الرئيسيةلقاء

 المترجم النسوي “عبد الله فاضل”: على النساء أن يكسبنّ الرجل لصفهنّ

حوار خاص مع كاتب رفد المكتبة العربية النسوية، وتكاد ترجمته لجودتها وأمانتها تقول إن المترجم يتبنى جميع أفكار الكتاب عن النسوية

سناك سوري – لينا ديوب

يبدو رفد المكتبة العربية بكتب تتعلق بالنسوية وقضايا النوع الاجتماعي، أمراً لافتاً حين يكون المترجم رجلاً، وحين تكون الكتب صعبة ككتاب “المرأة المخصية”، تكاد ترجمته، لجودتها وأمانتها، تقول: إن المترجم يتبنى جميع أفكار الكتاب عن النسوية والمراحل التي مرت بها بالغرب، ولا يختلف الأمر عن ترجمة كتاب “النسوية والقومية في العالم الثالث” الذي يكشف كذب الفكرة القائلة إن الفكرة مستوردة من الغرب.

هذه الكتابات يجب أن تخاطب الرجال

يقول المترجم عبدالله فاضل لسناك سوري: «رجل يترجم كتباً تتعلق بقضايا المرأة، لم لا؟ أعتقد أصلاً أن هذه الكتابات يجب أن تخاطب الرجال قبل النساء. إذ حتى تفعل أفكار التحرر فعلها يجب أن تغيّر الرجال كما تغير النساء، إن لم يكن قبلهن. في مجتمع بطريركي ذكوري، قد لا يكون من الممكن إحداث تغيير حقيقي لصالح النساء ما لم يحدث تغيير في ذهنيات الرجال، هذا جانب، وهناك جانب آخر، لك أن تقولي إنه أنانية، على نحو ما؛ فالمرأة الحرة فعلاً، الغنية فعلاً بأفكارها، والأكثر إحساساً بذاتها وبتحققها تساعد الرجل أيضاً ليكون أغنى وأكثر تحققاً. هي عملية باتجاهين، ويجب أن ينجح الاتجاهان، وإلا ظلت العملية منقوصة، مثل طائر بجناح واحد».

لقاء اهتمامات

المترجم الذي لم يختر العناوين، إنما كانت من اختيار دار النشر التي كانت صاحبتها صاحبة مشروع للتعريف بكتب النسوية وقضايا المرأة. تعارف المترجم والناشرة صدفةً، وحدث ما أسماه “لقاء اهتمامات”.

لا يرى المترجم ضرورة تبني الأفكار التي ترد في الكتب التي يترجمها، لكنه يرى أن المهم في هذه الكتب هو ما تثيره من تفكير وتأمل، وما تكسره من أفكار جاهزة ونمطية، بهذا المعنى أثّرت فيه كما يقول، مضيفاً: «كان دوري مترجماً أن أنقلها إلى العربية كما هي بكل ما فيها من زخم، وهو ما آمل أني نجحت فيه. أما الأفكار والتفاصيل فقد تتفقين معها وقد تختلفين. لا شك لدي في أنني وجدت في هذه الأفكار صدى أفكار وهموم كانت تخطر في بالي، أفكار أثارتها الحياة وأثارتها القراءات الكثيرة في هذا المجال وفي غيره. قرأت كتب نوال السعداوي وكتب الرائدات الاشتراكيات ألكساندرا كولونتاي وكتابها “المرأة الجديدة” وروزا لوكسمبورغ، ولا أعرف من غيرهن في مرحلة من العمر لم أكن قد سمعت بكلمة نسوية، ولم تكن فكرة الترجمة، ولا حتى فكرة إجادة لغة أجنبية، قد خطرت في ذهني».

اقرأ أيضاً: هل لدينا إجراءات رادعة لوقف العنف ضد النساء؟ – لينا ديوب

الترجمة هي الترجمة

لا تختلف ترجمة كتب النسوية بالنسبة لفاضل إلا من ناحية ضرورة أن يفهم المترجم الموضوع الذي يترجمه وكيفية التعبير عنه ومصطلحاته كما يقول، لكل موضوع، حسب رأيه، ولكل مؤلف لغته وأسلوبه وأحياناً مصطلحاته، والتحدي هو كيف ينقل كل ذلك إلى لغته، بالنسبة له: «كيف أنتج بالعربية نصاً يضاهي الأصل الإنكليزي؟ كان هذا هو السؤال الماثل أمام عيني وأنا أترجم كل فقرة، وربما كل جملة، من كتاب “المرأة المخصية”، فهو كتاب رفيع المستوى لما فيه من أدب وفلسفة وتاريخ وفن وعلم… كتاب يضع المترجم أمام أحد أمتع تحديات الترجمة. يسعدني أن ردود الفعل على النسخة العربية كانت على هذا النحو، أشعر أني قمت بعمل جيد».

ترابط النضالين الوطني والاجتماعي

ثمة أسئلة تتعلق بالتجربة السورية خطرت في بال فاضل عند العمل في ترجمة “النسوية والقومية في العالم الثالث”، فلم تكن لديه معرفة كافية بمساهمات النساء السوريات في تلك المرحلة من ترابط النضالين الوطني والاجتماعي، ودورهن في نشر الوعي والتعريف بحقوق المرأة، إلا أنه يخبر سناك: «يكفي وجود أسماء بارزة مثل نازك العابد وماري عجمي وعادلة بيهم الجزائري وثريا الحافظ وفاطمة سليمان الأحمد التي كانت تكتب باسم مستعار هو فتاة غسان، عداك عن الجيل اللاحق من النساء المناضلات، للظن بأنه كانت هناك حركة نسوية أو حركة لحقوق المرأة ليست قليلة الأهمية. ولا شك في أنه كانت هناك نساء أخريات ولكن هذه أول أسماء خطرت في بالي. ربما يكون مفيدا أن يقوم أحد ما بالإضاءة على ذلك الجانب في تلك المرحلة».

اقرأ أيضاً: “سوريا محفوض” رائدة نسوية سوريّة منسيّة

كتب تكشف الجانب الأنثوي

يظن فاضل أن كتابي “المرأة المخصية” و”اللغز الأنثوي”، على وجه الخصوص، “يساعدان المرء على أن يكتشف الجانب الأنثوي منه. فإن كان كما يقال داخل كل واحد منا مزيج أنثى وذكر، على الأقل على المستويين النفسي والهرموني، فالشخص الذي ولد بيولوجيا ذكراً، سيكون أحسن صحة نفسية وأحسن إنسانياً إذا فهم أكثر الجانب الأنثوي منه، والعكس صحيح، ولهذا يقول: بهذا المعنى نعم هذه الكتب تغير، وما نفع الكتاب إذا لم يغيرنا ولو قليلا”.

يضيف أيضاً: “سيكون خطأ كبيرا أن نعتقد أن قضايا المرأة خاصة بالمرأة، فمثل كل القضايا الكبرى في المجتمع، قضايا المرأة هي قضايا الجميع رجالا ونساء، ويكتسب هذا أهمية لأنك حتى تضمني النجاح لقضايا المرأة لا بد من أن تكسبي إلى صفها الرجال، وهذه سيرورة وعملية طويلة. لو أخذنا مثالاً صغيراً: هل يمكن أن تفوز النساء بالحق في التساوي في الإرث مع الرجال إذا كان الرجال ضده؟”

ترجم عبدالله فاضل عدداً من الكتب النسوية، هي: “اللغز الأنثوي” لبيتي فريدان، “المرأة المخصية” لجيرمين غرير، “نحو نظرية نسوية في الدولة” لكاترين ماكينون، “الدليل إلى دستور متوافق مع منظور النوع الاجتماعي (الجندر)”. وشارك في ترجمة كتب أخرى: “دفاع عن حقوق المرأة” لماري ولستونكرافت بالاشتراك مع علي صارم، “القومية والنسوية في العالم الثالث” لكوماري جاياواردينا بالاشتراك مع ضحوك رقية، “مقالات في النسوية” بالاشتراك مع ضحوك رقية. وهناك ترجمات أخرى لكنها ليست ذات صلة بالنسوية.

اقرأ أيضاً: لا أستطيع النوم قبل الكتابة عن اليوم العالمي للمرأة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى