أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

بين غلاءٍ عشوائي وبسطات مهددة للصحة.. أين الرقابة من الأسواق؟

قرار دمج وزارات التجارة والصناعة يثير تساؤلات حول فعاليته، وسط انفلات في الأسواق وانتشار سلع غير مراقبة تهدد صحة المواطنين واقتصادهم

تشهد الأسواق السورية فوضى غير مسبوقة في حركة البيع والشراء، وسط انتشار كثيف للبسطات التي غزت الشوارع الرئيسية للمدن، في ظل غياب شبه تام للرقابة التموينية، التي باتت اليوم على المحك بعد إلغاء وزارة التجارة الداخلية ودمجها مع التجارة الخارجية والصناعة.

سناك سوري-متابعات

أستاذ كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، “شفيق عربش”، اعتبر في حديثه لصحيفة “الوطن” أن الواقع الحالي لا يمثل اقتصاداً حراً، بل حالة من الفوضى تمت تغطيتها بمصطلح السوق الحر، قائلاً: «الناس فسّرت السوق الحر بأنه يعني أن كل من أيده ألو، وهذا فهم خاطئ تماماً».

وأضاف “عربش” أن السوق الحر الحقيقي منظّم، وتتحكم به آليات وقوانين واضحة، بينما تكتفي الجهات المعنية اليوم بالمراقبة عن بُعد. وأشار إلى أن الإدارة المحلية إما عاجزة عن ضبط هذه الفوضى أو أنها تتغاضى عنها عمداً، مستشهداً بما وصفه بـ”الكارثة” في محيط جامعة دمشق ومدخل المدينة الجنوبي حيث انتشرت البسطات بشكل عشوائي يشوّه المشهد العام.

سـلع بلا رقابة.. وسمك يُجمَّد بعد عرضه تحت الشمس

وانتقد “عربش” غياب الرقابة النوعية على المنتجات المنتشرة في الأسواق، مشيراً إلى أن الكثير منها غير معروف المصدر، وتباع بأسعار منخفضة تصل إلى 20٪ من سعر السلعة النظامية. وحذّر من تداعيات صحية خطيرة نتيجة عرض مواد غذائية بطرق غير آمنة، مثل السمك المجمد المعروض تحت أشعة الشمس، ثم يُعاد تجميده ليُباع في اليوم التالي.

واعتبر أن توصيف “ضعف رقابة” غير دقيق، وقال: «نحن أمام انعدام رقابة فعلي، وليس ضعفاً فقط، ويُتعامل مع الموضوع بمنطق المسايرة، وكأن حجة الناس بدها تعيش تبرر كل هذا الفلتان».

كما حمّل الأنظمة السابقة مسؤولية الانهيار الاقتصادي، لكنه شدد على أن الوقت حان لإعادة فرض هيبة الدولة وتطبيق القوانين بعدالة، وقال: «إذا كانت القوانين قديمة، فلتُعدّل، أما ترك الأمور على حالها فنتائجه مدمّرة».

دمج وزارات التجارة والصناعة.. خطوة غامضة تثير قلق المختصين

في خضم هذه الفوضى، جاء قرار دمج وزارات التجارة الداخلية والتجارة الخارجية والصناعة في وزارة واحدة، كخطوة مفاجئة أثارت تساؤلات اقتصادية وإدارية كبيرة.

وعلى الرغم من أن التجارة الداخلية لم تكن تقوم بدورها الرقابي الفاعل في عهد النظام السابق، إلا أنه كان ينتظر أن يعاد لها دورها الرقابي الفاعل لضبط الأسواق، وليس دمجها مع وزارتين في وزارة واحدة.

ويرى مراقبون أن الدمج يمكن أن يؤدي إلى تراكم الصلاحيات وتشتت المسؤوليات، مما يضع عبئاً إضافياً على وزارة مدمجة قد يصعب عليها إدارة ملفات بحجم التجارة الداخلية والخارجية والصناعة معاً، دون آليات توزيع واضحة ومعلنة.

وسط هذه المعادلة الشائكة، يبقى المواطن السوري هو المتضرر الأكبر من فوضى الأسواق، وتضارب السياسات، وقرارات لا تجد تفسيراً سوى في أروقة السلطة، بعيداً عن واقع الاقتصاد المنهك.

زر الذهاب إلى الأعلى