الرئيسيةفن

بـ ليرة ونص.. رحلة من سوريا إلى العراق بواسطة الباص الخشبي

الباص الذي صنع من الخشب وساهم في توطيد العلاقات بين أهالي من العراق وسوريا

سناك سوري – عبد العظيم العبد الله

في العام 1946 تمكن بعض الصناعيين السوريين الأرمن في مدينة “القامشلي” من تجميع قطع باص محلي وجعلوا أغلب أجزائه من الخشب ليكون وسيلة نقل بين المدينة والمناطق التابعة لها، حسب روايات الأهالي الذين عاصروا تلك المرحلة.

نقطة انطلاق الباص كانت في ذلك الوقت بجانب الحمام القديم في المدينة حسب مارواه لنا “اسماعيل الابراهيم” من أهالي القامشلي الذين عاصروا تلك الفترة:«تم تصنيع ثلاث باصات من هذا النوع و الغريب في الباص أن جزءاً من هيكله الخارجي مصنوع من الخشب وسقفه أيضاً أمّا الدواليب فهي بخلاف الحالية، كان لها جنطان أو ظفران، داخلي وخارجي».

عملت الباصات الثلاث في تلك الفترة بمعدل رحلة كل 15 يوم إلى “الموصل” عبر الطريق البري من معبر “اليعربية” حسب “الابراهيم:«حيث كانت تنطلق في الثامنة صباحاً وتعود بعد 48 ساعة كانت الأجرة بوقتها ليرة ونصف وارتفعت مع نهاية التسعينيات إلى 5 ليرات، كما كانت هناك رحلات داخلية بين “القامشلي” وبلدات “تل حميس” وجنوب “الرد”  والقرى الأخرى، وفي مواسم الأعياد كان الباص يتجول بنا برحلة خاصة إلى “خي زنود” مقابل نصف فرنك».

مقاعد الباص كانت مصنوعة من الخشب و متراصة كل ثلاثة منها بجانب بعضها البعض وفيه أربعة صفوف وكرسيان للسائق وآخر لمن يجلس بجانبه لكن أطفال المدينة كانوا خلال العيد يجلسون كل عشرة في صف واحد وسط جو من الفرح والغناء والضحك حسب ما أكده “الابراهيم”، لكنهم هجروه بعد تحسن الطرق، وكثرة المواصلات، وتشغيل القطارات، في نهاية السبعينيات تقريباً حيث يقول:«توقفت الباصات الثلاث عن الخدمة وقام أصحابها بفك القطع المهمة لاستثمارها، والتخلص من القطع الخشبية التي باتت تالفة».

اسماعيل الابراهيم
اسماعيل الابراهيم

وعلى الرغم من تنسيقها إلا أن ذكريات ركوب الباصات لاتزال ترافق من عاصروها ويروون قصص رحلاتهم فيها للأبناء حيث يقول “الابراهيم” الطريق إلى “الموصل” كان ترابياً وطويلاً جداً لكننا كنا نأخذ معنا طعامنا وشرابنا فيما يشبه السيران على أنغام تراث الجزيرة السورية والعراق حتى أن تلك الرحلات ساهمت في خلق روابط اجتماعية ماتزال قائمة بين أبناء “الجزيرة” و “الموصل” بفضل تلك الرحلات».

اقرأ أيضاً:الفروة.. لباس الراعي الذي أورثه لشيخ القبيلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى