بيت لزبونا ….. أحد أهم قصور يهود الشام
من مجازر اسبانية إلى إسطنبول فالشام.. رحلة هروب عائلة لزبونا
سناك سوري – متابعات
يُعد بيت لزبونا أو لشبونة أحد أهم قصور يهود دمشق وأكثر البيوت الدمشقية القديمة جمالاً التي شُيدت في بداية القرن التاسع عشر، وأطلق عليه هذه التسمية نسبةً إلى مالكه الثري “مائير بن يوسف لزبونا” .
وذكر الباحث التاريخي بالدراسات العربية والإسلامية لمدينة “دمشق” “عماد الأرمشي” في توثيقه لتاريخ “قصور يهود الشام” أن “بيت لزبونا” شيّد تحديداً ما بين عام 1810 ولغاية عام 1820 وقد تم إعادة تشييد البيت ما بين عام 1865 وعام 1872، فجاء البيت من أجمل و أعرق البيوت الدمشقية، ويقع البيت داخل أسوار مدينة “دمشق القديمة” في محلة “تلة الحجارة” عند التقائها مع زقاق “الكتاتيب” عند “حوش الباشا”، بالقرب من كنيس “المنشأ” في “حارة اليهود” وقد تغيرت تسميته حالياً إلى “حي الأمين”.
اقرأ أيضاً: جودت الهاشمي.. المدرسة الحكومية التي نافست مدارس الاحتلال الفرنسي
بيت لزبونا ومحاكم التفتيش في الأندلس
محاكم التفتيش في الأندلس حينها كانت ضد اليهود والمسلمين وكانت تتبع لملك إسبانيا والتي تأسست عام 1478 واعتمدت عليها محاكم التفتيش البرتغالية حين تأسست عام 1536 على يد ملك البرتغال “جولو الثالث” بهدف إجبار الجميع على اعتناق المسيحية وملاحقة المسلمين واليهود .
وكانت محاكم التفتيش وسيلة ملوك “قشتالة” لتطهير إسبانيا من الهراطقة حسب زعمهم من جميع من يعتقد بغير الكاثوليكية المسيحية، لذلك لجأوا إلى طرد المسلمين واليهود بشكل جماعي ففي عام 1609 إلى عام 1610 تم طرد ما لا يقل عن 250 ألف شخص إلى البلدان الإسلامية المجاورة مثل “تونس” و”المغرب” والبلدان المسيحية الأخرى.
عائلة “لزبونا” فرت مع المسلمين الهاربين من الأندلس زمن محاكم التفتيش متجهةً إلى مدينة “إسطنبول” في “تركيا” في فترة حكم الدولة العثمانية الإسلامية، قبل أن تغادر لاحقاً إلى “دمشق” التي كان يطلق عليها في ذلك الوقت تسمية “شام شريف” بـ”سوريا” وتستوطن فيها.
البيوت الدمشقية القديمة
تعد البيوت الدمشقية القديمة من أبدع ما توصلت إليه فنون العمارة ويتألف البيت منها من 3 طبقات يعلوها ما يسمى “الطيارة” أو “الفرنكة” وتنفتح جميعها على مساحة واسعة بفتحة سماوية تسمى أرض الديار .. وبها عدة أنواع من الشجيرات والنباتات العطرية، والمتحلقة حول البحرة وسط البناء، ويقع وسط الفناء “الليوان” غرفة كبيرة دون جدار رابع بجهة الجنوب بحسب ماهو متعارف عليه في الهندسة الدمشقية وعلى جانبيه قاعتان كبيرتان وتزين جدرانهما كتيبات وزخارف خشبية وجصية ورخامية تتصل بسقف الليوان المزدان بالزخارف والرسوم العجمية، ويحيط الليوان أثاث دمشقي مصنوع من الموزاييك.
تتألف معظم البيوت الدمشقية من 3 أقسام وهي “السلام لك” لاستقبال الضيوف، و”الحرملك” الخاصة لأهل البيت، و”الخدملك” وتضم غرفاً للخدم والحرس والاسطبلات.. وبهذا فإن بيت “لزبونا” قد شيد على مرحلتين في الأولى بني من المداميق الأبلقية البيضاء والسوداء، وكذلك المزية الصفراء في الطابق الأرضي والمزدان بالصفوف الحجرية الأفقية، بألوان صفراء وبيضاء وترابية وتم استخدام الأملق ذو الزخارف المركبة وهي حشوات دائرية ومستطيلة ومطعمة بالأحجار المزية البيضاء والسوداء وكذلك بالمثمنات، وكذلك الليوان شيده الأخوان “إسحاق بن يعقوب لزبونا” وشقيقه “إبراهيم” عام 1810.
أما المرحلة الثانية، في نهاية القرن 19 وشيده حينها “مائير بن يوسف بن موسى بن شحادة بن يعقوب لزبونا” بحسب ما ورد في السجلات بالمحاكم الشرعية في “دمشق” عام 1865 تم تشييد الليوان وعلى جانبيه محرابان للمشكاة وهي مصباح نحاسي للإضاءة يُشعل من خلال الزيت أو زيت الكاز، واكتملت أعمال البناء عند القاعة الرئيسية جنوب شرق أرض الديار فأصبح من أجمل القصور المحلاة بالرخام البلجيكي والإيطالي.
في منتصف القرن 19 تحديداً بين عامي 1864 و1875 أعيد بناء هيكلة بيت “لزبونا” بشكل منمق وإعادة تجديد النوافذ على الطراز العثماني المتأخر .
يشار إلى أن بيت “مائير لزبونا” كان من بين عدة بيوت تصنف على أنها من أفخر وأعظم البيوت الدمشقية في “حارة اليهود” وهي دار “شمعايا أفندي” و دار الخواجة “اسلامبولي” التي بنيت بين عام 1865 وعام 1872 وصلت تكلفة بناء كل منها حينها إلى 20 ألف ليرة ذهبية عثمانية، بحسب ما ورد في “الروضة الغنّاء في دمشق الفيحاء” عام 1878 للكاتب والمؤرخ ابن مدينة “دمشق” “نعمان قساطلي”.
المصدر: توثيق الباحث والمؤرخ السوري “عماد الأرمشي” – يوتيوب
اقرأ أيضاً: القصر الجمهوري الذي أصبح ورشة لصنع الأحذية
https://www.youtube.com/watch?v=NDWVZ2UzS-k&feature=youtu.be&fbclid=IwAR0o7gyCjC5WE62SlsVg5uA5cbUnG10pl33Y_iOo6WYTMkd6rM56CjRENX8