الكاتب السوري حليم بركات … سرقته الغربة باكراً وختم الزهايمر أعوامه التسعين
صاحب غربة الكاتب العربي لم يأخذ رحيله صدىً في بلاده
يحضر اسم الكاتب السوري “حليم بركات” كواحد من أهم علماء الاجتماع والروائيين الذين تركوا أثراً هاماً على الساحة الثقافية العربية. ليكون ابن مدينة “الكفرون” المولود عام 1933 عَلماً من أعلام الثقافة السورية.
سناك سوري _ سدرة نجم
تغرّب “بركات” عن سوريا في عمر التاسعة عند وفاة والده. حيث توجّه مع أمه وإخوته إلى “لبنان” واستقروا هناك. حيث يقول في حديثه لمجلة المستقبل العربي أنه تدرّج في المستويات الدراسية بفضل عمل أمه وكفاحها.
درس الكاتب “حليم بركات” بداية في مدرسة “الكبوشية” في “بيروت”. وانتقل بعدها إلى ميتم في “جبل لبنان” قبل أن يدرس في المرحلة الإعدادية في ic التابعة للجامعة الأمريكية.
بدأ بركات بتكوين النظرة الأدبية في هذه المرحلة. حيث تأثر بالعديد من الشخصيات الأدبية التي كان أبرزها “جبران خليل جبران” و” سعيد تقي الدين” الذي يعِيد إليه الفضل في حب كتابة القصة.
تخرج الكاتب السوري من قسم علم الاجتماع عام 1955. وحصل على الماجستير فيها من الجامعة الأمريكية في بيروت بعد خمس سنوات. ليعود عام 1966 إلى الجامعة مدرّساً بعد حصوله على الدكتوراه من جامعة “ميشيغان”. لكنه لم يترقَّ في وظيفته فعاد إلى أميركا من جديد. واعتبر أن سبب ذلك اهتمامه بالقضية الفلسطينية وكتابه “نهر بلا جسور” الذي تحدث فيه عن أزمة اللاجئين. وفي “الولايات المتحدة” تابع مسيرته التدريسية في جامعات “هارفارد” و”تكساس” و”جورج تاون”.
بدأ “بركات” بتمثيل ظاهرة الاغتراب التي عاشها في ثمانينيات القرن الماضي. عبر أبحاث تتناول اغتراب المجتمعات العربية، لتتوّج أبحاثه في عام 2006 بكتابه”الاغتراب في الثقافة العربية:متاهات الإنسان بين الحلم والواقع”
وفي عام 2011 وضع “بركات” كتابه “غربة الكاتب العربي”. الذي تحدّث فيه عن تأثير الغربة عليه وعلى أقرانه من الكتّاب. متناولاً تأثير الغربة على شعر “أدونيس” فكر “إدوارد سعيد” . روايات “جبرا إبراهيم جبرا” مسرح “سعد الله ونوس” ولوحات “مروان قصاب باشي”.
وعن المرأة صرّح “بركات” في أحد لقاءاته عن رصده واقع المرأة وصراعها من أجل التحرر في روايته “بين السهم والوتر”، قائلاً:«ما أزال أؤيد التحرر الحقيقي والتغلب على الأبوية».
الزهايمر يداهم فكر بركات
أنتج”بركات” مؤلفات ودراسات وروايات عديدة أثناء مسيرته وترك وراءه 17 كتاباً في الرواية والسوسيولوجيا وأبرزها: رواية “القمم الخضراء”، “الصمت والمطر” “إنانة والنهر” و”طائر الحوم” أما عن دراساته التي قدمها فكان أبرزها: “حرب الخليج و المجتمع المدني في القرن العشرين”.
عانى “بركات” بحياته من الغربة التي أبقته بعيداً عن بلاده حتى آخر لحظات حياته. وقد أصابه مرض “الزهايمر” الذي أدى إلى إبقائه في مصحة خاصة في “الولايات المتحدة” إلى أن رحل في 23 حزيران الماضي عن عمر ناهز 90 عاماً ولم يأخذ رحيله صدىً كبيراً في “سوريا” على الرغم من أهميته الفكرية والثقافية فاقتصرت النعوات على عدد من أصدقائه.