النساء والنوادي الرياضية.. العلاج لا يُبرر الاختلاط!
لماذا من الممكن أن نزور طبيب نسائية رجل ونرفض فكرة لعب الرياضة بنادي مختلط؟
تخوض “غالية” 42 عاماً صحفية، حرباً ضروساً مع زوجها منذ نحو الشهر، بعد طلب الطبيب إليها ممارسة الرياضة. دون أن تجد سوى نادياً رياضياً واحداً مناسباً لوقتها وقريباً من منزلها بريف اللاذقية، إلا أنه مختلط، وبالطبع جاء قرار الزوج بالمنع!
سناك سوري-رحاب تامر
تقول “غالية” لـ”سناك سوري”، إنها تجاهلت آلام الظهر التي بدأت تلازمها منذ صيف العام الفائت. حتى اشتدّت عليها لتجعلها عاجزة عن الوقوف بشكل مباشر بعد نصف ساعة من الجلوس خلف لابتوبها بقصد العمل.
توجهت السيدة إلى الطبيب الذي طلب إليها عدة صور، قبل أن يشخّص حالتها بعد أمراض، مثل جنف وانقراص فقرات إضافة إلى بداية ديسك. مع مشاكل أخرى في ركبتها نتيجة الثني المستمر لنحو 7 ساعات يومياً منذ عام 2017 وحتى اليوم.
الخطة العلاجية لا تتضمن أي نوع من الأدوية، فيما خلا بعض المكملات الغذائية الداعمة. مشترطاً عليها ممارسة الرياضة لـ5 أيام أسبوعياً على الأقل. وكون “غالية” تعيش في الريف فإن الخيارات أمامها ضيقة جداً، ولا يتواجد في قريتها سوى ناديان اثنان. الأول بعيد والأوقات التي خصصها للنساء لا تتناسب مع دوامها. والثاني المناسب مختلط طوال الوقت.
تصف “غالية” شخصيتها بالقوية كما أنها امرأة مستقلة مادياً، ومع ذلك شكّل رفض زوجها القاطع للفكرة عائقاً أمامها. ما أدخلها بحالة من الاكتئاب والعجز، وطلبت إليه حلولاً كونه يدرك حالتها الصحية، لتأتي الإجابة حاسمة: “ما بعرف بس نادي مختلط لا وألف لا”.
وشاع انتشار النوادي الرياضية المختلطة في سوريا خلال السنوات القليلة الفائتة، وعلى الرغم من أن الفكرة تبدو في ظاهرها دعماً لحرية النساء. إلا أنها رتبت الكثير من الأعباء عليهنّ خصوصاً في الأماكن التي لا تتعدد فيها الخيارات كحال تجربة “غالية”.
ممارسة الرياضة بالنسبة لـ”عائدة” 53 عاماً محامية، حاجة ضرورية لأسباب عديدة أولها صحي وثانيها رغبتها بالحفاظ على رشاقتها. خصوصاً في هذه المرحلة العمرية، كما تقول لـ”سناك سوري”، وتضيف أن فكرة ممارسة الرياضة بحرية وراحة هي العامل الأهم للوصول إلى النتيجة المطلوبة.
وبالنسبة لـ”عائدة”، فإن الراحة والحرية يكمنان في اتساع النادي وظروفه المكانية الجيدة إضافة إلى النظافة ووجود الأجهزة الحديثة. لذا فإنها انضمت إلى نادي مختلط وجدته الأنسب لها كونه الأقرب إلى منزلها. ولم تجد أي ممانعة من زوجها فهما وصلا إلى مرحلة عمرية تجاوزا فيها قصص “يلي بيصير ويلي ما بيصير”.
وتضيف أنها في بعض الأحيان تضطر لمماسة حركات رياضية معينة من الصعب إجرائها بحضور رجل قريب. لذا تحرص على اختيار الزمان والمكان المناسبين لممارستها، إضافة إلى ذلك تحرص على عدم ترك أي انطباع قد يجذب المتحرشين الذين تصفهم بالكثر في النوادي، مع اختلاف طرائقهم. فمنها طرق مباشرة فجّة ومنها غير مباشرة تنتهي بمجرد الرفض من المُتحرش بها.
ويعتبر النادي المختلط بيئة مثالية للمتحرشين، وهذا ما يفرض على إدارة النوادي المختلطة فرض المزيد من القوانين الصارمة. لحماية النساء من التحرش ودعمهم في مواجهة المتحرشين.
المشكلة في الشباب
ليس زوج “غالية” وحده من يرفض الفكرة، ها هي سلاف 35 عاماً موظفة عن بعد تقيم في سلمية بريف حماة. تقول لـ”سناك سوري”، إنها ترفض الفكرة بشكل قاطع، على الرغم من إدراكها عدم معارضة أهلها بحال أرادت.
يعود سبب الرفض، إلى مرّة كانت “سلاف” تنتظر صديقتها للانتهاء من التمارين الرياضية في النادي المختلط. لا تنسى الشابة كمية التنمر التي سمعتها من بعض الشباب الخارجين من النادي، مثل التنمر على شكل أجساد بعض الفتيات. وعبارات مثل: “ليك هالبرميل هي بدها نسف وشفط مو رياضة”. إضافة إلى بعض التعليقات ذات الإيحاءات الجنسية مثل: “شفتا كيف هزّت صدرها بالنط”.
تنمر وإيحاءات جنسية.. من يحمي النساء من التحرش في النوادي الرياضية المختلطة؟
ما سمعته الشابة من تعليقات، دفعها للتلبك رغم أنها غير منضمة للنادي، وهو ما قادها إلى رفض الفكرة تماماً.
ويتحمل الشباب مسؤولية كبيرة عن عدم قدرة كثير من النساء على دخول النادي الرياضي المختلط. ذلك إن محادثاتهم تلك تدفع المزيد منهم لتضييق الخناق على شقيقاتهم وزوجاتهم بحجة “لو تشوفي شو بيحكوا بين بعض على البنات بالنادي”.
لا أشعر بالراحة
على الرغم من عدم ممانعة أهل “حلا” 30 عاماً موظفة تعيش في دمشق للأمر، إلا أنها ترفض الفكرة، وذلك لسببين اثنين، الأول هو شعورها بالخجل، فهناك بعض التمارين التي تكون حركاتها مثيرة، وتردف أنه من الممكن في النادي لا أحد ينظر إلى الآخر والأمر نابع من داخلها فقط. إلا أنها لا تمتلك الجرأة.
أما السبب الآخر، فهو بحسب الشابة ما يشاع عن النوادي الرياضية المختلطة بأنها “للتطبيق فقط”. فالصبايا يزرنها للتعرّف على الشباب، والشباب كذلك، وهذا شيء سمعته كثيراً سواء في أحاديث الصبايا أو الشباب ما أبعدها عن قبول الفكرة تماماً.
ولدى سؤال “حلا” إن كانت تصرّ على زيارة طبيبة نسائية أنثى بحال اضطرت، قالت إنّ طبيبها رجل ولا تشعر بأي حرج. كون الموضوع طبي.
لا يختلف الحال لدى “ديالا” 28 عاماً موظفة من ريف دمشق، وتقول لـ”سناك سوري”، إنها سبق وتدربت على يد مدرب رياضة رجل. إلا أنه كان يعلمها الحركات الرياضية ويخرج وتقوم هي بإتمام المهمة وحين تنتهي تخبره ليأتي ويخبرها بالحركة التالية.
بالنسبة لـ”ديالا”، فإن معظم الحركات تتطلب منها استلقاء ورفع ساقين. وهذا ما يشعرها بالحرج بوجود الرجال، فلا تستطيع تنفيذ التمارين بطريقة كاملة كما لو كانت بمفردها.
ربما ماتزال فكرة النوادي المختلطة غير شائعة جداً، وقد تصبح يوماً سائدة، فهذا أمر يفرضه نمط الحياة المتسارع. ووجود نادي مختلط يسهل على الجميع ممارسة الرياضة دون أي تقيّد بوقت أو مكان معين.