الرئيسيةتقاريرعلمهم بمحبة

المدارس السورية نظرة خلف الأسوار

سوريا: طلاب ينظرون إلى مدارسهم على أنها أشبه بالسجن

سناك سوري – محمد العمر

لا تختلف المدارس السورية بشكلها عن بعضها البعض هو شكل واحد للمبنى المدرسي له آلاف النسخ المتشابهة في جميع المحافظات السورية، مجرد بناء واحد مستطيل الشكل و جامد التصميم يحيط به سورٌ إسمنتي عالٍ قد تعلوه أسلاك حديدية هدفها منع هروب التلاميذ بحكم تسليم المنظومة التعليمية بواقع كراهية المدرسة و أن الطلاب شبه سجناء في هذا البناء و لن يوفروا فرصة للهرب إن توفّرت لهم فالحل الوحيد الذي خرجت به وزارة التربية  بدل جذبهم إلى المدرسة و العمل على جعلها محببة للأطفال هو بناء سورٍ إسمنتي عالٍ قادر على حبس الطلاب و منعهم من الهروب خارج السجن اليومي المؤقت المفترض أنه “بيتهم الثاني” كما تقول الوزارة!
تفاجأت مجموعة من طلاب المرحلة الابتدائية بالسؤال عن شكل مدرستهم لم يتوقعوا سؤالاً كهذا فقد اعتادوا المبنى المدرسي رغم شعورهم بجموده، يقول ” عز الدين الحسين”طالب في الصف الخامس لـ سناك سوري: «المدرسة حلوة بس الصف صغير و المقاعد ما حلوة بينكسر ضهرنا منا» بينما تقول” رولا صباغ ” و هي طالبة في الصف السادس « السور عالي مشان ما يهربو الولاد بس أنا ما بهرب، بس الشبابيك كمان كلها شبك و حديد و الصف صغير بس حلو و عم يخلونا نحط رسمات عليه ليصير أحلى».

طلاب في معهد تعليمي خاص

اعتياد الطلاب على شكل المبنى الحالي و غياب شكل آخر جعلهم لا يستطيعون مقارنته ليشكلوا رأيهم به لكن طلاباً في الصف التاسع يداومون في معاهد خاصة أبدوا نقداً واضحاً للمدارس العامة حيث يصف “يوسف بابللي” و هو طالب في الصف التاسع الفرق بالكبير« في المعهد المقاعد مريحة و الصف واسع و مجهز بشكل أفضل حتى أن ألوان الجدران و الرسومات التوضيحية تجعله أجمل بينما في المدرسة الجدران رمادية و الشباك الحديدية على النوافذ و الباب حديدي و المقاعد من خشب و حديد كل شيء يبدو كئيباً في المدرسة عكس ما نراه في المعهد من إضاءة و ألوان و كراسي ملونة و طاولات جيدة»
يخسر البناء المدرسي في أية مقارنة مع المدارس أو المعاهد الخاصة التي تولي أهمية لشكلها الخارجي و للمظهر العام للصفوف و الممرات و تستخدم الألوان و الرسومات على الجدران إضافة إلى غياب الأسوار و النوافذ الحديدية و حضور كل ما يمكنه جذب الطلاب إلى المكان و جعله بيئة تعليمية مناسبة لهم.

اقرأ أيضاً “دروس المتابعة” تقضي على عملية التعلم.. حشو صباحي ومسائي وتلقين ببغائي

تناولت رسالة ماجستير قدمها الطالب “ناجي السلوم” لكلية التربية في جامعة البعث معايير جودة المبنى المدرسي و قد بحثت الرسالة عن المعايير المفترض تواجدها في المبنى المدرسي تحديداً في المرحلة الابتدائية و استناداً إلى متطلبات المناهج المطورة و قد خلصت الدراسة إلى اقتراحات لوزارة التربية حول المباني المدرسية أهمها الاهتمام بباحات المدارس لتوظف في الأنشطة التعليمية و تخصيص البناء المدرسي لمرحلة عمرية محددة و تزويده بما يناسب الطلاب في هذه المرحلة العمرية كما أوصت الرسالة بتكوين فريق عمل بحثي أكاديمي بين كليتي التربية و الهندسة المعمارية لوضع معايير شاملة تربوياً و معمارياً للمباني المدرسية.

طلاب في مدرسة حكومية

المرشدة النفسية “هيا شالاتي” أوضحت لـ سناك سوري أن شكل المبنى المدرسي له تأثير كبير على الأطفال حيث يتأثر الطفل في هذه المرحلة العمرية بالأشكال و الألوان التي تؤثر على اتجاهات الطفل نحو المدرسة فتكون عامل جذب لهم أو نفور، فالبيئة التعليمية مهمة عند الطلاب و تلعب التأثيرات البصرية دوراً مهماً ينعكس على صحتهم النفسية، كما تساهم الأشياء الملموسة و المحسوسة في تسريع عملية التعلم على عكس الأشياء المجردة و النظرية التي لا يتفاعل الطفل معها و في الحالة التعليمية يرتبط الشكل بالمضمون فالمجال المكاني الباهت يؤدي إلى بهوت المادة التعليمية المعطاة فلا بد من الربط في الإعطاء حيث تؤدي تغذية الحواس أولاً إلى تغذية العقل بشكل جيد.

و تبيّن “شالاتي” أن الأطفال على وجه الخصوص يحتاجون إلى الاعتناء بالبيئات التعليمية التي تحتضنهم و إلا فإن هذه البيئات لن تحقق الأهداف المرجوة منها، فالمواد التعليمية مثل الطعام لا تتم استساغتها بدون محفزات بصرية التي تمثل دور الشراب.
و شبهت “شالاتي” الشكل الحالي للمدارس بميدان حرب و من المهم تعديلها لتصبح مدينة سعادة و سلام.
مع توجّه وزارة التربية إلى تعديل المناهج القديمة و استبدالها بمناهج مطورة و العمل على تغيير طرائق التعليم بالتلقين و التوجه أكثر نحو التعلم بالتجربة و الاستنتاج و التعليم التفاعلي لا بد من إعادة النظر بشكل المبنى المدرسي التقليدي من حيث التصميم و الألوان و الأثاث ليصبح مكاناً محبباً أكثر للأطفال و ينعكس إيجاباً على صحتهم النفسية و أدائهم الدراسي.

يذكر أن سوريا شهدت تدمير آلاف المدارس التي يأمل الطلبة أن يعاد ترميمها أو بنائها بطريقة مختلفة عن السابق، طريقة تراعي متغيرات العصر وتحسن من جماليتها وجاذبيتها وهويتها البصرية.

اقرأ أيضاً سوريا: مدرّسة تقدم درس “الموسيقى” بأسلوب تفاعلي وتُنمي مواهب الطلبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى