصنيفات والانتماءات.

مؤخراً، صدرت قرارات نقل لنحو 300 عامل وعاملة في مرفئي طرطوس واللاذقية، إلى معابر حدودية مثل البوكمال والحمام وغيرها من دون سابق إنذار، الأمر الذي وصفه عمال لـ”سناك سوري”، بأنه لدفعهم لتقديم استقالتهم، وحتى اليوم بعد مرور نحو أسبوعين على القصة لا جديد يذكر فيها.

من حقوق الإنسان بحسب الأمم المتحدة:

الحق في العمل ضمن ظروف عادلة ولائقة؛
الحق في الحماية الاجتماعية، وفي مستوى معيشي كريم، وفي أعلى مستوى ممكن من الرفاه البدني والعقلي؛
الحق في التعليم، والتمتع بمزايا الحرية الثقافية، والتقدم العلمي.

يقول عامل في مرفأ طرطوس تلقى نبأ نقله برسالة واتساب إلى معبر “الحمام” بريف حلب، إنه وباقي زملائه وزميلاته قرروا أنهم لم ينفذوا القرار ولن يقدموا استقالتهم، “إذا بدن يقيلونا يقيلونا”، يضيف العامل الذي أمضى قرابة الـ22 عاماً في عمله كمهندس بالمرفأ.

والحال ذاته ينطبق على ما يجري حالياً في مصفاة بانياس، إذ يقول عامل فيها لـ”سناك سوري”، إنهم اضطروا لاختيار بين الذهاب للعمل في الشركة التي “ستثتثمر المصفاة” وهذا يعني الاستقالة من القطاع العام، أو البقاء على ملاك وزارة الطاقة مع إمكانية نقلهم لأي مكان آخر في إحدى المنشآت النفطية سواء بدير الزور أو غيرها.

تعارض مع حقوق الإنسان

وتشير هذه الممارسات، بحسب خبراء في قانون العمل، إلى تعارض واضح مع الالتزامات الدولية التي تعهدت بها سوريا بموجب العهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان، الذي يكفل الحق في العمل ضمن ظروف عادلة ولائقة.

كما تضمن مواد العهد الحق في مستوى معيشي كريم والحماية الاجتماعية، وهي حقوق يرى موظفون أنها تتعرض للاهتزاز نتيجة القرارات المفاجئة، والتغييرات الوظيفية غير المبررة، وتأخير الرواتب لفترات طويلة دون توضيح رسمي.

حيث يواجه موظفون وعاملات في القطاعات الإنتاجية ولا سيما معامل الغزل والنسيج و”الريجة” والإسكان في حلب واللاذقية وجبلة ودمشق وحمص وغيرها من المدن السورية، نوعاً آخر من المشاكل المرتبطة بحقوقهم الأساسية، يتمثل في تأخر الرواتب لشهور متتالية، وهو ما يضاعف العبء المعيشي على فئات تعتمد أجورها اليومية كدخل وحيد.

في معامل الغزل والنسيج، يقول عمال إن رواتبهم باتت تصل كل شهرين أو ثلاثة، رغم أن معظمهم يعتمد على أجور لا تتجاوز الحد الأدنى من المعيشة، ويذكر عدد من العاملين، تحدثوا لـ”سناك سوري”، أن التأخر المستمر في صرف الراتب يدفعهم للاستدانة من البقاليات والمواصلات ليتمكنوا من الوصول إلى عملهم، بينما لا يقدم المعمل توضيحات واضحة حول أسباب التأخير أو موعد الانتظام في الدفع.

النقل التعسفي أو تعليق الأجور تقوّض، بحسب خبراء قانون العمل، جوهر الالتزامات التي تعهدت بها سوريا في إطار العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

بينما ذكرت مصادر نقابية في معمل الغزل لـ”سناك سوري”، أن سبب تأخر الرواتب هو أن القطاعات الإنتاجية تمول نفسها بنفسها وتعتمد على بيع إنتاجها لتغطية الأجور والرواتب، لافتة أن الانفتاح الاقتصادي واستيراد الغزول بأقل من سعرها المحلية رتب خسائر كبيرة على المعمل وبات التجار يتحكمون بالأسعار.

الأمر ذاته يتكرر في عدة مؤسسات مثل الإسكان ففي حلب أكد عمال لـ”سناك سوري” أنهم لم يحصلوا على أي راتب منذ قرابة 3 أشهر، الأمر الذي يضاعف الأعباء عليهم.

هذه التصرفات سواء عبر النقل التعسفي أو تعليق الأجور تقوّض، بحسب خبراء قانون العمل، جوهر الالتزامات التي تعهدت بها سوريا في إطار العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي ينص بوضوح على الحق في العمل اللائق والأجر العادل في الوقت المناسب والمستوى المعيشي الكريم للعامل وعائلته.

ويرى موظفون أن هذه الممارسات تنعكس مباشرة على استقرارهم الاقتصادي والاجتماعي، وتضع تحديات جدّية أمام قدرة المرحلة الجديدة على بناء بيئة عمل تحترم حقوق الإنسان في أكثر صورها بداهة الأمان، والدخل، والكرامة.

زر الذهاب إلى الأعلى