الرئيسيةتقارير

اليوم العالمي لمكافحة الفساد.. معقول يعملوها؟

كيف كانت مكافحة الفساد هذا العام.. هل نستطيع القول أن خطوات مكافحته بدأت؟

سناك سوري-دمشق

بينما يشكل الفساد “بعبعاً” مخيفاً للمواطن، تشكل مكافحته “بعبعاً” أشد ضراوة للفاسدين، وفي واقع الحال فإن موضوع مكافحته مايزال في الحدود الدنيا جداً، وإن حدث فإنه غالباً ما يتم إغفال ذكر اسم الفاسد، أو وصف الفساد بأنه أخطاء أو تقصير، إذ يبدو أن “مكافحة الفساد” أمر يدعو للخجل ربما!.

يصادف اليوم الأربعاء 9 كانون الأول اليوم العالمي لمكافحة الفساد، والذي غالباً ما يمر بدون “زيطة وزمبليطة” إعلامية في بلادنا، فما رأيكم لو “نزيط ونزبلط” قليلاً في سطورنا القادمة لنستعرض وإياكم تفاصيل الفساد ومكافحته منذ بداية العام 2020 الجاري.

في شهر كانون الثاني الفائت، أكد “عبود الشواخ” رئيس لجنة الشكاوى والرقابة في مجلس الشعب أن أي شكوى ضد فاسد يجب أن تكون مدعمة بالوثائق اللازمة لإثباتها، في حين أن الشهر ذاته حمل تصريحاً هاماً لوزير النقل “علي حمود” حينها، حيث قال إنه «في معظم الحالات الفاسدون هم الأبعد عن إمكانية رصد وإيجاد وثائق ضدهم، لأنهم دائماً يجهزون أنفسهم بالوثائق والمستندات التي تحميهم قبل أن يبدؤوا بأخذ قرارهم بالفساد».

التصريحين السابقين يشيران بوضوح إلى معرفة الحكومة ومسؤوليها أن الحصول على وثائق تدين الفاسدين أمر شبه مستحيل، بينما كان الأحرى بها البحث في أي شكوى دون وثائق والتأكد من صحتها، وإلا ما دور الجهات الرقابية؟!.

محاكمة أشخاص متنفذين

قاضي الإحالة المالي الأول في “دمشق”، “حسان سعيد”، فجر مفاجأة شهر شباط الفائت حين قال إنه تمت محاكمة بعض الأشخاص الذين كانوا يستلمون بعض المهام، ومن الناس المعروفين في البلد، العام الفائت، الذي تم فيه أيضاً استرداد مبالغ تجاوزت المليار ليرة سورية، دون أن يكشف عن أي اسم من تلك الأسماء، بينما من حق المواطن أن يعرف تفاصيل تلك التحقيقات ولماذا لا تنشرها صفحة رئاسة الحكومة عبر الفيسبوك، تماما كما تنشر تفاصيل اجتماعاتها من “أكد، وقال، ووجه…الخ”.

اقرأ أيضاً: الكشف عن تفاصيل قانون من أين لك هذا المنتظر صدوره

بعيداً عن الأشخاص المتنفذين، يبدو الكشف عن فساد الموظفين العاديين أمر أكثر سهولة، حيث قال مدير منطقة “شهبا” في “السويداء”، العقيد “وائل شحود”، شهر شباط الفائت إن مراسل فرع المصرف الزراعي “ن.ن” أقدم على اختلاس 84 مليون ليرة من فرع المصرف في عملية تزوير فاشلة.

أدى الفساد إلى هدر كبير في المال العام، بوقت أحوج ما تكون فيه خزينة البلاد إلى المزيد من الإيرادات، حيث قال رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية، “محمد برق“، شهر حزيران الفائت إن قيمة المبالغ المكتشفة والمطلوب استردادها لمصلحة خزينة الدولة من الجهات العامة، خلال عام 2019 نتيجة الفساد بلغت حوالي 5.4 مليار ليرة، موزعة بين الاختلاس والتزوير.

في الشهر ذاته، أقرّ وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك “طلال البرازي” بوجود حالات فساد وخلل وتقصير وسوء أداء تصل إلى مستوى 50% في نحو 40 صالة لـ”السورية للتجارة” الأمر الذي يحتاج متابعة وتدقيق وتقييم أولي، ومنذ ذلك الوقت والمواطن بانتظار سماع أخبار عن تخفيف نسبة الفساد تلك!.

وزير الصناعة السابق “محمد معن زين العابدين جذبة“، قال في الشهر ذاته إنهم كشفوا بعض من وصفهم بالمقصرين حيث تم توقيفهم وإدخالهم السجن، مضيفاً أن هناك آخرين سوف يحاسبون أيضاً ويدخلون السجن، وأيضاً من دون ذكر أسماء، والاكتفاء بالقول إنهم مقصرين!.

وإلى شهر تموز الذي اتهم فيه عضو مجلس محافظة “اللاذقية” “دريد مرتكوش” رئيس مجلس مدينة “اللاذقية” “أحمد الحلاق” بالفساد علانية خلال الجلسة الختامية لمجلس المحافظة، ليصدر مرسوم حل مجلس مدينة اللاذقية شهر آب الفائت، ويبدو أن مكافحة الفساد تتم أحياناً إنما بعيداً عن الإعلام وتقديم التوضيحات للمواطنين.

