يصادف اليوم الأربعاء 3 أيار، اليوم العالمي لحرية الصحافة، وحرية الصحافة تعني أن يكون الصحفي حراً بتقديم وجهة نظر الشارع. والإضاءة على مشاكله بطريقة جريئة وشجاعة، غير منحازة أو مُحابية، وهذا أمر بديهي في بلادنا التي تحفل بكل أنواع الحريات. بما فيها الحريات الشخصية التي كفلها الدستور. (ودستور من خاطركن).
سناك سوري-رحاب تامر
أقول لصديقتي الصحفية، إنه اليوم العالمي لحرية الصحافة، “صرت كاتبة وماحية كذا مرة وما عمأعرف شو بدي اكتب”. وترد عليّ: “وأنا عجز لساني عن التعبير، العنوان عريض والمساحة ضيقة”.
حتى وأنا أكتب عن هذا اليوم، عليّ أن أكون مكبلة، فكيف سأتحدث عن ذلك المسؤول “رفيع المستوى”. الذي أرسل مكافأة 100 ألف ليرة لصحفية اجرت له مقابلة مؤخراً. وهي مكافأة توازي راتبها الشهري الذي تحصل عليه؟!، هل يحصنني القانون إن ذكرت اسم ذلك المسؤول؟.
أو مثلاً، هل أتجرأ وأتحدث عن كمية “الـ….” لمسؤول الإغاثة ذلك، بينما كان يطرد امرأة تقول له إنها بحاجة كرتونة وقد وصلتها الرسالة. وهو يحاول إفهامها أنها وصلتها بالخطأ، وتحت ضغط الحاجة فإن المرأة تريد الكرتونة، فيهددها بحذف اسمها تماما من جداول التوزيع مستقبلاً بحال لم تسكت وتذهب. فتترجاه ألا يفعل وتنسحب مكسورة؟.
هل أستطيع التحدث عن ذلك المتبجح الذي قال إنه دفع مية مليون لينجح “بشغلة مارح قولها احتراما لرغبتي بالحرية”. ولأنه بحال نجح بها فإنه يستطيع ردّ هذا المبلغ بظرف أقل من شهرين؟.
أو مثلاً أتحدث عن ذلك المدير المتسلق، الذي لا يفهم في عمله سوى أنه قادر على “طج توقيعه” بنهاية كل ورقة بينما بجانبه يقف المعاون. الذي يخبره بالتفاصيل ويقول له “وقع مافيها شي”.
يعني تخيلوا أنه حتى تلك القصص السخيفة، لا تستطيع الصحافة التحدث عنها بهذا الوضوح. فما بالكم بالقصص الجوهرية والكبرى (الله يكفينا ويكفيكم شرها، يعني تخيلوا نرجع نسأل شو صار بقضية فساد التربية مثلا؟).
أو نرجع نطالب يخبرونا شو آخر تطورات قضية فساد الأمانة الجمركية باللاذقية، أو أو أو وللحديث بقية (بلاها أحسن).
إنه اليوم العالمي لحرية الصحافة، حيث لا أحد من الصحفيين يريد “وجعة راس”، ليس لشيء أبداً، بل لأن ظرف السيتامول غالي الثمن بـ2000 ليرة، والراتب شحيح كتير ما بيتجاوز الـ100 ألف ليرة. لذلك فإن مكافأة المسؤول ذات الـ100 ألف تجعل من كثير من الصحفيين أحرار جداً لدرجة التهافت عليه أينما وجد وأخذ تصريحاته العظيمة من نمط: “سنفعل، سنعمل، نعدكم”.