بمناسبة نتائج الثانوية.. كيف تدهورت الهدايا من المجوهرات إلى علبة المحارم
هدايا السوريين تتغيّر تحت وطأة الوضع الاقتصادي .. ماذا أهديتم أقاربكم بمناسبة نتائج البكالوريا؟
لاقت هدايا المناسبات اختلافاً كبيراً بين الماضي والحاضر تبعاً للظروف الاقتصادية وللأسعار المستمرة في الارتفاع بين الماضي والحاضر فانحدرت من مستلزمات المطبخ إلى علبة متة أو بسكويت.
سناك سوري_ ناديا سوقية
تفضّل “تسنيم التاز 20 عاماً”، أن تلامس الهدية روح المهدى إليه. وتروي لـ سناك سوري أن أغرب هدية حصلت عليها عند نجاحها قبل 5 سنوات. هي صحن للفواكه ما أثار سخطها حينها، بعكس استقبالها للهدايا الخاصة والمعنوية حتى لو كانت قليلة الثمن.
وكانت “الهدايا البيتية” مثل صحن الفواكه أو علبة الفناجين أو أطقم الكاسات والزبادي. أي هدايا المطبخ هي السائدة كأول خيار للهدايا أياً تكن المناسبة.
ويعود السبب إلى أن هذا النوع من الهدايا مطلوب في المنازل دائماً من جهة. ومن جهة ثانية فإنه لا يربك المهدى إليه بالتبديل كحال هدايا الملابس.
وربما يكون السبب الأهم تواجد تلك المستلزمات بكثرة لدى العوائل السورية. وقد تكون هدايا مدوّرة أي أن العائلة تلقّتها كهدية في مناسبة ما ثم عادت فقدّمتها كهدية لشخص آخر في مناسبة جديدة.
لكن هذه الهدايا تراجعت عن الحضور اليوم مع ارتفاع أسعارها. فأرخص سعر لطقم من الكاسات يتجاوز حالياً الـ 50 ألف ليرة. ما أدى لأن تتحول الهدايا لمبالغ نقدية مباشرة بدلاً من شراء هدية.
وتشير “تسنيم” إلى أن الهدايا المالية حالياً تطورت من حيث الشكل. فقد كان مقدّمو الهدايا سابقاً يضعون المبلغ المالي تحت فنجان القهوة أو الأريكة. فيما باتوا اليوم يضعونه داخل صندوق أو باقة مع إكسسوار معيّن.
هدايا جيل اليوم متطورة
تفضل “ريما حميدي 26 عاماً” أن تكون الهدية خاصة بها. وتقول لـ”سناك سوري”: «إذا تلقيت هدية وكانت بيجاما يفرح قلبي أكتر من هدية الكاسات والزبادي والصحون» .
لشدة شغف الشابة بالهدايا، بدأت عملها بتنسيقها وأخذت الأمر كمشروع ربحي لها. وتضيف أن أفكار الشباب عن الهدايا اليوم عميقة وكثيرة. وغالبية الهدايا التي يطلب منها تنسيقها تكون ناتجة عن رغبتهم في إسعاد الشخص المهدى إليه ومنحه شيئاً يحبه.
من بين الهدايا التي تطلب منها، تنسيق وتصميم الصور مع وضع تواريخ مميزة. كذلك إهداء “عدة المتة” التي يطبع عليها عبارات تخص المهدى إليه.
الورود هدايا كل زمان ومكان
تحل الأزهار مشكلة الحيرة باقتناء الهدية وتعد أكثر الهدايا استخداماً لما تحمله من معاني كثيرة وأقل الهدايا ثمناً بالمقارنة مع باقي الهدايا ،بحسب “ريما”.
حتى هدايا عيد الأم تغيرت لدى “ريما”. وبات يطلب إليها تصميم هدايا خاصة بما تحبه الأم مثل الإكسسوارات أو الأكواب المطبوع عليها ليزرياً. بخلاف ما كان متبع سابقاً من هدايا مستلزمات المنزل.
تلبية احتياجات
تلقت “نهلا 63 عاماً” هدايا مختلفة خلال مناسباتها على مر السنين ، فهدايا ومباركات زواجها كانت حاجيات تلزم المنزل. والهدية المميزة هي التي تنشط الذكرى فور رؤيتها، مثل عصارة الفواكه التي استقبلتها من أخيها قبل عدة سنوات.
وتقارن السيدة الستينية هدايا ومباركات اليوم مع الماضي الذي وصفت أيامه بـ«الجميلة والبسيطة الممتلئة بالبركة». مثمنةً رؤية الأحباب والأهل أكثر من الهدايا المادية، فهي تقدّر الأوضاع الاقتصادية الصعبة في هذه الأيام.
وتتميز مباركات الماضي بحسب “نهلا” أي قبل أربعين عاماً باحترام الوقت فكانت مباركة الزواج والولادة عادةً بعد سبعة أيام من الحدث ولمدة محدودة. بينما اليوم فلا وقت محدد لها فالمباركات ربما تأتي بعد ثلاثة أشهر على الولادة أو الزواج مثلاً.
الدخل يحدد نوع الهدية
ويعتمد نوع الهدايا بحسب السيدة على استطلاع حاجيات المنزل بشكل غير مباشر، لترميمها ومساندة صاحب المنزل بها. ويتحكم بها الدخل غالباً.
ففي “ريف دمشق” تنوعت الهدايا تبعاً لتنوع طبقات المجتمع. فالأغنياء أو ميسوري الحال كانوا يهدون الذهب أو الملابس أو الحرامات للمواليد الجدد. أما في مناسبات النجاح يقدّمون الملابس كهدية أو “الصمديات” أو مستلزمات المطبخ من صحون وكاسات وغيرها.
أما ذوو الدخل المتوسط والمحدود فباتوا يهدون علبة مسحوق للغسيل وعلبة محارم وعلبة متة أو علبة بسكويت. وهي عادة استمرت إلى اليوم لا سيما عند زيارة المريض. لكنها باتت مهددة بالانقراض تحت وطأة ارتفاع الأسعار، فرغم أنها تعدّ أبسط الهدايا لكن تكلفتها اليوم باتت مرتفعة فثمن علبة المحارم مع علبة المتة ربما يجاوز 25,000 ليرة سورية، ما يعادل ربع راتب موظف حكومي.
ومع صدور نتائج امتحانات الثانوية العامة يواجه السوريون معضلة الهدايا التي قد لا يستطيعون شراءها لتقديمها إلى الطلاب الناجحين من أقاربهم وجيرانهم وأصدقائهم بسبب ارتفاع تكاليفها.