شهر آب حمل مفاجأة في مجال مكافحة الفساد، حيث تداول ناشطون صورة عن طلب استقالة عميد المعهد العالي لبحوث الليزر الدكتور “يوسف سلمان“، جراء ما قال إنه سرقة وهدر للمال العام، ليوضح رئيس جامعة “دمشق” حينها الدكتور “ماهر قباقيبي” الأمر قائلاً إنه لا يعلم شيئاً عن الاستقالة وإنه سمع بها من الفيسبوك، وطبعاً لم يصدر أي توضيح حول الأمر لاحقاً.

في أول تصريح لرئيس الحكومة “حسين عرنوس” حول الفساد، دعا إلى مكافحته وتكثيف خطوات القضاء عليه مؤسساتياً وادارياً شهر آب الفائت، وبدا التصريح وكأنه مجاملة، إذ ليس من المنطقي ألا يصرح رئيس الحكومة عن مكافحة الفساد كما درجت العادة!.

بكل موضوعية حمل هذا العام خطوات فاعلة إلى حد ما بمجال مكافحة الفساد، وكان لمحافظة “الحسكة” النصيب الأكبر فيها، حيث أوقفت الجهات المختصة في محافظة “الحسكة” مدير فرع المخابز “يوسف الحمد” و مدير مخبز “الحسكة” الأول “محمد نواف” وعدد من العاملين وأحالتهم للتحقيق، بسبب قضايا الفساد منها إنتاج الخبز بمواصفات سيئة لبيعه كمادة علفية والتأخر في إعطاء معتمدي الخبز والمواطنين مستحقاتهم من مادة الخبز والتلاعب بمواصفات إنتاج الرغيف.

وقال محافظ “الحسكة”، “غسان خليل“، إن الفساد في المحافظة بات تحت المجهر، وإن المحاسبة بدأت لكل من يثبت تورطهم بقضايا فساد، ليتم أيضاً إلقاء القبض على مدير السورية للحبوب، والكشف عن حالات تزوير في الوكالات القضائية لبيع أملاك المغتربين من أبناء المحافظة، كما قال المحافظ.

صحيفة البعث كشفت شهر تشرين الأول الفائت، عن تقرير صادر عن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش منذ شهر شباط من العام الفائت، والذي تضمن الحديث عن مخالفات كبيرة حدثت في الشركة العامة لإسمنت “عدرا”، وأوردت معلومات تفيد بإلقاء القبض على مديرها السابق، بتهم مخالفات وتقصير ووجود صرفيات وهمية.

في خضم ذلك أوصى الجهاز المركزي للرقابة المالية، المحامي العام في “حمص”، بتحريك دعوى قضائية ضد المدير السابق للسورية للغاز، ومدير عام شركة محروقات السابق، بالإضافة إلى المتعهدين صاحبي شركة خاصة تعاقدت مع السورية للغاز، لاستثمار الآبار الغازية في حقول شمال “دمشق”، وربطها مع محطة توليد “جندر”، بسبب مخالفات كبيرة وخطيرة بالعقد.

توقيف صحفيين وناشطين ضد الفساد مستمر

كاد المواطن ليشعر ببارقة أمل جراء الكشف عن عدة قضايا فساد، إلا أن استمرار عقلية إلقاء القبض على صحفيين وناشطين أثاروا قضايا فساد خفف من وهج الأمل، ففي شهر أيار الفائت تم توقيف الناشط في محاربة الفساد “غسان جديد” على خلفية منشور له عن الفساد، ليخرج بعد عدة أسابيع، وكالعادة دون توضيحات.

الزميل “وضاح محي الدين” تم توقيفه من قبل السلطات في “حلب” شهر آب الفائت، دون أي توضيحات وسط أنباء تقول إنه بسبب كتاباته عن الفساد، في وقت أخلى فيه قاضي التحقيق في عدلية “قطنا” بريف “دمشق”، سبيل رئيس مجلس بلدة تجمع “عرطوز الضهرة” ورئيس المكتب الفني وصاحبة المخالفة قبل وقفة عيد الأضحى، وذلك بعد أن أحال محافظ “القنيطرة” المذكورين للنيابة العامة الأحد الفائت على خلفية مخالفات بناء في المنطقة!، (يعني توقيف صحفي متهم بالكلمة وإخلاء سبيل مسؤول متهم بالفساد).

الشهر ذاته حمل نبأ صادماً لجمهور السوشل ميديا، حين تم توقيف المقدم “معن عيسى” وقالوا إن السبب يعود لنشره انتقادات على صفحته في فيسبوك للفساد والفاسدين الذين يسرقون الطعام.

إلى ذلك وفي شهر أيلول، تم توقيف الزميل “كنان وقاف“، نتيجة تحقيق له تحدث فيه عن فساد في إحدى الشركات الخاصة، قبل أن يتدخل وزير الإعلام “عماد سارة” لإخلاء سبيله كونه صحفي ينطبق عليه قانون الإعلام.

مما سبق نستنتج أنه ومقابل كل خطوة نحو محاربة الفساد، هناك 4 خطوات على الأقل لكتم الأصوات التي تنادي بمكافحته وتفضحه، على أمل أن تطلق خطوات مكافحته بشكل جدي وفاعل، أمام أعين المواطن والصحافة، وكل يوم عالمي لمكافحة الفساد وأنتم بألف ألف خير من التوقيف والفاسدين!.

اقرأ أيضاً: هل تكافح الحكومة الفساد بعيداً عن التصريحات الإعلامية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى