الرئيسيةرأي وتحليل

انفجار بيروت سيسمع صداه طويلاً في سوريا

انفجار بيروت يذكرنا بانفجار تولوز الفرنسية عام 2001 مع فارق…

سناك سوري- دمشق

يذكرنا الانفجار الهائل في مرفأ بيروت بما حدث عام 2001 في فرنسا عندما تعرضت مدينة تولوز الفرنسية لانفجار مشابه بـ “نترات الأمونيوم” راح ضحيته 31 إنساناً و2500 مصاباً بعضهم بقيت لديه عاهات جسدية مستديمة.
لكن الفارق كبير بين البلدين، حيث كان من السهل على فرنسا استيعاب هكذا حادث والتعامل معه، بينما لبنان بلد مأزوم منذ عقود ويشكل هذا المرفأ شريانه الحيوي حالياً ويمتد ليكون شرياناً لسوريا أيضاً، كما أن الواقع الاقتصادي اللبناني والقدرات الصحية لا يمكنهما التعامل مع هكذا حدث على سوية جيدة وبالتالي لن يخرج لبنان من دون مساعدة الآخرين من هذه الأزمة المعقدة ولن يعود مرفأ بيروت المتضرر للعمل ولن يتوفر القمح الذي يحتاجه لُبنان، ولن يكون بالإمكان تجهيز مرفأ طرابلس كبديل آني من دون مساعدة خارجية، والمساعدة التي يحتاجها لبنان ليست تعاطفاً إعلامياً وإنما مساعدة اقتصادية مباشرة وسريعة وإلا فإن مشهد الخراب في واجهة بيروت البحرية سيدوم طويلاً وسينعكس دماراً على الواقع المعيشي اللبناني وسيستمتد الأثر إلى سوريا.

اقرأ أيضاً: صحيفة لبنانية تنشر معلومات عن مكافحة الفساد بسوريا

نترنات الأمونيوم

بالعودة إلى أسباب الإنفجار، فإنه وفقاً لنشرة دولية لاحتجازات السفن يرد في تقرير صادر عام 2015 أن هناك سفينة تحمل 2750 طن من نترات الأمونيوم تم احتجازها في لبنان منذ أيلول 2013 بعد أن خضعت للتفتيش، ونظراً لخطورة بقاء نترات الأمونيوم على ظهر السفينة تم تفريغها في ميناء بيروت.
وبحسب تصريح مدير الأمن العام اللبناني فإن الشحنة موجودة في هذه المستودعات منذ العام 2014 ووزنها 2750 طن مايعني أن هذه الشحنة ذاتها المذكورة في التقرير.
نترات الأمونيوم تم تفريغها إذاً في عهد رئيس الحكومة “تمام سلام” وبقيت في عهد حكومة “سعد الحريري” الأولى والثانية ومن ثم عهد “حسان دياب” الذي بدأ قبل أشهر وقال عما حدثه أنه كارثة ووصف آخرون في السلطة “بيروت” بأنها منكوبة وهذه حقيقة.

اقرأ أيضاً: عاجل: سوريا تبلغ لبنان استعدادها لاستقبال الحالات الحرجة

الصراع السياسي

بالعودة إلى مسار تخزين نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت فإنها مرت بعهد 3 رؤساء حكومة وفعلياً جميعهم مسؤولون إلى جانب الرؤساء والنواب الذي كانوا في مناصبهم منذ يوم التخزين إلى اليوم، وفي بلاد فيها قوانين وعدالة يجب أن يحاسب كل هؤلاء على دورهم المباشر وغير المباشر في هذا الإنفجار.
لكن للأسف ماحدث في لبنان أمس أن جهات سياسية بدأت تستغل الفاجعة للاستقطاب السياسي الواضح والعلني، وتوجيه الحدث باتجاه سياسي محدد يحقق فائدة لموجههِ دون لبنان، وكأن الجهات اللبنانية الداخلية أو الجهات الخارجية التي تساهم في التوجيه لا تتحمل أي مسؤولية عما شهده هذا البلد المشرقي من مآسي على مدى عقود بما فيه آخر مآسيه.
بالمحصلة دفع اللبنانيون بمختلف انتمائاتهم السياسية أمس ثمناً للواقع اللبناني وذلك جراء الانفجار الذي لم يفرق بينهم، وسيدفعون لاحقاً جماعياً ثمن آثار هذا التفجير على الاقتصاد اللبناني وبالتالي على الواقع المعيشي بينما ستبقى الطبقة السياسية تسحب البساط كل طرف منها باتجاهه غير مكترثين بحجم الكارثة اللبنانية.

صدى الإنفجار في سوريا

تتأثر سوريا بهذا التفجير على عدة أصعدة، أولها الجانب الاقتصادي حيث لطالما كان مرفأ بيروت أحد ممرات عبور البضائع إلى سوريا كحل بديل للالتفاف على العقوبات المفروضة على البلاد التي تشهد حرباً عمرها 10 سنوات تقريباً، هذه البضائع كانت تستورد عبر شركات سورية لبنانية مشتركة، أو لبنانية يملكها سياسيون مقربون من السلطة السورية ومعادون لها في الوقت عينه، وتعطل مرفأ بيروت يعني توقف توفير الكثير من الاحتياجات لسوريا.
في الشأن السياسي تعد لبنان خاصرة السلطات السورية الرخوة والتي كثيراً ماتم الضغط عليها من خلاله، وبعد هذا الانفجار سيزداد الوضع اللبناني تعقيداً وسيضيق الخناق على حلفاء السلطات السورية الذين يديرون السلطة في لبنان حالياً وهذا سينعكس سلباً على واقعي لبنان وسوريا المأزومين أصلاً.
ويمتد التأثير لمئات وربما آلاف العاملين السوريين في لبنان والذين سيفقدون فرص عملهم نظراً لتدهور الواقع اللبناني.

اقرأ أيضاً: معلومات أولية 3 شبان سوريين ضحايا تفجير بيروت

المعجزة

يحتاج لبنان إلى معجزة حقيقية، تتجسد هذه المعجزة في أن يتوافق أطراف الصراع اللبناني على حل سياسي يُخرج البلاد من أزمته، وأن يتوافق المتصارعون الخارجيون على لبنان ويقدمون الدعم له، وهذا يتطلب تخلياً عن المصالح الفردية والخارجية وهو أمر يبدو صعباً جداً على الطبقة السياسية في لبنان وعلى الدول اللاعبة بالملف اللبناني، اما استمرار الوضع الراهن فهو أشبه باستنزاف لبنان وتدميره تدريجياً أكثر ما هو مدمر.
إن هذا الانفجار رغم كارثيته هو بمثابة فرصة للبنان للنظر إلى حقيقة واقعه والانقلاب عليه إذا ما أراد النهوض، ولبنان مثل سوريا لايمكنه النهوض بيد واحدة يحتاج أيادي اللبنانين جميعاً، فلا استقرار ببيروت دون استقرار بالجنوب، ولا استقرار بالشمال دون استقرار بالشرق والغرب والجنوب..إلخ.

وجع لبنان وجعنا

بعيداً عن السياسة والساسة، كان ومازال وسيبقى وجع لبنان وجع سوريا، هو وجع الجار الذي يُسمع أنينه في بيتك، هو وجع الخاصرة التي تؤلم كل جسدك، هو وجع الثقافة والحرية والانفتاح الذي لطالما اشتهرت بهما لبنان وكانوا حلماً لمحيطه، هو وجع المحب للبلد الطيب والعاصمة الغنية بالتنوع وقبول المختلفين مهما علت أصوات بعض العنصريين.
عندما قال السوريون بالأمس “سلام لبيروت” كانوا يقولون ضمناً سلام لسوريا… السلام لسوريا ولبنان وعلى أمل أن يتجاوزا هذا الواقع المزري بالعودة خطوة إلى الخلف والنظر لجذور مشكلاتهم بعيداً عن وهم السلطة والخارج.

اقرأ أيضاً:الفلاحون اللبنانيون يريدون فتح الحدود لتصريف منتجاتهم في سوريا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى