بعد 5 ساعات و10 دقائق وصفعة.. فقدت القدرة حتى على المسبات!
على دور البنزين.. خمس ساعات وعشر دقائق خائبة في دمشق
سناك سوري – لينا ديوب
ماكنا نتابعه من مشاهد تضحكنا في مسلسلي بقعة ضوء ومرايا الكوميديين، قبل سنوات عن الأزمات المعيشية، بتنا نعيشه اليوم وبمزيد من الألم والتعب.
خرجت ليل أمس لأقرب محطة وقود في منطقة سكني بـ”دمشق”، مطمئنة بأنني سأعود منتصرة وخزان سيارتي ممتلىء بالوقود، لأنني كنت سألت الموظف عن موعد وصول الصهريج، فأكد لي أنه أول الليل، أخذت موقعي على الدور الممتد على بعد حوالي ٢ كيلو متر من باب المحطة في منطقة برزة البلد، وكان الشارع مضاء فلم يحن بعد موعد قطع التيار في المنطقة، للوهلة الأولى أحسست بالخوف، فكنت آخر سيارة، لكن بعد أن اصطفت ورائي المزيد من السيارات عادت إليّ طمأنينتي، أقفلت الأبواب مررت سريعاً على هاتفي المهدد بالإطفاء، لأن الفترة التي تأتي فيها الكهرباء في بيتي لاتكفي لشحنه، عدت لمراقبة حركة السيارات.
تعمدت ألا أنظر إلى الساعة كي لا أشعر بثقل الوقت، رغم ذلك كنت أتنفس الصعداء كلما مشت السيارات بضعة أمتار، إلى أن انقطعت الكهرباء وحل ظلام دامس، لا يبدده إلا أضواء السيارات التي خفت حركتها تدريجياً، وإنارة خفيفة من بيوت بعيدة، قلت في نفسي لن أتذمر من ألفي ليرة يطلبها سائق تكسي عن الأجرة الاعتيادية في حال ركبت مع أحدهم، إن هذا الانتظار الصعب لا يعوضه لا ألفين ولا عشرة.
اقرأ أيضاً: النفط تعلن عن تخفيض كميات البنزين والمازوت الموزعة
كلما تحرك السائقون أمامي نحو سياراتهم التي خرجوا منها لتبادل الأحاديث، أغمض عيني و أتفاءل باقتراب الفرج والوصول إلى مضخة التعبئة، لتتوالى بعدها سلسلة انفراجات بأن حياتنا عادت طبيعية والمواصلات مؤمنة والأسعار رخيصة، والحكومة تفاجئنا كل يوم بماينسينا كل هذا، كما في مشاهد بقعة ضوء، وأفتح عيني لأجد أنه لم يزل أمامي المزيد من ساعات الانتظار، ورجلا في منتصف العمر يبيع القهوة في ترمس بائس المنظر، لم أستطع القول من محاسن هذا الازدحام إيجاد أحدهم فرصة عمل، لأن أحداً لم يشتر.
وأخيراً اقترب دوري، لكن سيارتي لم تعد تعمل، من كثرة الإطفاء والتشغيل توقفت بطاريتها، سارعت إلى السيارة التي تليني مباشرة، وطلبت المساعدة من الشاب، اقترب بسيارته الى محاذاة مقدمة سيارتي أخرجت له (كبل التشباية) إلى أن اشتغلت سيارتي ثانية.
لم يتطفل أحد، لم تتوالى علي أسئلة: (مافي شب بالبيت؟ ليش لوحدك؟ صعب عليك هالنطرة)، بدوري لم أحلل الموقف جندرياً وبأن المجتمع بات يعترف بحضور النساء ومشاركتهن، بدا الناس وكأنهم في حلقة ضيعة ضيعة ( كلو فاني).
أخيراً وصلت إلى زاوية المحطة وقبل أن أتنفس الصعداء وأعلن لنفسي فرحتي، علا الصراخ والمسبات، (البنزين خلص والكازية سكرت بح، ارجعوا بكرى).
أي خيبة وأي غضب؟! خمس ساعات وعشر دقائق، وبعدها صفعة قوية بعدم التعبئة، بكيت من قهري، في مثل حالة بيتنا السيارة ليست رفاهية، فبيتنا بعيد عن مركز المدينة ولامواصلات عامة، وعمل زوجي في الترجمة على الكمبيوتر، ونظام قطع الكهرباء لا يسمح له بإنهاء عمله بالكاد تصلنا ساعتين مقابل قطع أربع ساعات.
عدت إلى بيتي بعد منتصف الليل، أجرجر خيبتي وآلام الانقراص الرقبي إلى سريري، كما يكتبون في الروايات، فاقدة القدرة حتى على المسبات.
اقرأ أيضاً: سوريا: أزمة البنزين تعود للظهور في مختلف المحافظات